44 موقعا أثريا جديدا اكتشفت بمنطقة الرحامنة، في إطار برنامج للأبحاث الأركيولوجية يشرف عليه المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، وجامعتا القاضي عياض بمراكش والحسن الثاني بالدار البيضاء.
ووفق بيان لوزارة الشباب والثقافة والتواصل فإن النتائج الأولى تظهر أن “هذه المنطقة عرفت أنشطة بشرية قديمة جدًا، ويعود عمرها، مقارنة بالمناطق الأخرى في المغرب، إلى أكثر من مليون سنة”، كما يوجد موقع “تحتوي طبقاته على لقى تنتمي إلى العصر الحجري القديم الأعلى، والمؤرخ في المغرب ما بين 22 ألف سنة و7 آلاف سنة”.
ومن بين المواقع المكتشفة ما يعود إلى “العصر الحجري الحديث، والمؤرخ بالمغرب ما بين 7 آلاف و3 آلاف سنة، ويحتوي على لقى تدل على وجود نمط للعيش يميل نحو الاستقرار وممارسة الزراعة”؛ فيما كشف موقعان عن “وجود مبانٍ تاريخية يحتوي أحدهما بمنطقة بوشان على عدد كبير من المطمورات”.
عبد الجليل بوزوكار، مدير المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، قال إن منطقة الرحامنة لم تعرف بحوثا ممنهجة وموسعة منذ ثمان وستين سنة، “رغم غناها الجيولوجي، والبشارات القديمة في سنوات الخمسينيات والستينيات، التي تتحدث عن آثار حديثة بها من عصر الموحدين بالضبط”.
وأضاف بوزوكار في تصريح لـ هسبريس: “هذه المنطقة في الخريطة تكملة لمحور وتاريخ مهم، ليس للمغرب فقط، بل للعالم، وهو محور من الصويرة مرورا باليوسفية، حيث إيغود، وصولا إلى الجبيلات وبن كرير وحوض بوشان المهم جدا جيولوجيا”، وتابع: “كان أول ما أعددناه خريطة أثرية للمنطقة. والأبحاث استفادت من تقنيات حديثة استعملناها، كالرصد بالأقمار الصناعية لتحديد المواقع (GNSS). وفي ظرف 15 يوما استطعنا تغطية 25 في المائة من تراب الرحامنة، عبر هذه التقنية التي اقتناها المعهد مؤخرا، وسنقتني آلتين أخريين من النوع نفسه”.
“هكذا، عبر تحريات شاملة لا تعني فترة واحدة، اكتشفنا 75 موقعا، من بينها 44 موقعا أركيولوجيا من فترة ما قبل التاريخ، وفترات تاريخية على الأرجح، وصولا إلى العصر الموحدي وما بعده. وهذه المواقع الأركيولوجية كلها تفوق كيلومترا مربعا، ومنها التي لها شكل حصون وبنايات، ومنها مطمورات”، يورد المتحدث ذاته؛ ثم استرسل موضحا أهمية المنطقة تاريخيا: “في هضاب الفوسفاط تتوفر المادة الأولية الصخرية، مثل الصوان، وهو حجر كان يستعمله الإنسان في صناعة أدواته، مع وجود الوديان. ولهذا وجدنا دلائل الزراعة، لا الرعي فقط. وفي العصر الإيبيرو – موري لم نكن ننتظر أن نجد دلائل الزراعة بمثل هذه المنطقة، لأن المجموعات البشرية المعروفة في الريفين الغربي والشرقي بكثرة، وأعطت كثيرا للإنسانية عبر اختراعات كانت لأول مرة في تاريخ البشرية، كانت تحبذ القرب من الساحل، ولهذا كانوا قليلين في الداخل، لكن في منطقة الرحامنة وجدناهم داخل طبقات، ما يمكن من التأريخ والتنقيب بشكل مريح”.
هذا الاكتشاف “مهم جدا، ومدهش”، وفق المشرف على الأبحاث الأركيولوجية، الذي واصل قائلا إن من بين ما يبرز أهميتها “تغطيتها فترةَ ما قبل التاريخ كاملة؛ ففي هذه المنطقة المهمة امتداد لمحور كبير من المحيط الأطلسي ناحية الصويرة وحاحا، إلى أم الربيع، يغطي جميع الفترات، وهذا مهم لنا، وفيها ثلاثة مواقع بها آثار تدل على وجود بشري يفوق مليون سنة، وهو أمر لم نكن ننتظره؛ ما يعني أن ما وجدناه في إيغود ليس بمحض الصدفة، بل هناك وعاء، والمنطقة لعبت دورا، لكن تأخرنا كثيرا في القدوم لها”، قبل أن يعد بالإفصاح عن معلومات أخرى بعد التمحيص العلمي والنشر، مسجلا في الآن نفسه ثقة علماء الآثار المشاركين في هذه الأبحاث في أن منطقة الرحامنة “ستفاجئنا”.
ثم اختتم المتحدث تصريحه بالقول: “لقد أجرى هذه الأبحاث باحثون في الجيومورفولوجيا وعلم الآثار، وطلبة دكتوراه تدربوا على الآلات الجديدة، واختار أحدهم إعداد أطروحته حول منطقة الرحامنة، وهذا مهم. وبما أن الأمر كبير ومهم جدا فمن الجيد الانفتاح على شراكات دولية ووطنية مع جامعات مرموقة”.
المصدر: وكالات