أنقرة/ الأناضول
الخبير الإسرائيلي في القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان البروفيسور نيف غوردون:
– المحكمة الجنائية الدولية ستوافق على إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ولن يتمكنا من السفر إلى 124 دولة عضو بالمحكمة
– من بين أسباب مذكرة الاعتقال التجويع وعدم السماح بدخول المساعدات الإنسانية وهي مشابهة جدا لحيثيات طلب جنوب إفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية
– تحركات المحكمة الجنائية ومحكمة العدل الدولية تحول إسرائيل ببطء إلى “دولة منبوذة” لدى المجتمع المدني والنخب الحاكمة في الغرب
رجح الخبير الإسرائيلي في القانون الدولي البروفيسور نيف غوردون أن يؤدي تحرك المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان نحو ملاحقة قادة إسرائيليين على خلفية الحرب على غزة إلى جعل إسرائيل “دولة منبوذة” لدى النخبة الحاكمة في الغرب.
والاثنين، كشف خان أنه يسعى إلى إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت وثلاثة من قيادات حركة المقاومة “حماس”؛ بتهم “جرائم حرب” و”جرائم ضد الإنسانية” و”إبادة” مرتكبة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ومنذ ذلك اليوم، يشن الجيش الإسرائيلي حربا على قطاع غزة، خلفت أكثر من 115 ألفا بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وقال غوردون، الأستاذ في قسم القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان بكلية الحقوق في جامعة كوين ماري بلندن، في مقابلة مع الأناضول، إن “مكتب المدعي العام لا يتقدم بطلب لإصدار مذكرة اعتقال دون وجود أدلة دامغة”.
خان قدَّم طلباته بشأن إصدار مذكرات الاعتقال إلى الدائرة التمهيدية في المحكمة الدولية (مقرها في لاهاي بهولندا)، مكونة من ثلاثة قضاة، وهي التي ستوافق أو ترفض هذه الطلبات، ولا توجد مدة محددة لإصدار قرارها.
وأضاف غوردون أنه “تمت الموافقة على جميع طلبات مذكرات الاعتقال التي قدمها مكتب المدعي العام حتى يومنا هذا”.
وتوقع أن تكون نتيجة الطلبات “إيجابية، وقد يستغرق الأمر بضعة أيام أو أسابيع، أو شهور كما رأينا في حالة أو حالتين في الماضي”.
وأعلن مسؤولون إسرائيليون حاليون وسابقون رفضهم تحرك خان، وأكدوا أنهم لا يعترفون بولاية المحكمة الجنائية الدولية، وزعموا أنها “تعادي السامية”، ودعوا حلفاء تل أبيب إلى وقف تمويلها، بل وتفكيكها، وشددوا على ضرورة تصعيد الحرب على غزة.
وإسرائيل ليست عضوا في المحكمة ولا تعترف بولايتها القضائية، بينما في 2015 تم قبول عضوية فلسطين في المحكمة التي تأسست في 2002، وهي هيئة دولية مستقلة غير تابعة للأمم المتحدة أو أي مؤسسة دولية أخرى، وتعد قراراتها ملزمة.
وانطباق ولاية المحكمة الجنائية الدولية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، حتى وإن كانت إسرائيل ترفض هذه الولاية، يجعل المحكمة قادرة على محاكمة مسؤولين إسرائيليين متهمين بارتكاب جرائم في الأراضي الفلسطينية.
124 دولة
غوردون قال إنه “من بين أسباب مذكرة الاعتقال عناصر مثل التجويع وعدم السماح بدخول المساعدات الإنسانية، وهي مشابهة جدا لحيثيات الطلب الذي قدمته جنوب إفريقيا إلى محكمة العدل الدولية (مقرها في لاهاي أيضا)”.
وتتهم جنوب إفريقيا إسرائيل بارتكاب جرائم “إبادة جماعية” بغزة، وأمرت محكمة العدل الدولية (أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة)، في يناير/ كانون الثاني الماضي، تل أبيب باتخاذ تدابير مؤقتة لمنع وقوع أعمال “إبادة جماعية”، وتحسين الوضع الإنساني بالقطاع.
ورغم هذه الأوامر، ورغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فورا، تواصل إسرائيل حربها على قطاع غزة، الذي تحاصره للعام 18، وأجبرت حربها نحو مليونين من سكانه، البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني، على النزوح في أوضاع كارثية.
وأعرب غوردون عن اعتقاده بأنه “بعد الطلب الذي تقدمت به جنوب إفريقيا، أدركت المحكمة الجنائية الدولية أنها لم تعد قادرة على البقاء محايدة، وأن عليها أن تفعل شيئا ما”.
ولفت إلى أن الدول الـ124 الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية “ملزمة قانونا باعتقال كل مَن تصدر المحكمة بحقه مذكرة اعتقال”.
وشدد على أن القرار “مهم للغاية” بالنسبة لنتنياهو وغالانت، مضيفا: “أعتقد أن غالانت ونتنياهو لن يتمكنا من السفر إلى الدول الأعضاء في المحكمة”.
ووفق خان، فإن نتنياهو وغالانت يتحملان المسؤولية الجنائية عن “جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية” في غزة “منذ 8 أكتوبر الماضي على الأقل”، وتتضمن “تجويع المدنيين باعتباره جريمة حرب”، و”التسبب عمدا في معاناة شديدة أو إلحاق أضرار جسيمة بالجسم أو الصحة”.
كما تشمل، حسب خان، “القتل العمد”، و”توجيه الهجمات عمدا ضد السكان المدنيين باعتبارها جريمة حرب”، “و”الإبادة و/أو القتل”، و”الاضطهاد باعتباره جريمة ضد الإنسانية”، و”الأفعال اللاإنسانية الأخرى باعتبارها جرائم ضد الإنسانية”.
دولة منبوذة
ومن المتوقع، وفق غوردون، أن يتغير التصور تجاه إسرائيل في الغرب، بالتزامن مع التدابير الإضافية التي طلبت جنوب إفريقيا من محكمة العدل الدولية فرضها على إسرائيل بسبب هجومها الراهن على رفح، ومذكرات الاعتقال المرتقبة من المحكمة الجنائية الدولية.
ومنذ 6 مايو/ أيار الجاري، تشن إسرائيل هجوما بريا في مدينة رفح (جنوب)، واستولت في اليوم التالي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح البري مع مصر؛ مما تسبب في إغلاقه أمام المساعدات الإنسانية المحدودة بالأساس.
وأجبرت إسرائيل 810 آلاف فلسطيني على النزوح قسريا من رفح، حيث كان يوجد قبل الهجوم نحو 1.5 مليون فلسطيني، بينهم قرابة 1.4 مليون نازح من مناطق أخرى في القطاع، الذي يعاني شحا شديدا في الغذاء والماء والدواء.
وقال غوردون: “أعتقد أن تغيّر التصور هذا سيؤدي إلى أن تصبح إسرائيل ببطء دولة منبوذة، ليس فقط بين المجتمع المدني في الغرب، ولكن أيضا بين النخب الحاكمة”.
وإلى جانب نتنياهو وغالانت، كشف خان أنه تقدم أيضا بطلبات لإصدار مذكرات اعتقال بحق 3 من قيادات “حماس”، هم إسماعيل هنية ويحيى السنوار ومحمد ضيف؛ بزعم ارتكاب “جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية” في إسرائيل وغزة منذ 7 أكتوبر الماضي.
وتشمل هذه المزاعم “الإبادة والقتل باعتبارهما جرائم ضد الإنسانية”، و”احتجاز الرهائن باعتباره جريمة حرب”، و”الاغتصاب وغيره من أعمال العنف الجنسي باعتبارها جرائم ضد الإنسانية”، و”التعذيب باعتباره جريمة ضد الإنسانية، وغيرها من الأعمال اللاإنسانية باعتبارها جريمة ضد الإنسانية”.
ونفت “حماس” صحة هذه المزاعم، ودعت إلى عدم إصدار مذكرات اعتقال بحق قادتها، وأكدت أن أي أوامر تصدر عن المحكمة بحق قادة المقاومة “تخالف المواثيق والقرارات الأممية التي أعطت الشعب الفلسطيني وكافة شعوب العالم الواقعة تحت الاحتلال الحق في مقاومة الاحتلال بكافة الأشكال”.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات