يتواصل المسلسل الجزائري لمحاولة توريط عدد من الدول العربية في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، عبر إجلاس بعض من مسؤوليها الأمنيين والعسكريين جنبا إلى جنب مع بعض قادة جبهة البوليساريو وإرسال إشارات إلى المملكة فيما يتعلق بوحدتها الترابية.
مسلسل وصلت حلقاته الأخيرة إلى ليبيا ومصر، اللتين حظيت مشاركة وفودهما العسكرية في اجتماعات لمنظمة “قدرة إقليم شمال إفريقيا”، التابعة للاتحاد الإفريقي، المقامة بالجزائر خلال الفترة الممتدة من 2 إلى 6 ماي، إلى جانب وفد من “الجمهورية الوهمية”، بتغطية كبيرة من وسائل الإعلام الجزائرية.
فقد أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية عن مشاركة السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الجزائري، في الاجتماع الحادي عشر لرؤساء الأركان والاجتماع العاشر لوزراء دفاع “الدول الأعضاء” في المنظمة، إلى جانب كل من محمد علي حداد، رئيس هيئة الأركان العامة لحكومة الوحدة الوطنية الليبية، واللواء عصام الجمل، مساعد رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، بحضور ما يسمى “رئيس أركان جيش التحرير الصحراوي”.
هذه الاجتماعات أثارت تكهنات كثيرة حول المواقف الحقيقية لكل من طرابلس والقاهرة بخصوص قضية الوحدة الترابية للمملكة، وحول قبول وفودها العسكرية الجلوس جنبا إلى جنب مع ممثلي الجبهة الانفصالية برعاية جزائرية، وطرحت أسئلة كثيرة حول مدى وعي هذه الدول بـ”المحاولات الخبيثة” لإشراكها بشكل غير مباشر في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
ليبيا.. هدف أمني محض
عادل عبد الكافي، عقيد ليبي مستشار عسكري سابق للقائد الأعلى للجيش، علق على حضور محمد علي الحداد في هذه الاجتماعات بالقول إنه “يأتي في سياق أمني مقلق مرتبط بتطورات الوضع في السودان وحالة السيولة الأمنية التي تشهدها منطقة الساحل، والتي تشكل خطرا على أمن الدولة الليبية وعلى المنطقة ككل”.
وبالتالي، فالمؤسسة الأمنية الليبية، يضيف عبد الكافي، “تحاول ما أمكن التواجد في مثل هذه اللقاءات بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى”، معتبرا أن “الهدف منها أمني محض، وهو تبادل المعلومات الأمنية والعسكرية مع بعض دول الجوار بشأن المجموعات الإرهابية التي تنشط على الحدود الليبية”.
المتحدث لجريدة هسبريس الإلكترونية أكد أن حالة الضعف التي تمر منها بلاده، في ظل الانقسام السياسي والعسكري بين الشرق والغرب، “لا يمكن أن يكون معها لليبيا أي مواقف تجاه قضايا المنطقة، فهي تسعى، في ظل الإمكانيات المتاحة، للتواجد في مثل هذه المحافل لإيجاد موقع لها في المشهد الأمني، بعيدا عن أي تجاذبات سياسية مرتبطة بقضايا المنطقة”.
وعن موقف المؤسسة العسكرية الليبية من القضية الوطنية، رد عبد الكافي بأن “الليبيين لا يمكن أن ينكروا الدور المهم للمملكة المغربية في احتضان عدة حوارات سياسية ولقاءات للقيادات العسكرية من أجل حلحلة الأزمة الليبية والوصول إلى توافقات تنهي الاقتتال والتطاحن الدائر بينهم”.
مصر.. موقف ثابت
من جهته، أكد عباس الوردي، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس، أن “الموقف المصري الرسمي من قضية وحدتنا الترابية موقف واضح سبق أن أكده وزير الخارجية المصري في عديد لقاءاته مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، وهو أن القاهرة مع مغربية الصحراء”.
وأفاد الوردي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن “ما يجمع المملكة المغربية وجمهورية مصر العربية أكبر مما يمكن أن يزج بعلاقتهما في إطار جلوس ممثل كيان انفصالي إلى جانب مسؤول عسكري مصري”.
وشدد أستاذ القانون العام على أن التغطية الإعلامية الكبيرة التي حظيت بها هذه الاجتماعات، لا تعدو أن تكون “حركة من حركات الجزائر التي تحاول الزج بمجموعة من الدول التي لها علاقة استراتيجية مع المملكة في النزاع المفتعل حول الصحراء”، مضيفا: “ليست هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها الجزائر بهذا الفعل، فقد سبق أن فعلت ذلك في عديد المناسبات والاجتماعات، على غرار قمة تيكاد في العام الماضي”.
وخلص المتحدث لهسبريس إلى أن “العالم بات يقف على أن الجزائر تدير حربا بالوكالة ضد المغرب، وعلى أن الدبلوماسية المغربية أصبحت مؤرقة للنظام الحاكم في الجزائر”.
المصدر: وكالات