أجمعت فرق الأغلبية النيابية، خلال مناقشة التوجهات الكبرى للسياحة بالمملكة في جلسة عمومية للأسئلة الشفهية الشهرية الموجهة إلى رئيس الحكومة، أمس الاثنين، على وجود “نَفَسٍ جديد يرافق الإنجاز السياحي وطنيا ويحفز تحقيق التعهدات التي رُفعت عند بداية هذه الولاية الانتدابية” التي يقودها التجمع الوطني للأحرار إلى جانب حزب الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال.
“دينامية متواصلة”
حفيظ وشاك، النائب البرلماني عن فريق التجمع الوطني للأحرار، تحدث، في تعقيبه، عن ما وصفه بـ”المنجزات المهمة التي حققها قطاع السياحة ببلادنا”، (…) قائلا إن “الإقلاع الكبير للسياحة الوطنية دليل على حنكة الحكومة وإصرارها على تخطي مختلف الإكراهات واستكمال النهضة التنموية التي تعرفها بلادنا وتجاوز هدر الزمن السياسي”.
وأورد وشاك، في مداخلته، أن “الحكومة عملت بشجاعة كبيرة على مواجهة تداعيات هذا الوباء على الاقتصاد الوطني”، معتبرا أنها “توفقت في تحقيق منجزات لم يكن يتوقعها حتى أكثرنا تفاؤلا”.
وزاد النائب البرلماني عن فريق التجمع الوطني للأحرار: “سياحتنا الوطنية أسوة بقطاعات أخرى، وبفضل المجهودات التي بُذلت، أعادت الكثير من الأمل في المستقبل؛ بل إن العرض الوطني عرف انتعاشا كبيرا تجلى في تسجيل أرقام غير مسبوقة خلال سنة 2024، حيث بلغ عدد الوافدين أكثر من 17 مليون سائح”.
بالنسبة للمتحدث، فإن الأمر “اعتراف دولي بأن بلدنا وجهة سياحية مهمة ترسخ صورة البلد المستقر سياسيا، المزدهر اقتصاديا، والمؤهل أمنيا، بلد يتمتع بالتنوع الطبيعي والثقافي وبعمق حضاري ضارب في التاريخ، بلد له شعب كريم مضياف ومنفتح على كل الثقافات والأجناس”.
وأبرز وشاك: “الجهاز الحكومي جسد فعليا وفي زمن قياسي طموح بلادنا في المجال السياحي الذي يتزامن مع ما ينتظرنا من تحديات مرتبطة بتظاهرات عالمية كبرى تجعل من الاجتهاد في تطوير الطاقة الإيوائية الجديدة هدفا استراتيجيا”.
وقال: “بلادنا ستتجاوز هدف توفير 40 ألف سرير في حدود 2026، ولما لا 150 ألف في حدود 2030 أي موعد العرس الكروي الدولي”، لافتا إلى أن “الرهان على تطوير سياحتنا الوطنية يمر حتما عبر جودة الحكمة والبرامج الهيكلية التي هي العمود الفقري لكل سياسة ناجعة. وكذلك من خلال الالتقاء مع السياسات العمومية الأخرى، وخصوصا تلك التي تسعى إلى تقليص الفوارق بين الجهات”.
من جانبه، قال محمادي توحتوح، النائب عن فريق “الحمامة”، إن “الحكومة تمكنت من تحويل التحديات إلى فرص”، من خلال “تحقيق هدف استراتيجي قبل سنتين، وهو المتعلق بعدد السياح الوافدين المبرمج لسنة 2026، مما يدل على دقة التخطيط ونجاح التنفيذ والجودة في الإنجاز”، مبرزا إلى أن “الأرقام المحققة في قطاع السياحة العام الماضي تتجاوز كثيرا تلك المحققة سنة 2019؛ مما جعل المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا”.
كما أشار توحتوح إلى “انتقال المغرب من الرتبة الرابعة والثلاثين سنة 2019 إلى الرتبة الثانية والعشرين سنة 2022 حسب الترتيب الذي قدمته منظمة السياحة العالمية”، خالصا إلى أن “ما تحقق من منجزات في القطاع السياحي ليس بمحض الصدفة؛ بل يعكس بالملموس حرص الحكومة على تنفيذ التوجيهات الملكية التي تخص هذا القطاع بعناية كبيرة وجعله قاطرة قوية للتنمية والتشغيل وضمن الأولويات الوطنية من خلال مختلف المبادرات الحكومية”.
“إنجازات كبيرة”
نور الدين البيضي، النائب عن فريق الأصالة والمعاصرة، ذكر بـ”الدينامية المتواصلة” التي يعرفها القطاع السياحي “في ضوء النتائج المشرفة التي حققها هذا القطاع الحيوي بوصفه رافعة من رافعات التنمية الشاملة ببلادنا”، مضيفا أن “استقبال أكثر من 17 مليون سائح إلى حدود نهاية شهر دجنبر 2024 عنوان فخر واعتزاز”، وقال: “هذا لم يكن ليتحقق بهذه الصورة المشرفة لولا نعمة الاستقرار التي يتمتع بها بلدنا الحبيب وشعبه العظيم”.
وذكر المتحدث عينه أن “الأرقام والنتائج المحققة على المستوى السياحي تعكس المكانة الكبيرة التي توليها الحكومة لهذا المجال الحيوي؛ وهو ما تجسد عمليا بحجم الاعتمادات التي خصصتها بهدف تطوير هذا القطاع الاستراتيجي”، مضيفا: “الجهود الكبيرة التي يبذلها العاملون في هذا المجال، ناهيك عن المساهمة الفعلية في القطاعين العام والخاص”.
هذه الجهود، وفق النائب عن “البام”، ساهمت في “تعزيز وترسيخ مكانة السياحة المغربية على الصعيد الدولي؛ وهو الأمر الذي يفسر الزيادة المحققة في 2024 التي فاقت نسبة 20 في المائة مقارنة بنسبة 2023، أي ما يعادل حوالي 3 ملايين سائح إضافي”.
وزاد: “وبموازاة ذلك، شهد عدد من المغاربة المقيمين بالخارج ارتفاعا مهما بلغ 8.6 ملايين سائح، أي بزيادة قدرها 17 في المائة؛ مما يعني استمرار المغرب كوجهة سياحية مفضلة لدى كلا هاتين الفئتين”.
وأورد المتحدث عينه أن “تنظيم المغرب لكأس العالم 2030 يمثل فرصة فريدة من أجل تقوية ديناميكية نمو الاقتصاد الوطني وخلق المزيد من فرص الشغل وتعزيز الجاذبية السياحية للمملكة والترويج للقيم الكونية والمثل العالمية، وتعزيز وتطوير المنتجات والعروض السياحية في المجال الرياضي”، متحدثا أيضا عن “تحسين وتجويد البنية التحتية السياحية وتطوير أساليب الترويج السياحي عبر الإنترنيت والمواقع الإلكترونية”.
كما ثمّن الفاعل عينه التوجهات الملكية المتعلقة بإعادة تأهيل المناطق المتضررة من زلزال الحوز، والذي شمل إجراء تقييمات دقيقة خاصة بأضرار المؤسسات السياحية المتضررة والتي يتجاوز عددها 767 مؤسسة إيواء، داعيا في هذا السياق وكالة التنمية الأطلس الكبير إلى تسريع وتيرة الاستجابة لطلبات الاستفادة من الدعم المالي لإنعاش السياحة وإعمار المناطق المتضررة”.
“سياسات تقاطعية”
منصف الطوب، النائب عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، سجل بـ”إيجابية وفخر واعتزاز ما بذلته بلادنا من جهود مهمة من أجل توفير البنيات التحتية والتجهيزات اللازمة وإرساء إطار قانوني ومؤسساتي لتنظيم القطاع السياحي لتنجح بذلك في تحسين أدائه”، معتبرا أن “الجهد تجسد بشكل ملموس من خلال الإنجاز الاستثنائي واستقبال 17.4 ملايين سائح، بفضله صارت بلادنا الوجهة الأولى في إفريقيا”.
وبالنسبة للطوب، فإن الأمر تحقق بفضل “حكومة منسجمة تراهن على مغرب متقدم على تنمية مستدامة في بلادنا”، مضيفا أن “هذا الإنجاز الكبير يتميز هذه المرة بتنوع الأسواق السياحية”، وزاد: “إلى جانب الأسواق التقليدية، نلاحظ نموا متصاعدا لأخرى جديدة، من قبيل الصين والبرتغال والسنغال وكندا، إلى جانب مغاربة العالم”.
وأورد المتحدث أن “الأمر مهم أيضا من حيث الوجهات السياحية، إذ شملت المناطق الجنوبية؛ بما فيها أساسا العيون الساقية الحمراء الداخلة وادي الذهب”، مرجِعا ذلك “إلى الرؤية الجديدة التي اعتمدتها الحكومة بجعل القطاع السياحي في صلب السياسات العمومية والقطاعية، ووضع خارطة طريق لتنزيل هذه السياسة السياحية بهدف تنويع العرض السياحي وتثمين الموارد البشرية ومواكبة المقاولات في هذا القطاع”.
وتابع قائلا: “هذا الإنجاز الكبير يجعل بلادنا أمام تحدٍّ أكبر”، مضيفا أنه “لا يهم فقط الحفاظ على هذا المكسب؛ ولكن كذلك تعزيزه بشكل قوي واستغلال جميع الفرص التي يتيحها الطلب الوطني والعالمي وما يتوفر عليه المغرب من مؤهلات كبرى لتعزيز الرهان عليها حتى يكون القطب الأكثر جاذبية على المستوى الإقليمي والقاري والدولي في هذا القطاع”.
وخلص النائب عن فريق “الميزان” إلى أنه “لا شك في أن الحكومة قادرة على ربح هذا الرهان عندما جعلت من التنمية السياحية متعددة الأبعاد والمرامي إحدى أولويات عملها بما تقتضيه من ضرورة نهج حقيقي لتعزيز التلقائية السياسة القطاعية المتعلقة بالسياحة”؛ وذلك “بهدف منح الفاعلين في القطاع إطارا واضحا لتوجهات الحكومة وأولوياتها وأهدافها ووسائل وأدوات تدخلاتها”.
المصدر: وكالات