أصبح مصير النظام الأساسي لموظفي قطاع التربية الوطنية مثار علامة استفهام، لاسيما بعد أن نفضت النقابات التعليمية الأربع التي وقعت على اتفاق 14 يناير 2023 يدها منه، متهمة وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بعدم تضمين التعديلات التي اقترحتها في النسخة النهائية من النظام الأساسي المثير للجدل.
وفي وقت يستمر شكيب بنموسى في التمسك بالنظام الأساسي، الذي وضعته وزارته ونُشر في الجريدة الرسمية، فإن متتبعين يرون أن الرفض الواسع الذي قُوبل به يوجب سحبه، كخطوة أولى لامتصاص الاحتقان الذي يسم الساحة التعليمية، على أن يتم إعداد نظام أساسي جديد يستجيب لتطلعات نساء ورجال التعليم.
عبد الإله دحمان، الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، قال إن حتمية إعادة النظر في النظام الأساسي الذي لم يمض على خروجه إلى حيز الوجود سوى شهر واحد “تؤكدها حالة الإجماع غير المسبوق تاريخيا التي تشهدها الساحة التعليمية رفضا له”.
وأضاف دحمان، في تصريح لهسبريس، أن “الرفض الذي يلاقيه النظام الأساسي لموظفي قطاع التربية الوطنية هو رفض عام، سواء من طرف النقابات أو التنسيقات التي كان موقفها منه واضحا منذ البداية، واعتبرت أن الأرضية التي حددت توجهاته ستُنتج منتجا مشوها، أو حتى النقابات التي شاركت في الحوار القطاعي، عدا الفصيل النقابي المنسحب قبل اتفاق 14 يناير”.
واعتبر النقابي ذاته أن الرفض العام الذي وُوجه به النظام الأساسي لموظفي قطاع التربية الوطنية “يعكس صواب موقف النقابات التي عارضته منذ البداية”، مبرزا أن “هذا الإجماع التام يحمل رسالة فحواها أن مسار هذا النظام الأساسي الذي تعتبره الحكومة ووزارة التربية الوطنية نتاج الحوار القطاعي كان مختلا”.
وبخصوص مآل النظام الأساسي لموظفي قطاع التربية الوطنية، في ظل الاحتقان الذي تشهده المنظومة التعليمية بسببه، أورد المتحدث ذاته: “على الوزارة أن تتفاعل مع دعوات تجاوُز ما حصل، ولا بد للحكومة أن تتدخل لفتح حوار حقيقي متعدد الأطراف، وفق جدول زمني واضح، شعاره إسقاط النظام الأساسي والتفاوض حول نظام جديد يحقق العدالة والإنصاف بين جميع مكونات الشغيلة التعليمية”.
وجوابا عن سؤال بشأن ما إن كان الوزير بنموسى سيتراجع عن النظام الأساسي الذي وضعته وزارته، رغم تأكيده المستمر على تشبثه به، قال دحمان إن ما تعيشه الساحة التعليمية يعني الحكومة ككل، وليس وزارة التربية الوطنية وحدها، وزاد موضحا: “الحكومة تتحمل المسؤولية، وهذه الحالة من الغليان تعني أن وزير التربية الوطنية فشل في تدبير النقاش، وعلى الحكومة أن تتدخل وتساعده في إطار التضامن الحكومي، وبتفاوض مع كافة الأطراف المعنية، من أجل تصحيح المسار، وذلك من خلال إعادة النظر في النظام الأساسي، وليس ترقيعه”.
ورغم أن النقابات التعليمية التي وقعت على اتفاق 14 يناير، الذي مهّد لصياغة النظام الأساسي لموظفي قطاع التربية الوطنية، عبرت بدورها عن رفضها النظام المذكور، إلا أنها أصبحتْ تتحاشى التفاعل الإعلامي، بعد الانتقادات اللاذعة التي طالتها من طرف تنسيقيات نساء ورجال التعليم.
وحاولت هسبريس التواصل مع مسؤولي النقابات التعليمية الأربع، من أجل استقاء رأيها في الموضوع، دون جدوى، في حين لم يتسن أيضا التواصل مع وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، لمعرفة ما إن كان سيتراجع عن النظام الأساسي الذي تسبب في شلل المنظومة التعليمية خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، بسبب إضراب الأساتذة.
ويظهر أن الجبهة الواسعة الرافضة للنظام الأساسي لا تريد فقط مراجعة نقاط معينة فيه، بل تطالب بإعادة النظر فيه بشكل شامل، بحسب عبد الله غميميط، الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي، معتبرا أن “على الوزير أن يسحب المرسوم، ويجلس مع جميع الأطراف المعنية، لأن الأمر تجاوز النقابات، ووصلنا إلى درجة عالية من الاحتقان”.
وأشار غميميط، في تصريح لهسبريس، إلى أن إضراب نساء ورجال التعليم والوقفات الاحتجاجية التي شملت 82 إقليميا، بما في ذلك المناطق النائية، “يعني أننا لسنا أمام رد عاطفي أو مزايدة، بل نحن إزاء انعكاس لحالة إحباط كبيرة بعد انتظار أن يأتي النظام الأساسي بنتائج إيجابية، ولكن ذلك لم يحصل”.
واعتبر الفاعل النقابي ذاته أن ردود الفعل الرافضة للنظام الأساسي “لا يمكن مجاراتها بالتصريحات المدافعة عنه، بل بالحوار مع جميع الأطراف”، ذاهبا إلى القول إن “الفيصل هو الإرادة السياسية، فإذا كانت للوزارة إرادة سياسية لطي هذا الملف فسوف يتم الوصول إلى حل لمختلف الملفات العالقة، وإلا فقد يتطور الاحتقان وتخرج إطارات أخرى للاحتجاج على غرار جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ، إذا لم يكن هناك حفاظ على الزمن المدرسي”.
المصدر: وكالات