“دار الضمانة أو “باريس الصغيرة” لقبان يطلقان على مدينة وزان، قبل أن تتحول سنة 2009 إلى عاصمة لإقليم؛ غير أن العديد من أبنائها يرون اليوم أن “لعنة طالتها” وأن “حالها يتحول من سيء إلى أسوأ”، بتعابيرهم المتطابقة.
كثيرون هم الذين لا يعرفون عن المدينة سوى ماضيها المشرق وأضرحة أوليائها؛ لكنهم يجهلون أن هذه المدينة ذات المؤهلات الطبيعية والتاريخية تشهد ركودا على مستوى تنزيل الأوراش والمشاريع العمومية المفتوحة، والمنتقدون أداء المنتخبين ينتقدون، أيضا، “صمت سلطة الوصاية التي بمقدورها المساهمة في بلوغ الغايات المنشودة”.
تشخيص للوضعية
نور الدين عثمان، فاعل حقوقي، قال لهسبريس إن الأمور بمدينة وزان ليست بخير وغير طبيعية بالمرة، محذرا من انفجار الأوضاع في حالة عدم التفاعل والتحرك لأجرأة حلول واقعية بنتائج ملموسة على أرض الواقع، وحتى لا يبقى مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة مجرد شعار رنان، بتعبيره.
ودعا الفاعل الحقوقي السلطات الإقليمية إلى ضرورة رفع تقاريرها إلى الجهات المسؤولة مركزيا حول هذه المشاريع المتوقفة والمتعثرة دون اللجوء إلى تزييف الوقائع والتقارير وتغليط السلطات المركزية، مشيرا إلى أن وزان تعيش الحضيض على عكس ما يتم تقديمه في تقارير وزارة الداخلية.
وأرجع عثمان الركود التنموي الذي تعرفه مدينة وزان بالأساس إلى السياسة التي تنهجها المجالس المتعاقبة على تدبير شؤون المجلس الجماعي، ومن بينها المجلس الحالي، مشيرا إلى أن المصلحة العامة هي آخر ما يفكر فيه المسؤولون بالمدينة وأول ما يضعونه أمام نصب أعينهم هو ما يتعلق بالسياسة.
وشدد المتحدث على أن الوضع المزري الذي تعرفه مدينة وزان لن يتغير إلا بزيارة ملكية ولجان مركزية لتقصي الحقائق في المشاريع المتوقفة أو المتعثرة أو المنتهية والتي تغيب عنها شروط الجودة، معطيا المثال بالمقطع الطرقي بالقرب من دار الشباب المسيرة.
تساؤلات مفصلية
تعثر المشاريع بمدينة وزان صار حديث الشارع، كما تتناقله صفحات مواقع التواصل الاجتماعي؛ غير أن ذلك لم يخرج مسؤولي مدينة الأولياء من سباتهم للتواصل مع الساكنة والإفصاح عن مسببات هذا التعثر، هل يتعلق الأمر بلعنة أم سوء تدبير؟.
وتعيش مدينة وزان، حسب عدد من الفاعلين الجمعويين المتتبعين للشأن العام المحلي ممن استقت جريدة هسبريس الإلكترونية آراءهم، في دوامة الإقصاء والتهميش والعزلة والفقر بشتى أشكاله، متسائلين: متى ستنال المدينة نصيبها من التنمية؟.
المركب الثقافي، تهيئة شارع محمد الخامس، المحطة الطرقية مشاريع من بين أخرى متعثرة لأسباب تظل مجهولة، في ظل تواصل عليل من قبل الجماعة الترابية، وصمتها الرهيب الذي خلف حالة من الانسداد والفوضى انعكست سلبا على الوضع التنموي؛ وهو ما جعل الوزانيات والوزانيين يوجهون أصابع الاتهام إلى المسؤولين المنتخبين الذين يتحملون المسؤولية بسبب فشلهم في تدبير أمور المدينة بالشكل الصحيح والمطلوب، وإلى السلطات الإدارية لكون بعض مصالحها تضع العصا في عجلة التنمية المحلية أو لا تقوم بالدور المنوط بها.
حضور المال وتعثر التنمية
رشيد لغويبي، فاعل مدني ومجتمعي، قال إن ما يحدث في وزان من مشاهد التخبط والعشوائية في إنجاز أوراش التأهيل الحضري يمكن تلخيصها في ثلاثة محاور: إهدار للفرص التنموية، وتبذير للمال العام، وخروج عن النص.
وبخصوص المحور الأول، أوضح لغويبي، في تصريح لجريدة هسبريس، أنه بالنظر إلى حجم العشوائية التي واكبت مجموعة من مشاريع التأهيل الحضري طوال السنوات الماضية والتي كان بالإمكان لهذه الأوراش لو تم إنجازها في وقتها أن تؤدي وظيفتها التنموية مثلما هو حاصل في حواضر أخرى مشابهة لوزان بما يعود بالنفع على الساكنة، هذه الأخيرة التي أصبحت وبالنظر إلى الوضع القائم تجد في مغادرة مسقط رأسها خيارا وحيدا ينقذها من شبح البطالة والكساد والتهميش.
أما في ما يتعلق بتبذير المال العام، أورد المتحدث ذاته، أن هذا الأمر تجيب عنه جودة المشاريع المتعثرة أو المتوفقة أو التي تم إنجازها، إضافة إلى مآل مجموعة من المشاريع التي وصل بها الأمر إلى ردهات المحاكم مما استنزف خزينة الجماعة نتيجة الأحكام الصادرة ضدها لفائدة أصحاب الحقوق.
وعلاقة بالخروج عن النص، سجل لغويبي أن هذا يعود بالأساس إلى غياب ميكانيزمات التواصل التي من المفروض أن تكون حاضرة لدى المؤسسات المعنية أساسا بتقديم الإجابة للرأي العام عن مجموعة من الأسئلة المعلقة والتي لا تجد لها من جواب سوى ما يقال ويردد هنا وهناك، ليستمر الوضع كما هو حيث الصمت يطوق كل مناحي الحياة بمدينة وزان، بتعبير الفاعل المدني ذاته.
المصدر: وكالات