قال الإعلامي بلال مرميد: “في المغرب نعرف الراحل نيلسون مانديلا الذي ساعدناه، ولم ننتظر منه مقابلا، ولا نعرف حفدته، ولا وقت لدينا للتعرف على بقايا المتاجرين باسمه، ولا نية لأغلبنا في متابعة هذه البهلوانيات”.
وانتقد مرميد ضمن سلسلة “ركن بلال مرميد على إذاعة ميدي1″، في مقال بعنوان “متلازمة قلة الأدب” توصلت به جريدة هسبريس الإلكترونية، ما وصفها بـ”تصرفات جماعة فاشلين لا يتقنون سوى الافتراء، وبيع الوهم للرأي العام الجزائري”.
هذا نص المقال:
هنا في المغرب، نعرف الراحل نيلسون مانديلا الذي ساعدناه، ولم ننتظر منه مقابلا، مثلما لم ولن ننتظره من أحد. بالمقابل، نحن لا نعرف حفدته، ولا وقت لدينا للتعرف على بقايا المتاجرين باسمه، ولا نية لأغلبنا في متابعة هذه البهلوانيات. تصرفاتُ جماعة فاشلين، لا يتقنون سوى الافتراء وبيع الوهم للرأي العام الجزائري.
هناك فرق بين تحريك آلة إعلامية مهترئة أصلا وبين قلة الأدب في أبهى تجلياتها، وما تفعله غالبية وسائل البروباغاندا عند الجار الشرقي يدخل باستحقاق في الخانة الثانية.
هي قلة أدب، وهو أيضا جهلٌ مركب وتعبيرٌ صريح عن إحساس بالنقص. ما وصلني في اليومين الماضيين من مقاطع برامج مصورة تافهة شكلا ومضمونا، وسطور الحقد التي تتزاحم فيها الأخطاء اللغوية والمعرفية، وتُجمَّع في مقالات ما هي بالمقالات، يجعلني أحس بكثير من قرف مرفوق بكثير من عطف على حال المواطن الجزائري الذي يستحق مسؤولين أفضل بكثير من هؤلاء الذين ابتلي بهم.
لا أعرف حقا إن كانوا يعتقدون لوهلة بأن أشياءهم العبيطة تستحق الرد، ولا أعرف بالخصوص إن كان هناك متتبع عاقل في العام ألفين وثلاثة وعشرين يمكن أن يقنعه هذا الشحن الغبي الذي يجعلهم محط سخرية كل العرب، إن استطاع العرب أصلا استيعاب مضامين برامجهم الخبيثة.
حوارات تختلط فيها دارجتهم بفرنسية تسكن عقولهم، مع بعض من كلمات باللغة العربية. شكلا، تشعر بأنك تتلقف خليطا غير متجانس، مع غياب محاور نقاشات موجهة إلى الآدميين. كل هاته الأشياء لا تستدعي بكل الصدق الممكن ردا، بل من اللازم تغليفها بلحاف التهميش. أشخاص يضعون وجوههم أمام الكاميرا، ويشرعون في السب والشتم. يصرخون كثيرا، ويختلقون قضايا واهية ووهمية، واللعاب يتطاير من أفواههم. هم فقط يؤدون بجهلهم ما تلقوا عليه أجرتهم، تماما مثل معلقهم الرياضي المقيم في الخليج الذي يصر على أن يذكر كل الناس في كل مرة بأنه شخص أمي ومن يبعثون به أناس لا يخبرون في الغالب بأنه أمي؛ لأن الأمية هي العملة الرائجة في هذه الأوساط.
من اليسير أن تدخل في صراعات تافهة؛ لكن الحل الأصعب هو الأنجع. أن يكون هناك ترفع عن التعليق على ما يثير القرف. ولحسن الحظ أن أغلب عقلاء العالم فهموا، الآن، إلى أي حد يعسر تواصل العاقل مع المعتوه. حين يُدفَع الآلاف ليسبوا فئات واسعة من بلد جار، في مقابلة رياضية من منافسة هامشية ينظمها الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، تتيقن مرة أخرى بأن المغرب يؤلم، وعليك أن تبتسم وتعبر إلى الأمام.
لغة الحيوانات لا نتقنها، ونترك لهاته الفئة الموجهة فرصة التفنن فيها. في أحد مقاطع الفيديو من برنامج تجعلك طريقة إعداده وإخراجه تعتقد بأنه صور في ثمانينيات القرن الماضي ينتشون بأن ملعبهم كبير، ونسوا أن كل بلدان الدنيا صارت لها ملاعب خيالية، يتم تفكيك بعضها بعد احتضانها لبعض من مقابلات فقط. نسوا بالخصوص أن الأهم ليس هو تشييد ملعب، بل تربية من يقتحمون الملعب، والتفكير في تجهيز الفضاء الذي يُشيد فيه الملعب. حين أرى بأن الملعب بني وسط غابة، في غياب تام للمراحيض، أستوعب بسرعة سبب اللجوء دوما إلى لغة الحيوانات. ألم أقل لكم بأن فئات واسعة هناك تتقن هذه اللغة؟ باختصار، لنعبر..
علينا أن ننجح حدث احتضان الموندياليتو قريبا في الرباط وطنجة. وكواحد من أبناء بلد لعب نصف نهائي كأس العالم، أريد ممن كلفوا عندنا بتنظيم كأس العالم للأندية أن يقدموا الدرس. سنتابعهم، وسنحاسبهم بلغة الآدميين التي نتقنها في بلدنا العظيم على كل التفاصيل الصغيرة، وهذا هو الأهم حاليا. كل قليلي الأدب الذين يشتمون طيلة النهار لا يستحقون أي رد، حتى لا نتعلم منهم قلة الأدب، والسلام.
المصدر: وكالات