صدر للباحث المغربي أمين انقيرة بحث بعنوان: نظم سيرة اليعمري المسماة “نور العيون في تلخيص سيرة الأمين المأمون” تأليف محمد بن يوسف المراكشي تقديم وتحقيق.
ومما ورد في إبراز عناية المغاربة بالسيرة النبوية من مقدمة المحقق قوله: “فإن الناظر في التراث المغربي في السيرة النبوية قديما وحديثا يلمس ذلك التهمم والعلقة الشديدة بالجناب النبوي الشريف، ولهذا نجد خزائن المكتبات الخاصة والعامة بالمغرب الأقصى حافلة بنفيس المخطوطات لأعلام جهابذة تنوعت مناهجهم في التصنيف، فهناك من اعتنى بتأليف كتاب مختصر في السيرة النبوية، ومنهم من أطال ففصل وأبدع، ومنهم من ارتأى تقريب السيرة بطريق النظم دون النثر، ومنهم من ارتأى شرح كتاب في السير والمغازي أو شرح غريب السير، ومنهم من اكتفى بالتصنيف في فرع من فروع السيرة النبوية؛ كالدلائل والمعجزات والشمائل والمغازي والسرايا، ومنهم من اكتفى بموضوع من الموضوعات؛ كالمولد والإسراء والمعراج”.
كما عرج على ذكر بعض مصنفات السيرة النبوية التي كان لها اهتمام بالغ بالمدارس العتيقة وغيرها، وفي شأن ذلك يقول: “ولا يخفى أيضا ما ناله كتاب الشمائل المحمدية للحافظ الترمذي، وكتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم من مكانة ومنزلة كبيرة عند المغاربة، فمن شارح لهما ومختصر، حتى صارت تعقد لهما مجالس للختم، …كما أن الدراسات المغربية المعاصرة كان لها إسهام كبير في إبراز مكانة السيرة النبوية والأعلام المصنفين فيها، وكذا موضوعاتها وقضاياها، وإذا ذُكر هذا العِلْم ذكر معه على سبيل التمثيل فضيلة العلامة الدكتور محمد يسف حفظه الله، من خلال كتاباته القيمة والماتعة، ومن أشهرها: “المصنفات المغربية في السيرة النبوية ومصنفوها”، وبهذا تنوعت مسالك العلماء وجهودهم في التعريف بسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم من جوانب مختلفة.
كما بين قيمة الكتاب المذكور وصاحبه بقوله: “وإن ممن عني بعلم السيرة النبوية من أعلام المغرب المغمورين في القرن الحادي عشر الهجري العلامة الأديب محمد بن يوسف التملي السوسي المراكشي المتوفى 1048 هـ، فقد نظم كتاب “نور العيون في تلخيص سيرة الأمين المأمون” لليعمري في ألفية ماتعة جميلة، وزاد عليه زوائد؛ خصوصا في باب المعجزات والشمائل”.
والعلامة محمد بن يوسف التملي المراكشي هو أحد أعلام القراءات بمراكش خلال القرن الحادي عشر الهجري، وقد وصفه علماء عصره بأوصاف عديدة، منها السيد، الشيخ، الأستاذ، الفقيه، الأديب، النحوي، المجود، العالم، العلامة، الفهامة، الكاتب، عالم القراءات، إمام أهل المغرب، معلم الملوك.
وقد قسم الباحث انقيرة تقديمه للكتاب إلى مبحثين: أحدهما: في التعريف بالإمام التملي: ويضم جملة من المطالب؛ كاسمه، ونسبه، ولقبه، ومولده، ووفاته، ومشيخته، وتلامذته، وثناء العلماء عليه، وآثاره العلمية مرتبة حسب الفنون، مع التعريف بها، وبمنهج المؤلف فيها.
وثانيهما: خصص لتقديم موجز في التعريف بنظم سيرة اليعمري: ويضم جملة من المطالب، وهي تباعا: تحقيق النسبة والتسمية، ثم التعريف بنظم سيرة اليعمري ومنهج ناظمه، ثم التعريف بكتاب نور العيون وصاحبه مع ذكر مظاهر الاحتفاء به في المغرب الأقصى، ثم النسخ المعتمدة في التحقيق، ثم منهج التحقيق.
أما القسم الثاني: فقد خصص للنص المحقق بكافة حيثياته التي تذكر في منهج التحقيق، وقد اعتمد على أربع نسخ خطية: الأولى بالخزانة الحمزاوية بالرشيدية، والثانية ببلدية الإسكندرية، والثالثة والرابعة بالخزانة العامة بالرباط.
وختم الباحث مقدمته بالدعاء لأمير المومنين حيث قال: “وما الغاية من وراء ما نقدمه، إلا أن نسهم بوضع لبنات نافعة في صرح هذا البلد العظيم، الذي يرعاه مولانا أمير المومنين، وحامي حمى الملة والدين، جلالة الملك محمد السادس أدام الله عزه ونصره، وحفظه في ولي عهده مولاي الحسن، وفي صنوه السعيد مولاي رشيد، وفي كافة أسرته الملكية الشريفة، إنه سميع مجيب”.
المصدر: وكالات