عقد أمس الخميس بالرباط اجتماع تنسيقي بين كل من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، والوزارة المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وذلك في إطار تنزيل الورش الملكي المتعلق بتسريع تعميم الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية.
وذكر بلاغ صحافي لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية أن هذا اللقاء توخى مناقشة سبل تعزيز المنصة الرقمية الخاصة بتدبير التأمين الإجباري الأساسي عن المرض “AMO تضامن”، وتحديثها عبر ربطها بقواعد بيانات النظام المعلوماتي المتعلق بتدبير الملفات الصحية للمواطنين على مستوى المراكز الصحية والمستشفيات العمومية التابعة للوزارة، وكذا قاعدة بيانات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وفي هذا الإطار، أبرز خبراء مهنيون أهمية الرقمنة في المضي قدما في ورش إصلاح المنظومة الصحية، مؤكدين أنه لا يمكن أن يتحقق الكثير بدونها.
وقال مولاي سعيد عفيف، رئيس التجمع النقابي الوطني للأطباء الأخصائيين بالقطاع الخاص، إن “أي مواطن يتوجه إلى الطبيب أو يشتري دواء أو يقوم بتحاليل، يؤدي مبلغا ما، ثم عليه الانتظار لوقت طويل قبل تعويضه من قبل صندوق التأمين المنخرط فيه، وهو ما سيتم تجاوزه في حال القيام بالرقمنة”.
وشرح عفيف، ضمن تصريح لهسبريس، أنه “بفضل الرقمنة سيكون لكل مواطن رقم وسجل يمكنه من استرجاع مصاريف العلاج بسرعة، سواء تعلق الأمر بالتطبيب أو شراء الأدوية أو غيرها، ناهيك عن أنه سيكون له ملف طبي سيمكن من تقليص مدة الحصول على شهادة التحمل (Prise en charge) إلى 48 ساعة، ولن يعود في حاجة لتأدية جميع المصاريف بداية، أو تقديم شيك الضمان”.
وتابع عفيف بأن “هذا الأمر سيضمن أيضا ديمومة العلاج بفضل توفير ملف طبي يمكن لأي طبيب الاطلاع عليه في اي وقت كان، ناهيك عن القضاء على ما يسمى شيك الضمان وتعويضه بشيك أداء الفرق الذي لا تؤديه صناديق التأمين”.
من جانبه، قال الطيب حمضي، طبيب باحث في السياسات والنظم الصحية، إن “الرقمنة هي عماد أساسي لمراجعة المنظومة الصحية”، موردا ضمن تصريح لهسبريس: “في المغرب قمنا بتعميم التأمين الإجباري عن المرض، وهو ما سيشكل ضغطا على المنظومة الصحية”.
وتابع بأن “تعميم التغطية الصحية يعني زيادة الإقبال على العلاج، وبالتالي يجب تهيئة المنظومة، سواء عبر إحداث مستشفيات أو حتى إحداث آليات والموارد البشرية”.
وشرح حمضي قائلا: “لدينا نقص، لكن لدينا إمكانيات بشرية ومادية لا نستعملها بطريقة مثلى (…) نجد أن 80 بالمائة من آليات وزارة الصحة لا تستعمل؛ نظرا لسوء التوزيع، مثلا نجد الآلية ولكننا لا نجد الطبيب أو الاختصاصي، فيما معدل تشغيل الأسرة في المغرب هو تقريبا 50 بالمائة، أي هناك أسرة موجودة ولكن لا تستخدم”.
وأردف: “لربح رهان الضغط وتسريعه، لا يمكننا القيام بتكوين أطباء بسرعة أو بناء مستشفيات، لكن يمكننا تحسين حكامة القطاع الصحي، والرقمنة ستمكننا من استعمال الإمكانيات بطريقة جيدة، سواء الموارد البشرية أو المالية أو المستشفيات والأسرة وغيرها، وتحسين جودة العلاج وخفض كلفته”.
وأبرز حمضي أنه عن طريق الرقمنة، “سيصبح للمريض ملفه مرقمن يمكن أن يراه عدد لا محدود من الأطباء والتعاون في حالته دون أن يتنقل المريض، ويمكن أن يذهب إلى أي مستشفى وسيتعرف الطبيب على تاريخه الطبي”.
وواصل بأنه “بناء على المقتضيات القانونية الجديدة، سيصبح مسار العلاجات مرقمنا، وبالتالي سيربح الطبيب الوقت وتربح الدولة ماديا عبر نقص الكلفة”.
وأكد حمضي أن “الرقمنة ستمكن أيضا من التتبع الابيديمولوجي والتعرف على المشاكل الموجودة وتوزيعها الجغرافي، وستكون اليقظة الوبائية مرتفعة”.
وحسب الطبيب ذاته، “ستخلق الرقمنة علاقة جيدة ما بين الطبيب والمريض، وما بين المهنيين أنفسهم، وسرية المعلومات الصحية، ناهيك عن سرعة علاجات المرضى وتعويضهم بشكل أسرع، والمراقبة السهلة والدقيقة للهدر والتلاعبات والحفاظ على توازنات صناديق التأمين”.
كما أن الرقمنة، يسترسل المتحدث لهسبريس، “ستمكن كذلك من تسهيل التفاعل مع المهنيين الصحيين والمرضى لخلق توازنات جديدة وتحسين جودة الخدمات والتأمين الصحي”.
وختم حمضي بأن “طب المستقبل مبني على ما يسمى (Six P’s Medicine)، التي تعني: الشخصية والدقة والتنبؤ والوقاية والطب التشاركي للمريض، منصة تضم المريض وجميع مهنيي الصحة، والتعدد المهني”.
المصدر: وكالات