الخميس 4 يناير 2024 – 01:00
قال أحمد زايد، أستاذ علم الاجتماع العميد السابق لكلية الآداب بجامعة القاهرة عضو مجلس الشيوخ المدير الحالي لمكتبة الإسكندرية، إن السوسيولوجي الألماني ماكس فيبر وغيره من علماء الاجتماع الأولين، “كانوا مهتمين بالتعرف على طبيعة المجتمعات الغربية وانتقالها من حالة إلى حالة، فيما كتب فيبر كثيرا على المجتمعات الإسلامية وطور مفهوم البطريركية (النظام الأبوي) من خلال دراسته للإمبراطورية العثمانية”.
جاء ذلك خلال حديث زايد عن “سقوط السوسيولوجيا منذ البداية في شرك ثنائيات شبه استشراقية، لا سيما تقسيم ماكس فيبر العالم إلى مجتمع ريفي زراعي بطريركي تسوده الأسرة والاستبداد، وآخر حديث صناعي عقلاني ديمقراطي”، وذلك في إحدى حلقات برنامج “في الاستشراق” الذي يقدّمه الإعلامي المغربي ياسين عدنان بعنوان “الاستشراق والسوسيولوجيا”.
وأَضاف أستاذ السوسيولوجيا أنه حين بدأ علماء علم الاجتماع دراسة مجتمعات العالم الثالث، بدأت هذه الثنائيات تكون الأسس التي بنيت عليها ما عرف في تاريخ علم الاجتماع بنظرية “التحديث”، والتي تبنّاها الكثير من الكتاب في العالم العربي والثالث، وتقوم على فكرة محورية هي أن “هذه المجتمعات التي توجد خارج النطاق الغربي تعيش ماضي المجتمعات الغربية”.
ويرى السوسيولوجي ذاته “أننا لم نستطع أن ننقض هذه النظرية (التحديث)، وأكثر ما قُدّم في هذا السياق هو فكرة المفكر الراحل حسن حنفي المتعلقة بمواجهة الاستشراق بالاستغراب”، مشيراً إلى أن “السوسيولوجيين العرب في معظمهم تعلّموا على الطريقة الغربية، إذ اعتبروا أن ما تعلموه في الغرب هو النموذج المثالي للكتابة السوسيولوجية، بل إنك قد تجد الذي تعلّم في ألمانيا أكثر تأثراً بترويج أفكار ماكس فيبر والفكر الألماني بشكل عام”.
لذلك، يضيف أحمد زايد أن “السوسيولوجيا لم تعد إنتاج الفكر الثنائي فقط، بل أعادته بشكل فيه قدر كبير جدا من التشوه أو التنوع المشوه”.
وبالنسبة للأستاذ الجامعي ذاته، فإن “المجتمعات العربية تطغى فيها الكتابة عن الأزمة والهروب من الواقع، بينما كان من الممكن أن نبدأ في دراسة هذا الواقع ونكتشف تاريخيته وكيفية تشكله وكيف استقبلنا الحداثة الغربية واستملكناها، وكيف تجّلت هذه الحداثة بين ظهراننا وأخذ بعض الأفكار من ابن خلدون والمجتمعات الغربية نفسها التي قدم بها علماء إسهامات عظيمة جدا يمكن لعالم الاجتماع في المجتمعات العربية أن يستفيد منها مثل بيير بورديو”.
وخلص مدير مكتبة الإسكندرية إلى “ضرورة التركيز على تحليل الحقل الديني وفهم وضعنا في منظومة العولمة وتحليل أخلاقياتها وثنائياتها وتناقضاتها وتركيباتها بغرض فهم أنفسنا وموقعنا وتأمل ذاتنا بشكل أفضل عوض جلدها”، معتبراً أنه “كلما تعمقنا في معرفة ذواتنا ومجتمعاتنا وتاريخنا، كان وجودنا أفضل”.
المصدر: وكالات