في المغرب عدد الأفلام أقل من المهرجانات. عدد المقالات أقل من عدد الأفلام. جل المهرجانات التي تنعقد لا تنشر مقالات نقدية عن الأفلام التي عرضتها بسبب تغييب النقاد المنتجين. غالبا ما ينتصر القفطان السينمائي على النقد السينمائي، وبالتالي تكون الدردشات الشفوية و”الستاتوهات” الفايسبوكية أقصى ما ينتج من خطاب موازٍ لعروض الأفلام.
لتقليص ذلك لا بد من كتب عن السينما في كل مهرجان. في هذا السياق استدعي الكتبي حسن بنعدادة إلى المهرجان الوطني للفيلم بطنجة (أكتوبر 2023) لتقديم معرض كتب متخصصة في السينما. وكان هذا الاستدعاء المحمود من إدارة المركز السينمائي المغربي عملا مفيدا ويجب أن يتكرر في مهرجانات سينمائية مغربية قادمة.
وبهذه المناسبة هذا حوار مع الأستاذ بنعدادة، الحاصل على إجازة في مادة الفلسفة من جامعة محمد بنعبد الله ظهر المهراز في 1987م.
جوابا عن سؤال: ما الذي يجعل الكتاب السينمائي ضروريا في كل مهرجان؟ يقول بنعدادة: الكتاب ضروي على أساس أن المهرجان السينمائي مشروع ثقافي وليس حفلا. السينما مشروع ثقافي وترفيهي، الترفيه بساط أحمر، ومحور الثقافة هو الكتابة.
النقد السينمائي هو ما يُدون.
ينتهي النقد الشفوي بصمت المتكلم، بينما يمنح النقد المكتوب الاستمرارية لمشاهدة الأفلام.
يضيف بنعدادة: السينما فن وصناعة تكنولوجية وتجارية، صناعة تقوم على علم مؤسس بالمعرفة. من لا يملك هذه المعرفة لا تقبض أفلامه على روح المجتمع الذي تزعم تمثيله. وهذا ما ينبغي أن يحذره السينمائيون الشبان.
إجابة عن سؤال وضع الكتاب السينمائي يقول المتحدث: نعيش في مجتمع لا يقرأ، وهذا يضعف رواج الكتب، وهي ضرورة، خاصة الكتب الفنية. لقد تم في هذه السنة دمج مسابقات أفلام طلبة مدارس السينما لأول مرة في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة. هذه مبادرة جميلة مفيدة للطلبة. لكن كيف سيتم صقل موهبة وخبرة هؤلاء الطلبة؟. الجواب بالمزاوجة بين المشاهدة والقراءة، بمشاهدة الأفلام وقراءة كتب النقد السينمائي. النقد السينمائي هو الكتاب وهو نادر.
عن سؤال من هي الجهة الموكول إليها طبع الكتاب السينمائي في المغرب؟ يجيب: هناك دور نشر مثل السليكي أخوين، تينمل، منشورات المجال، ملتقى الطرق بالفرنسية، كلية الآداب عين الشق الدار البيضاء والمعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما… وهناك كتب سينمائية طبعها مؤلفوها على حسابهم.
ويضيف: النقد السينمائي هو الكتاب وهو نادر. في المغرب تصرف مئات الملايين على مهرجان وصفر مليون على الكتاب السينمائي. تصرف مؤسسات ثقافية وتعليمية كثيرة ميزانيات غير منتجة على تسمياتها. مثلا هناك مؤسسات تعليمية عالية تبذر ميزانيات لتغيير طوابع وترويسات وثائق المعاهد. هذا هدر للموارد. كلما تغير اسم المؤسسة أو اسم الوزارة التي تنتمي إليها خصصت ميزانية لتغيير الترويسات على الملفات وتغيير الأسماء النحاسية على رخام الأبواب.
يهدر هذا فرص طبع وترويج الكتاب السينمائي والتشجيع على المطالعة.
من لا يطالع ويزور المكتبات لن يكون فنانا سينمائيا، سيكون مجرد تقني يصور أفلاما بلا روح.
سألته فورا: وما معنى فيلم بلا روح؟ فقال: هو الفيلم الذي لا يتم تذكره بعد مشاهدته. فيلم يستهلك دفعة واحدة.
سألت بنعدادة: وما هي خصائص الأفلام التي تملك روحا؟ فأجاب: الأفلام التي تملك روحا هي تلك الأفلام التي تحمل فكرا وقضية ويتمنى الجمهور مشاهدتها مرارا فتصمد للزمن.
تصمد في الزمن تلك الأفلام التي تملك روحا تنبض من عمقها.
وختم بنعدادة: الفيلم الحقيقي هو الذي يمكن مشاهدته أكثر من مرة دون استنفاده. الفيلم الذي فيه عمق هو الفيلم الحقيقي، و”الحقيقة مثل قصب السكر، حتى لو مضغته طويلا سيظل حلوا”.
المصدر: وكالات