في جديد تفاعلها مع تصريحات مارغيريتس شيناس، نائب رئيس المفوضية الأوروبية، أعلنت الأخيرة أن “مراجعة العلاقات مع المملكة المغربية بعد احتجاج الرباط على اعتبار المسؤول الأوروبي مدينتي سبتة ومليلة إسبانيتان، أمر غير وارد”، مشددة على أن “المدينتين أوروبيتان”.
جاء ذلك خلال جواب لجوزيب بوريل، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، على أسئلة نواب إسبان بالبرلمان الأوروبي إن كانت المفوضية ستراجع الشراكة التي تجمعها مع الرباط على خلفية احتجاج الأخيرة على اعتبار سبتة ومليلية إسبانيتين، مشير إلى أن “المفوضية لن تتخذ تلك الخطوة”.
الفقرة المهمة من الجواب ليست “التأكيد على مواصلة الشراكة”، بل تشديد بوريل على “موقف الاتحاد الأوروبي الذي يعتبر مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين أوربيتين وتدخلان ضمن نطاق الحدود الأوروبية”.
وفي الوقت الذي تحاول فيه مدريد والرباط الابتعاد عن إثارة الملفات “الحساسة”، في مقدمتها ملف سبتة ومليلية المحتلتين، بحسب مخرجات القمة الثنائية الأخيرة، تتدخل المفوضية الأوروبية من جديد لإثارة الملف، معتبرة للمرة الثانية على التوالي أنهما “مدينتان أوروبيتان”، تدخلان ضمن نطاق “الحدود البرية للاتحاد”.
وفي ماي المنصرم، خرج ممثل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المغربي بإسبانيا عن صمته تجاه اعتبار مارغيريتس شيناس، نائب رئيس المفوضية الأوروبية، مدينتي سبتة ومليلية إسبانيتين، مصدرا مذكرة احتجاجية على ذلك.
شراكة مزعجة للبعض
محمد الغواطي، محلل سياسي، يرى أن “نجاحات التنسيق الأمني بين مدريد والرباط ما تزال تزعج بعض النواب داخل البرلمان الأوروبي، وكذا على رأس المفوضية الأوروبية”.
وقال الغواطي لهسبريس إن “الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب لا يمكن أن تتأثر بهكذا ردود، لأن كلا الطرفين يعلمان جيدا الوضع السياسي والحدودي المشترك”.
وأشار المحلل السياسي إلى أن “هذا الجواب التي أطلقته المفوضية الأوروبية لن يكون له تأثير على العلاقات مع المملكة، لأن الأخيرة تتبنى ديبلوماسية حكيمة ولن تنصاع لردود معروف من وراءها”.
وزاد: “الوضع في سبتة ومليلة معروف، ولا يمكن تغيير مغربيتهما المتجذرة عبر التاريخ، وهي المعطيات التاريخية التي يعلمها الإسبان وكذا الأوروبيون”.
وشدد المتحدث عينه على أن “هاته الشراكة المتميزة التي تجمع بروكسيل بالرباط لا يجب وضعها في سياق التأثر بردود فعل ممولة من جهات معروفة أهدافها”، قبل أن يستدرك بأن “المنحى الإيجابي الذي تسير فيه هاته الشراكة يزعج الكثير”.
جواب تحت الضغط
اعتبر حسن بلوان، باحث في العلاقات الدولية، أن “ما صرح به بوريل لا يمكن بتاتا أن يغير الوضع التاريخي والقانوني لمدينتي سبتة ومليلية”.
وقال بلوان، في تصريح لهسبريس، إن “هذا الجواب كان فقط من أجل تلبية رغبات جهات معادية للمملكة داخل البرلمان الأوروبي؛ أولها ممثلو الأحزاب اليمينية الإسبانية، الذين يضغطون بجل الوسائل من أجل عرقلة التعاون المثمر بين بروكسيل والرباط”.
وبحسب المتحدث ذاته، فإن “احتمال وجود أزمة مقبلة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، أمر مستبعد تماما، خاصة وأن الأوروبيين والإسبان يعلمون أن الرباط تتعامل مع هذا الملف الحساس بكثير من ضبط النفس”.
وتابع شارحا: “الرباط غير مطالبة بالرد على هكذا تصريحات، خاصة وأن الجميع يعلم أنها تأتي في سياقات معروفة، تنحصر في شراكة مهمة وحساسة مع مدريد، وهو التعاون نفسه الذي تمر به المملكة مع بروكسيل”.
وخلص الباحث في العلاقات الدولية إلى أن “رد الرباط يكون بكثير من الحكمة وضبط النفس، خاصة وأن هاته الأجوبة معلوم أنها تأتي في ظل ضغوط مدفوعة من قبل جهات معادية للمصالح المغربية”.
المصدر: وكالات