تتواصل عمليات استنزاف ما تبقى من المآثر التاريخية في مدينة تازة، فبعد محاولة طمس معالم حصن “البستيون”، الذي يُعد معلمة تاريخية عريقة، بعد الترخيص ببناء صهاريج إسمنتية ضخمة داخل سوره قبل أربع سنوات، وهي العملية التي أوقفتها احتجاجات فعاليات مدنية، طال الهدم خلال الأسابيع الأخيرة مسبحا تاريخيا بالمدينة.
وفي الوقت الذي كان أبناء المدينة ينتظرون ترميم حصن “البستيون”، الذي اندثرت أجزاء كبيرة منه وتوشك أخرى على الانهيار، تم توجيه جرافات الهدم نحو مسبح قديم تمّ تشييده خلال المرحلة الاستعمارية، وكان مسبحا أولمبيا تدرّب فيه عدد من الأبطال المغاربة في رياضة السباحة.
وحسب إفادة فاعلين جمعويين من تازة، فإن هناك مخاوف من أن تفضي عملية هدم المسبح المذكور إلى تحويل العقار الذي شُيد عليه إلى مشاريع عقارية، دون إيلاء أي اعتبار للحفاظ على المآثر التاريخية، التي تبذل الدولة جهودا لصيانتها في إطار حماية التراث المادي وغير المادي للمملكة.
ويُلاقي تعاطي جماعة تازة مع المآثر التاريخية انتقادات من طرف المجتمع المدني بالمدينة، حيث سبق لجمعيات أن خاضت وقفات أمام المجلس الجماعي ضد الإهمال ومحاولة الزحف على “البستيون”، مما دفع المسؤولين عن تسيير الشأن المحلي إلى وقف أشغال بناء الصهاريج الإسمنتية بعد أن تم إنهاء بناء جزء مهم منها.
وكشف فاعل جمعوي، تحدث إلى هسبريس، أن بعض عمليات ترميم المآثر بتازة “تتم بشكل مغشوش مثل استعمال الحديد في الأبواب المفتوحة في الأسوار التاريخية”.
وأشار إلى أن المسجد الأعظم بتازة، وهو من أقدم المساجد التاريخية في المغرب، إلى جانب القرويين بفاس والكتبية بمراكش، أغلقت أبوابه منذ عامين ولا تزال موصدة إلى اليوم.
رئيس جماعة تازة، عبد الإله المسعودي، نفى أن تكون الأشغال الجارية في المسبح التاريخي تهدف إلى هدمه، موضحا أن الأمر يتعلق بترميمه وإعادة تجديده.
وقال المسعودي، في تصريح لهسبريس، إن المجلس الجماعي الذي يرأسه خصص غلافا ماليا قدره مليارا و200 مليون سنتيم، بشراكة مع مجلس الجهة، لإعادة ترميم المسبح الذي يعود تاريخ وجوده إلى قرن من الزمن.
وأضاف “لا يمكن إصلاح وترميم المسبح دون القيام بهدم الأجزاء المتضررة، حيث تآكلت جدرانه، وبالتالي يجب تجديده كليا، وقد بدأنا الأشغال بعد القيام بالدراسات التقنية اللازمة، ونريد أن يظل كما كان لأن له حمولة تاريخية يَلزم الحفاظ عليها وصيانتها”.
المصدر: وكالات