كشف التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات لسنة 2021 عن فشل نظام رصد المخالفات المرتكبة من طرف السيارات بواسطة الرادارات الثابتة، إذ قال إن هذا النظام المعلوماتي ألغى أزيد من 6 ملايين مخالفة مسجلة، بنسبة إلغاء وصلت إلى حوالي 40 في المائة في المجموع.
وجاء في التقرير أن حوادث السير سنوياً تُسبب 3500 حالة وفاة، و12 ألف إصابة خطيرة، أي بمعدل عشر حالات وفاة و33 إصابة خطيرة يومياً، وهو ما دفع إلى اعتماد نظام لمراقبة ومعالجة المخالفات الملتقطة بواسطة الرادارات الثابتة من خلال وضع أجهزة تكنولوجية مخصصة لضبط ومراقبة وإثبات المخالفات، وهو ما تنص عليه المادة 197 من مدونة السير على الطرق.
قضاة المجلس التي تترأسه زينب العدوي قالوا إن “الإستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية لم يتم تحيينها من أجل إدراج الإجراءات المتعلقة بالنقل متعدد الأنماط والتهيئة العمرانية، واللجوء إلى سياسات تفرض تخفيض السرعة، وفقاً ما هو منصوص عليه في خطة العمل العالمية للسلامة الطرقية 2021-2030”.
ملاحظات التقرير تطرقت أيضاً لعدم تعزيز دور اللجان المسؤولة عن السلامة الطرقية بما فيه الكفاية، وهو ما انعكس سلباً على مستوى التنسيق والتشاور بين مختلف المتدخلين في عمليات تركيب وتشغيل الرادارات الثابتة، وتحديد المحاور الطرقية ذات الأولوية، واختيار المواقع الملائمة لتركيبها.
معطيات المجلس أشارت إلى أن معالجة المخالفات الملتقطة بواسطة الرادارات الثابتة تتم من خلال أنظمة معلوماتية خاصة بكل متدخل على حدة، فينتج عن عدم اندماج الأنظمة المعلوماتية التأخر في معالجة ملفات المخالفات، ناهيك عن رصد اختلافات في البيانات المتعلقة بها، وعدم قدرتها على معالجة الكم الهائل من المحاضر والغرامات المثارة داخل آجال معقولة.
تأخر في التركيب
عملية التركيب طالها أيضاً فشل، إذ لاحظ المجلس تأخر الأشغال في هذا الصدد، فبعد مرور ثلاث سنوات من تاريخ المصادقة على الصفقات المخصصة لاقتناء 552 راداراً ثابتاً لم يتجاوز معدل الرادارات التي تم تركيبها 12 في المائة من مجموع العتاد، مقابل 29 في المائة في طور التركيب، و59 في المائة لم يتم الشروع في تركيبها بعد.
وعلى مستوى نجاعة النظام، يتجلى من المعطيات الواردة في التقرير أن معالجة المخالفات الملتقطة بواسطة هذه الرادارات نتج عنها قبول 8,52 مليون مخالفة، وإلغاء 6,69 مليون منها، وهو ما يعادل نسبة إلغاء تجاوزت 39 في المائة، ناهيك عن صعوبة التعرف على هوية مالكي أرقام المركبات المخالفة.
كما واجه النظام صعوبة أيضاً في تحديد هوية مالكي المركبات المسجلة في الخارج، وبالتالي لا يتم إشعار المخالفين بها، ناهيك عن عدم توفر الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية على منصة مشتركة مع الشركة الوطنية للنقل واللوجستيك، من أجل مدها بالمعطيات اللازمة لتحديد مستعملي سيارات الدولة المرتكبة للمخالفات.
وتبين للمجلس الأعلى للحسابات أن تبليغ الإشعار بالمخالفات إلى المعنيين بالأمر لم يتجاوز 56 في المائة ما بين 2015 و2021، وذلك بسبب صعوبات متعلقة بتحديد عناوينهم، وعدم تغطية بعض المناطق بالخدمات البريدية.
الدعوى العمومية وتنفيذ الأحكام
نواقص هذا النظام تشمل أيضاً مرحلة الدعوى العمومية وتنفيذ الأحكام، إذ أورد التقرير أن النيابة العامة لدى المحاكم المختصة تتلقى في كثير من الأحيان محاضر مخالفات طالها التقادم، أو اقترب أجل تقادمها، وهو ما يؤدي إلى حفظها.
وبحسب الأرقام، بلغت نسبة حفظ الملفات أزيد من 62 في المائة، أي ما يعادل 3.4 ملايين محضر مخالفة تم حفظه من أصل 5.47 مليون محضر تمت إحالته على النيابة العامة ما بين 2015 و2021. وتتركز المخالفات بالأساس في محاكم الدار البيضاء والرباط ومراكش وطنجة وتمارة وسلا.
أكثر من ذلك، يشير المجلس إلى أن عملية تبليغ وتنفيذ أحكام مخالفات السير تشوبها معيقات ترتبط أساساً بصعوبة تحديد عناوين المخالفين، إذ لم تتجاوز نسبة تبليغ الأحكام الصادرة عن المحاكم الابتدائية 8 في المائة منذ دخول مدونة السير حيز التنفيذ ما بين 2010 إلى 2021.
في هذا الصدد، أوصى المجلس وزارة العدل ووزارة النقل واللوجستيك والوكالة الوطنية للسلامة الطرقية بالعمل على تحسين أداء النظام وتأهيل الرادارات لتقليص نسبة إلغاء المخالفات واللجوء إلى الوسائل البديلة، مثل الرسائل النصية والإلكترونية، لتحسين معدل تبليغ الإشعار بالمخالفات.
كما دعا التقرير إلى إحداث آلية يقظة وتتبع بالتنسيق بين الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية ووزارة العدل، بهدف ضبط آجال التقادم وعملية إحالة محاضر المخالفات على المحاكم المختصة.
المصدر: وكالات