تأكد حضور موريتانيا في مبادرة ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، بعد تشديد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، على أن “نواكشوط جزء أساسي في هاته المبادرة”؛ الأمر الذي يطرح الكثير من التكهنات حول “الأدوار التي ستقدمها الجارة الجنوبية للمملكة” وعن إمكانية “تأثير” الانضمام على مواقفها “الحذرة” من ملف الصحراء.
وكان غياب نواكشوط عن الاجتماع الوزاري، الذي تم فيه إعلان انضمام كل من مالي والتشاد والنيجر وبوركينافاسو، قد أثار الكثير من “التساؤلات”؛ فيما ذهبت تقارير متطابقة إلى تبرير ذلك بـ”وجود الجارة الجنوبية للمغرب أمام الواجهة الأطلسي”.
ومع الإعلان الرسمي لبوريطة بوجود موريتانيا في مبادرة الأطلسي، يظهر “تعويل” المغرب على جارته الجنوبية من أجل إنجاح هذا الورش، الذي من المرتقب أن يعطي “دفعة اقتصادية” مهمة في المنطقة و”يقوي” بذلك الروابط الاقتصادية التي تجمع الرباط بعمقها الإفريقي.
في سياق ذلك، سجل مراقبون أن دخول موريتانيا إلى هذا الورش “سيقربها” نحو الخروج من منطقة ” الظل” في ملف الصحراء المغربية، إذ تواصل نواكشوط حاليا الحرص على ما تسميه بـ”الحياد الإيجابي”؛ من خلال إبقاء الاعتراف بجبهة “البوليساريو” والدعوة إلى إيجاد حل أممي متوافق عليه.
وفي شق العوائد الاقتصادية التي ستحصل عليها نواكشوظ من مبادرة الأطلسي، من المرتقب أن يعزز المغرب وموريتانيا ودول الساحل الأخرى المعاملات التجارية مع أسواق أمريكا اللاتينية، والتي لا تصل رغم التصاعد إلى “المستويات المتوقعة”.
وحرص وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج على الإشادة بـ”الدور المحوري” الذي أصبحت تلعبه موريتانيا؛ هذا البلد الذي تتهافت عليه دول العالم، نظرا للمؤهلات الطبيعية والموقع الاستراتيجي الذي يتوفر عليه.
طريق الوضوح
محمد الغواطي، محلل سياسي، قال إن “العلاقات المغربية الموريتانية كانت سابقا وتاريخيا يسودها الاحترام. واليوم، تتعزز هاته العلاقات بإعلان انضمامها كجزء أساسي في مبادرة الأطلسي”.
وأوضح الغواطي، ضمن تصريح لهسبريس، أن العلاقات كانت أيضا ولا تزال مبينة على “الوضوح التام”، والمملكة تحترم موريتانيا كثيرا في هذا الأمر، كما يعول “المغرب على أن تلعب موريتانيا أدوارا كبيرة في المنطقة، خدمة للتنمية وتطوير اقتصاد الغرب الإفريقي”.
ولفت المحلل السياسي إلى أن العوائد التي ستعود على موريتانيا من خلال انضمامها إلى مبادرة الأطلسي عديدة، تهم “تعزيز ولوجها إلى أسواق جديدة في أمريكا اللاتينية وترقية نمو صادراتها التجارية التي تتميز بالثروات الباطنية”.
وشدد الغواطي على أن هاته المبادرة، التي تأتي في سياق شراكة رابح-رابح المغربية، ستنعكس بشكل إيجابي على موريتانيا، خاصة على مستوى مواقفها السياسية من ملف الصحراء، حيث من المرتقب أن يكون “هذا التغيير المقبل في سياق المكتسبات التي يحققها المغرب في هذا الملف”.
الأدوار المرتقبة
اعتبر حفيظ الزهري، محلل سياسي، أن الأدوار التي ستلعبها موريتانيا في مبادرة الأطلسي ستكون على مستوى “تسريع تنزيلها على أرض الواقع”.
وأضاف الزهري أن موريتانيا يمكن أن تكون “حلقة وصل” في تفعيل هذا المشروع بين المغرب ودول الساحل، حيث قال: “اللقاء الأخير بين وزير الخارجية المغربي ونظيره الموريتاني أظهر رغبة في تعزيز التواصل والحوار والتنسيق حول مثل هاته الملفات الاستراتيجية”.
من الأدوار الأخرى التي ينتظرها المغرب من جارته الجنوبية، وفق المتحدث، هو تحولها إلى “بوابة لدول الساحل للولوج إلى المحيط الأطلسي المغربي”، خاصة أن نواكشوط تمتلك بنيات لوجستية مهمة؛ على غرار “ميناء نواذيبو”.
وحول موقف موريتانيا من الصحراء والتغيرات المتوقعة بعد تفعيل مبادرة الأطلسي، شدد الزهري على أن العاهل المغربي أكد، في خطاباته، على ضرورة تحقيق التقدم الاقتصادي لمواجهة الاضطرابات الأمنية.
ولفت المحلل السياسي ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس، إلى أن “مبادرة الأطلسي ستنهي أحلام جل الحركات الإرهابية والانفصالية التي تحوم حول دول الساحل؛ بما فيها موريتانيا”.
المصدر: وكالات