حسمت الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم (كاف)، عبر لجنتها المكلفة بقضايا الانضباط، موقفها من الأحداث التي رافقت تنظيم “الشان” الأخير، سواء ما يخص عدم تمكن المنتخب المغربي من السفر إلى الجزائر بعد رفض الأخيرة فتح أجوائها أمام “طائرة الأسود المحلية”، أو “خطاب حفيد نيلسون مانديلا في حفل الافتتاح” الذي تحيّز بوضوح للأطروحة الانفصالية، مروّجاً لها في حدث رياضي.
قرار “الكاف” الذي أقرّ بأنه “لا توجد عقوبة على الإطلاق لعدم مشاركة المنتخب المغربي للمحليين”، بخصوص أحداث “شان الجزائر” المنظمة فبراير الماضي، جاء منتصراً بجلاء للمغرب؛ موجّهاً بذلك “صفعة جديدة” لنظام العساكر في الجزائر بعد محاولاته المتكررة استغلال تظاهرة رياضية قارية فوق أرضه لخدمة “غايات سياسية”.
“بالنسبة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وبعد المداولات وفحص الأدلة، بما في ذلك عدد من المراسلات بين الجزائر والمغرب و’الكاف’، خلصت اللجنة التأديبية إلى أن الجامعة المغربية لم تكن قادرة على السفر والمشاركة في “الشان” بسبب ظروف خارجة عن إرادتها تماماً”، يؤكد بلاغ الـ”CAF”.
القرار لم يتوقف عند هذا الحد، بل صفع المجلس التأديبي للاتحاد القاري للعبة الاتحادَ الجزائري لكرة القدم حينما رفض مطالبته سابقا بـ”التعويض عن غياب المغرب عن مسابقة كأس إفريقيا للاعبين المحليين 2023″.
كما أحالت “الكاف”، وفق المصدر ذاته، “قضية حفيد مانديلا على المجلس التأديبي لمزيد من التحقيق”.
المجلس التأديبي التابع لأعلى هيئة كروية بالقارة السمراء قدَّر، بعد بتّه في واقعة افتتح “الشأن”، أنه “لا ينبغي أن يجد المسؤولية نيابة عن الاتحاد الجزائري لكرة القدم، وأن أحكام المسؤولية الصارمة لم يكن من الممكن توقُّعها ولا ينبغي أن تنطبق على البيان الذي أدلى به مانديلا خلال حفل افتتاح ‘الشأن’”.
في حين أصدر المجلس نفسه “تذكيراً رسميًا إلى جميع الاتحادات الوطنية”، بما فيها الاتحاد الجزائري، بأن “أحكام المسؤولية بالإنابة والمسؤولية الصارمة قد يتم تطبيقها في المستقبل نتيجة أي بيانات سياسية أو غيرها من البيانات الصادرة في مسابقة “الكاف” الرسمية أو الحدث الذي قد يقوم به طرف ثالث”، على حد تعبير البلاغ.
“قرار منصف”
تعليقاً على الموضوع، سجل حسن بلوان، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أنه “من الواجب الإشارة، بداية، إلى أن المملكة المغربية تظل وفيّة لعقيدتها الدبلوماسية الواضحة القائمة على التعاون المشترك ومبدأ رابح–رابح، مع عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار”، لافتا إلى أنه “لم يسبق لها أن خلطت بين العمل السياسي والأنشطة الرياضية، عكس ممارسات الجزائر المعروفة في هذا المضمار”.
وانتقد بلوان، في تصريح لجريدة هسبريس، ما وصفها بـ”سياسة تجييش واستغلال فجّ لكل مهرجان ثقافي أو دورات رياضية من أجل تسجيل نقاط سياسية ضد المغرب، وما حدث خلال نسخة ‘الشأن’ الأخيرة وما رافقه دليل واضح على ذلك”.
“قرار لجنة التأديب والانضباط داخل الاتحاد الإفريقي لكرة القدم جاء منصفاً إلى حد ما بالنسبة للمملكة المغربية، لأنه لم يغرّم ولم يُدِنْ عدم مشاركة المغرب”؛ يورد الأكاديمي في العلاقات الدولية، مؤكدا أن “الهيئة الكروية القارية اقتنعت بالدليل الملموس وبحضور رئيسي ‘الفيفا’ و’الكاف’ بأن المنتخب الوطني مُنِع لأسباب سياسية واضحة”.
الجزائر تحصد “الريح والأشواك”
تابع بلوان في حديثه مع هسبريس: “لغة البيان الصادر عن ‘الكاف’ ولجنته سليمة ومتوازنة في حق المغرب”؛ قبل أن يستدرك: “إلا أنها أفادت في قرارها الثاني بأنها تُحمِّل الاتحاد الجزائري لكرة القدم ضمنياً مسؤولية الخطاب العنصري الذي ألقاه منديلا الصغير بإيعاز من حكام الجزائر”.
وخلص أستاذ العلاقات الدولية إلى أن “كل ما قامت به الأجهزة العسكرية الجزائرية من أجل ضرب المغرب تحت الحزام، مُستغلة هذه التظاهرة الرياضية، حصدت فيه سوى الريح والأشواك فقط”، عازيا ذلك إلى أن “سمعة هذا البلد الذي يفترض فيه حسن الجوار تظل على المحك دوماً وفي مستويات متدنية إقليميا ودوليا، فضلا عن سمعة ومشروعية حاكميه بعد صرفهم ملايير الدولارات من أجل ضرب المغرب ومصالحه”.
وختم الجامعي ذاته: “الأطروحة الانفصالية التي تقودها الجزائر وتروّج لها بأموال الشعب الجزائري وصلت إلى طريق مسدود وباءت بالفشل بعدما ارتدّ السحر على الساحر؛ مقابل اختراقات ونجاحات دبلوماسية المملكة المغربية على جميع الأصعدة، لاسيما الانتشار القوي لثقافة التسامح المغربي في جميع أنحاء العالم خلال مونديال قطر 2022”.
المصدر: وكالات