تضمن مشروع قانون المالية لسنة 2024 في مادته العاشرة مقتضيات تتعلق بدعم الدولة للسكن، وهو ما شكل تأكيدا لمقتضيات المادة الثامنة من قانون المالية لسنة 2023 التي وضعت شروطا عدة للاستفادة من هذا الدعم، أهمها أن يكون المقتني مغربي الجنسية وألّا يكون قد استفاد من أي امتياز ممنوح من طرف الدولة يهم السكن، وألّا يتوفر على عقار مخصص للسكنى، وأن يخصص السكن المقتنى لسكنه الرئيسي لمدة أربع سنوات، وأن يتم تحرير عقد التفويت لدى موثق، وهي المقتضيات التي كانت تتوخى منها الحكومة دعم الطبقات الاجتماعية المتوسطة للولوج إلى السكن وتحفيز قطاع العقار.
وفي هذا الإطار، قال عثمان مودن، رئيس منتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية دكتور في المالية العمومية، إن مقتضيات المادة العاشرة من مشروع مالية 2024 تضمنت إضافات عدة استهدفت توضيح مقتضيات المادة الثامنة من قانون المالية لسنة 2023 التي لم تجد طريقها للتنفيذ بسبب عدم نضج شروط تنفيذها وتأخر الحكومة في إصدار المرسوم التطبيقي لها.
وأضاف مودن، في تصريح لهسبريس، أن من بين المقتضيات الجديدة التي تضمنها مشروع المادة العاشرة، ما تم التنصيص عليه من أن السكن المقتنى يجب أن يتوفر على رخصة السكن ابتداء من فاتح يناير 2023 (وذلك حتى يستفيد المواطنون الذين قاموا باقتناءات خلال هذه السنة)، وأن يتكون من غرفتين على الأقل ويكون موضوع بيع أول، إلى جانب ضرورة تخصيص السكن كمسكن رئيسي لمدة خمس سنوات من تاريخ إبرام العقد (بدل أربع سنوات)، مشددا على أن من حسنات هذه المادة أنها عرفت المقصود بالسكن الرئيسي، وأكدت إلزامية إرجاع المبلغ الإجمالي للإعانة من قبل الموثق ومن قبل المستفيد في حالة عدم احترام الشروط المحددة.
وبخصوص رغبة الحكومة وهدفها من المادة الثامنة من قانون المالية لسنة 2023 والتعديلات المقترحة عليها بموجب المادة العاشرة من قانون المالية لسنة 2024، أبرز رئيس منتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية أن “الغايات كان بالإمكان الوصول إليها بطرق أخرى إلى جانب آلية الدعم المباشر”، مشيرا إلى أنه “لا يكفي أن تقوم الحكومة بتوزيع دعم مباشر للسكن بمبلغ 10 و7 ملايين سنتيم حتى تمكن الطبقات الاجتماعية المتوسطة من الولوج إلى السكن وخلق انتعاش في سوق العقار والشغل”.
وزاد موضحا: “إذا استحضرنا واقع سوق العقار بالمغرب وما يعرفه من ممارسات على أرض الواقع، ستظهر هزالة مبلغ الدعم بالشكل الذي بجعله غير ناجع وغير كاف لتحقيق الأهداف المتوخاة، وذلك في ظل سطوة وسيطرة لوبي العقار واللوبي البنكي على سوق العقار وتداخل معاملات عدة غير قانونية، ومن ضمنها النْوارْ الذي يتجاوز في الغالب مبلغ الدعم المقترح”.
كما أشار الدكتور في المالية العمومية كذلك إلى مسألة سعر الفوائد المرتفع، “الذي يحول دون تملك طبقات اجتماعية كثيرة للسكن في المغرب، وذلك رغم دخول البنوك التشاركية، إلا أن أسعار الفوائد أو السعر الحقيقي للعقار المقتنى يظل جد مرتفع”، ضاربا المثل بـ”منزل قيمته السوقية 30 مليون سنتيم تصبح تكلفته مع معاملة بنكية تتجاوز 55 مليون سنتيم، وهنا تظهر جليا هزالة الدعم الممنوح في إطار هذا البرنامج”.
وختم رئيس منتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية تصريحه بالتأكيد على أن “الحكومة مطالبة بتفادي أعطاب تنزيل هذا البرنامج، حتى تتمكن من بلورة البرنامج الملكي الطموح في مجال السكن، وتمكين الطبقات المتوسطة والشباب من السكن، وتفعيل مقتضيات الدستور وتنشيط قطاع العقار لجعله قاطرة للتشغيل وتحفيز الاقتصاد”.
ودعا مودن الحكومة إلى الاشتغال على محاور أخرى موازية إلى جانب الدعم المباشر والرفع من قيمته، وأن تتوفر لها الإرادة في محاربة المضاربة غير المشروعة و”النوار” في قطاع العقار لكبح جماح البنوك على مستوى أسعار الفوائد البنكية المبالغ فيه.
المصدر: وكالات