في وقت تسعى وزارة العدل إلى توسيع نطاق “المحاكمة عن بعد”، التي بدأها المغرب إبان جائحة فيروس كورونا، انتقدت المحامية والناشطة الحقوقية خديجة الروگاني هذا النمط، معتبرة أنه يضرب أسس المحاكمة العادلة ولا يضمن حقوق المتهمين.
وذهبت الروگاني إلى القول، خلال تقديمها للمذكرة المطلبية لـ”تحالف ربيع الكرامة” حول مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية، إن المحاكمة عن بعد “ذبح حقيقي للمحاكمة العادلة، لأن هناك محكومين مهددين بالإعدام والمؤبد وبعشرين وثلاثين سنة سجنا، وهم تحت رحمة السلطة التقديرية للقاضي”.
وزادت الحقوقية ذاتها موضحة: “القانون يركز على السلطة التقديرية، وعلى الجانب المتعلق بالاقتناع الوجداني للقاضي، وهذا الاقتناع لا يمكن أن يتكوّن إذا لم يكن المتهم ماثلا أمام القاضي، فحركات المتهم ونظراته وما إلى ذلك عوامل مؤثرة في تكوين الاقتناع، فكيف يمكن التعرف على هذه العوامل والمتهم يظهر على شاشة مضبَّبة، وأحيانا لا نسمع حتى صوته بشكل جيد”.
من جهة ثانية، اعتبرت الروگاني أن حديث مسوّدة مشروع قانون المسطرة الجنائية لأول مرة عن السياسة الجنائية يعدّ من إيجابيات المشروع الذي أعدته وزارة العدل، غير أنها انتقدت عدم تعريف ماهية هذه السياسة، وأردفت: “واضع النص عرّف السياسة الجنائية بأنها جزء من السياسة العمومية، لكن المطلوب هو التنصيص على أنه يجب أن تكون مستقلة عن السياسة العمومية، وأن يكون هناك تفسير أعمق لها، على اعتبار أنها التصور السياسي للدولة والحكومة وللعدالة الجنائية، وعدم التنصيص على استقلاليتها يوحي بأنها لن تكون مستقلة أبدا، وأنها ستُختزل في مجرد قواعد وتدابير، وهذا ضرب من العبث”.
واعتبرت المتحدثة ذاتها أن “من سلبيات مسوّدة مشروع القانون المتعلق بقانون المسطرة الجنائية توسيع صلاحيات النيابة العامة”، مبرزة أن “في ذلك تضييقا على الحريات، لأنه في أحيان يتم تضييق صلاحيات مؤسسة قاضي التحقيق”.
وأردفت المحامية بهيئة الدار البيضاء، انطلاقا من تجربتها العملية، أنه “أحيانا يتجاوز البحث التمهيدي الذي تنجزه الشرطة القضائية بكثير البحث الذي يقوم به قاضي التحقيق، ما يطيل أمد التحقيق، ويبقي المتابعين رهن تدابير الحراسة النظرية، مع ما يتبع ذلك من تزايد الاكتظاظ في المؤسسات السجنية، حيث يمثل المعتقلون احتياطيا أربعين في المائة من السجناء”.
ودعت الحقوقية ذاتها الجمعيات الحقوقية إلى الانكباب على مواكبة مشروع القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية، “ففيه إيجابيات لكن فيه تراجعات خطيرة”، على حد تعبيرها، مشيرة إلى الاعترافات التي تنتزع تحت التعذيب بالقول: “رغم أن المشروع يقول إن هذه الاعترافات لا يُعتد بها، إلا أنه لم يوضح كيف يُثبت عدم أخذها بدون تعذيب”.
وأضافت الروگاني: “هذه فرصة تاريخية للمطالبة بإجراءات قانونية في عدد من القضايا الحقوقية، ومنها انتزاع الاعتراف تحت التعذيب، وحجية المحاضر التي تتمتع بها الشرطة القاضية، التي هي قرآن منزّل بالنسبة للمحكمة إلا إذا وقعت معجزة”، متابعة: “هناك تعسفات على مستوى البحث التمهيدي، سواء لدى الشرطة أو الدرك، إذ يتم التوقيع على المحضر دون قراءته ودون أن تكون مضامينه صادرة عن المستجوَب”.
المصدر: وكالات