أثارت كلمة عمر هلال، السفير الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، خلال المناقشة العامة للدورة الثامنة والسبعين للأمم المتحدة، التي أثار فيها المسؤولية القانونية والسياسية للجزائر في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية والوضعية الحقوقية في مخيمات تندوف، حفيظة “دولة المخيمات”، التي خرجت ببيان دافعت فيه عن النظام الجزائري، متهمة الرباط بما أسمته “التمادي في لغة التصعيد والتعنت”.
المسمى محمد عمار، ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة، شن في بيان له “هجوما شرسا” على السفير المغربي بسبب إثارته الدور الجزائري في النزاع حول الصحراء المغربية ووضعية حقوق الإنسان في المخيمات، متهما إياه بـ”الاستمرار في سياسة إلقاء اللوم على الآخرين في محاولة مكشوفة لصرف الأنظار عما يعانيه المغرب من مشاكل وتزييف الحقائق بخصوص قضية الصحراء”.
ولعل الحقيقة المُرة التي زيفها البيان وأخفاها عمار، يقول محللون، هي تلك المرتبطة بالدور الوظيفي الذي تلعبه البوليساريو لصالح أجندة الجزائر في المنطقة، والوضع الحقوقي في المخيمات، وما يعيشه المعسكر الانفصالي من عزلة دولية أمام اقتناع المنتظم الدولي بوجاهة الحلول التي طرحها المغرب مقابل تصميم الطرفين الآخرين على إطالة أمد النزاع، مسجلين أن البيان إنما يشكل إدانة مباشرة للجزائر ودليلا آخر يثبت تطورها في هذا النزاع، رغم إصرارها المتكرر على غير ذلك.
دور وظيفي وحالة ارتباك
محمد سالم عبد الفتاح، رئيس “المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان”، قال إن “بيان البوليساريو يؤكد الدور الوظيفي للجبهة الانفصالية في إطار الحرب بالوكالة التي تشنها الجزائر ضد الوحدة الترابية للمملكة المغربية ومصالحها القومية”، مشيرا إلى أن “هذا الدور افتضح في الآونة الأخيرة، سيما بعد الهزائم والانتكاسات التي حصدتها البوليساريو ومعها الجزائر، التي اضطرت إلى الخروج بوجه مكشوف ظهر معه للعالم أنها طرف رئيسي وفاعل في هذا النزاع المفتعل”.
وأضاف سالم عبد الفتاح أن “الجزائر نصبت نفسها كمدافع شرس عن الأطروحة الانفصالية في المنتديات والمحافل الدولية، آخرها الاجتماع الأخير للجمعية العامة للأمم المتحدة، ومع ذلك تستمر في إنكار دورها في هذا النزاع، وترفض دعوات المنتظم الدولي للعودة إلى آلية الموائد المستديرة، تماشيا مع القرارات الأممية ذات الصلة”.
“رد ممثل البوليساريو في الأمم المتحدة على السفير الدائم للمغرب في هذه الهيئة الأممية يثبت فشل ممثل الجزائر في الرد على الإشكالات التي أثارها عمر هلال خلال كلمته”، يسجل المتحدث عينه، مشيرا إلى أن “السفير المغربي أثار مجموعة من القضايا التي تشغل بال المنتظم الدولي على غرار انتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف، وحالة التفويض غير القانوني لسلطات الدولة الجزائرية، وولايتها القضائية على تندوف لصالح جبهة البوليساريو، إضافة إلى ارتباط الأخيرة بالتنظيمات الإرهابية في المنطقة”.
وخلص إلى القول بأن “بيان البوليساريو اعتمد لغة ديماغوجية من خلال تحوير عدد من المفاهيم القانونية وتوظيفها في غير محلها، وهو ما يؤكد حالة الارتباك التي تعيشها الجبهة، وفشلها في إنتاج خطاب قانوني وسياسي يتماشى مع التحولات السياسية والقانونية والاستراتيجية التي يعرفها العالم، واستمرار تشبتها ببعض المفاهيم التي تجاوزها الزمن، بل تجاوزتها الأمم المتحدة نفسها”.
سياسة هروب ووضع كارثي
تفاعلا مع الموضوع ذاته، قال علي بيدا، رئيس الفرع الجهوي لـ”المركز الدولي للدفاع عن الحكم الذاتي بجهة العيون الساقية الحمراء”، إن “البيان الصادر عن جبهة البوليساريو المتعلق بالرد على مداخلة سفير المملكة المغربية عمر هلال يشكل استمرارا لسياسة الهروب من واقع الفشل وبؤس الخطاب الانفصالي المعتاد من طرف البوليساريو”.
ولفت بيدا إلى أن “هذا الفشل يقابله نجاح الدبلوماسية المغربية في تغيير كثير من المعطيات الميدانية، تغييرا تؤطره تعليمات وتوجيهات الملك محمد السادس، والمتمثل في سحب الاعترافات الدولية بجمهورية الوهم والسراب، وافتتاح عشرات الدول قنصليات لها في الصحراء المغربية، وما يرافق ذلك من تجليات وتجسيدات لمغربية الصحراء على المستوى الدولي”.
وأضاف، في تصريح لهسبريس، أن “البوليساريو أكدت بالملموس تبعيتها المطلقة لنظام العسكر الجزائري والولاء لأجندته التخريبية في المنطقة”، مشيرا إلى أن “إصدار هذا البيان تأكيد كذلك على أن البوليساريو لا تملك سلطة اتخاذ أي قرارات تخص ملف الصحراء المغربية”.
وخلص إلى أن “إلغاء المقرر الأممي الخاص بحرية التجمهر السلمي وتكوين الجمعيات زيارته للمخيمات يحمل رسائل واضحة، ويؤكد صحة ما ورد على لسان السفير عمر هلال بشأن كارثية الأوضاع بالمخيمات، وهذا ما تخشاه الجزائر وقيادة البوليساريو”.
المصدر: وكالات