رغم التوتر السياسي المتصاعد بين باريس والرباط، يحافظ البلدان على التنسيق العسكري والأمني في مجموعة من الملفات الإستراتيجية، ويستدل على ذلك بالزيارة غير المعلنة للجنرال ريجي كولكومبي إلى المغرب لتعزيز التعاون العسكري البيني.
وأعلنت السفارة الفرنسية بالرباط عن إجراء الجنرال كولكومبي، الذي يشغل منصب مدير التعاون الأمني والدفاعي بوزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية، عدة “مباحثات مثمرة” مع مسؤولين مغاربة في ما يخص التعاون العسكري والأمني بين البلدين.
وسبق أن شاركت القوات المسلحة الملكية في عدة مناورات عسكرية مع الجيش الفرنسي، إذ لم يتأثر التعاون العسكري بتداعيات الأزمة السياسية طويلة المدى، وذلك على غرار التعاون الأمني والقضائي الذي تحكمه اتفاقيات مشتركة.
محمد شقير، خبير عسكري وأمني، قال في هذا الصدد إن “هذه المفارقة لم تنحصر في فرنسا فقط، بل شملت إسبانيا من قبل، حيث يحافظ المغرب على علاقاته العسكرية والأمنية الإستراتيجية مع البلدان المعنية بالأزمة بعيداً عن التوترات السياسية”.
وأضاف شقير، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “العلاقات الأمنية والعسكرية مؤطرة باتفاقيات غير مقرونة بالتوتر السياسي، خاصة أن المجال تحكمه ارتباطات عسكرية ومصالح مشتركة، بالنظر إلى خصوصية وطبيعة الأجهزة التي لها منطق خاص بعيد عن السياسة”.
وواصل الخبير ذاته بأن “اتفاقيات التعاون في المجالين العسكري والأمني تكون طويلة المدى، وبالتالي فهي لا تتأثر بالفتور الدبلوماسي أو التوتر السياسي”، مبرزاً أن “العلاقات العسكرية على وجه الخصوص تكون إستراتيجية وحيوية بين البلدان”.
وأردف المتحدث بأن “المغرب لطالما حرص على التعاون الأمني مع البلدان الأوروبية رغم سياقات الأزمة، حيث حافظ على علاقاته الإستراتيجية مع إسبانيا في خضمّ التوتر السياسي غير المسبوق، وواصل مدّ الأجهزة الأمنية بالمعلومات المرتبطة بالشبكات الإجرامية والجماعات الإرهابية”.
وتمرّ العلاقات السياسية بين باريس والرباط منذ مدة ليست بالقصيرة بأزمة لم تعد صامتة، بل أصبحت علنية بعد التصريحات الأخيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول المغرب، الأمر الذي أدى إلى تأجيل زيارته المبرمجة في يناير المنصرم.
ولم تستوعب فرنسا بعد التطورات السياسية الحاصلة في المنطقة المغاربية، بخلاف الأقطاب الأمريكية والروسية والصينية، التي توسع نفوذها الاقتصادي والسياسي بطريقة “هادئة” في القارة الإفريقية، وهو ما يرجعه بعض الباحثين إلى الأزمات الهيكلية التي تعيشها باريس على المستوى الداخلي.
المصدر: وكالات