كتاب جديد ضمن سلسلة مهتمة بدراسة نوبات طرب الآلة الأندلسي المغربي وتقعيدها أعلن عنه المعهد الأكاديمي للفنون التابع لأكاديمية المملكة المغربية، ووقعه الباحث والموسيقي عمر المتيوي، في حفل تقديم استقبله، الأربعاء، مقر المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب بالرباط.
محمد نور الدين أفاية، مدير المعهد الأكاديمي للفنون، قال إن حفل تقديم كتاب “رمل الماية – تدوين، دراسة وتحليل”، يندرج ضمن “التزام أكاديمية المملكة المغربي بدراسة التراث الفني بشموله ومختلف تعبيراته بالمغرب، والتعريف به، وتطويره كلما أتيحت فرصة الارتقاء بالتعبير الموسيقي التراثي المغربي، والعمل على البناء على هذا التراكم الذي يمكن أن يؤسس له ويسهم فيه مختلف الفاعلين المؤسسيين والأفراد والجمعيات”.
وذكر أفاية أن هذا التقديم يأتي “في سياق اعتراف اليونسكو بفن الملحون”، علما أن “أكاديمية المملكة المغربية منذ تأسيسها اهتمت بشكل كبير بهذا النمط الموسيقي، وأصدرت ما يقرب من 11 مجلدا، لكبار ناظمي ومدوني الملحون المغربي، ولها برنامج كبير في استمرار إنتاج هذه الدواوين”، مردفا: “هذا الاعتراف يتوج مجهودات كبيرة لأكاديمية المملكة، بتنسيق مجموعة من الفاعلين المؤسسيين الوطنيين، لانتزاع الاعتراف في لائحة التراث غير المادي للإنسانية”.
وفي مجال موسيقى الآلة، قال المتحدث ذاته: “أصدرت الأكاديمية 7 مؤلفات تهم الآلة المغربية، سواء في التحقيق، أو الدراسات التي ساهم بها الباحثون في ندوات ودورات الأكاديمية ومجلتها الخاصة. وبعد الكتاب الأول للمتيوي عن “نوبة الاستهلال” نقدم اليوم الكتاب الثاني من جزأين عن “رمل الماية”، للتعريف بها، وخصوصياتها، وأسباب استبدال أشعارها الغزلية بأشعار مديحية، مع تحليل طبوعها وتفصيل موازينها، والمقارنة بين النوبة الأصلية وأغراضها الدنيوية من غزل وخمريات ووصف للعشي، ونظيرتها المديحية المتداولة اليوم”.
عبد العزيز بن عبد الجليل، الباحث في الدراسات الموسيقية، وضع المؤلف الجديد ضمن “مخطط رام التعريف بنوبات الموسيقى الأندلسية”، ينهض به عمر المتيوي؛ “فبعد كتابه في 2018 حول ”نوبة الاستهلال” يغني المكتبة الوطنية اليوم بكتاب جديد حول “نوبة رمل الماية” بعناية أكاديمية المملكة المغربية”.
ويرى الباحث ذاته أن المتيوي “تفرّد دون غيره من مدوني الموسيقى التراثية الشفهية، ومنها المغربية الأندلسية، بالسبق في استخدام طريقة النقحرة، على المستوى العربي، وهي سابقة جريئة تحسب له؛ فرغم اقتناعه بقصور التدوين الغربي في صورته الحالية، وأن التدوين بقواعد السولفيج الصارمة يمس بهذا الصنف الموسيقي، إلا أنه اجتهد في تبني طريقة بصرية للتدوين، ولاسيما مع أفراد مجموعته، ووُفّق إلى نهج يلتقي فيه التدوين الصولفائي بالطريقة التقليدية، مع توفير دعم بصري للتدوين الموسيقي وفتح آفاق جديدة ومجددة في حود مستلزماتها”.
محمود قطاط، أكاديمي ومؤسس المعهد العالي للموسيقى بتونس، قال من جهته إن “رصيد الآلة المغربية لقي كثيرا من الاهتمام، وهذا الإصدار الأخير يكتسي أهمية خاصة لمجهوده وإضافته التي لم تكن مألوفة، سواء من حيث التدوين اللحني والإيقاعي وتنزيل الكلمات، أو الجانب التنظيري والتعريفي بالنوبة والميزان والطبع، وكل ما يتعلق برصيد الآلة”، ثم سجل أن هذا العمل الجديد “إضافة نوعية في المجال”.
الموسيقي والباحث عمر المتيوي ذكر أن إصداره الجديد حول “نوبة رمل الماية” يتكون من “جزأين أولهما بالفرنسية للكتابة الموسيقية، والثاني دراسة باللغة عربية، وهو يأخذ بالاعتبار أن هذه أكبر نوبة من النوبات الإحدى عشر للموسيقى الأندلسية المغربية المعروفة بموسيقى الآلة، وجديده دراسة الأشعار التي كانت من قبل غزلية، قبل أن تقوم لجنة بإشراف الوزير العربي الجامعي باستبدال جميع أشعار النوبة إلى المديح النبوي الشريف، فصارت هذه النوبة الأولى من حيث الأشعار والأذكار والنغمات”.
وتابع المتيوي: “هذا مشروع سيستمر في تدوين النوبات ودراستها بطريقة جديدة، وجديده النقحرة، أي كتابة اللغة العربية بالحروف اللاتينية حتى تتماشى مع كتابة الموسيقى الغربية. كما استعرنا منظومة الرموز الموسيقية، والكتاب الأول صدر عن أكاديمية المملكة المغربية، وكانت فيه دراسة كبيرة عن التاريخ والطبوع وتدوين ”نوبة الاستهلال”، وهذا الكتاب الثاني، والنوبة القادمة هي “الماية”، وستصل إلى الطباعة عما قريب”.
المصدر: وكالات