حضور محتشم للكتاب الأمازيغي داخل أروقة المعرض الدولي للكتاب والنشر في دورته الثامنة والعشرين، إذ يقتصر وجوده على ثلاثة أروقة فقط، هي: رواق المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، ورواق مجلة “أدليس”، إضافة إلى رواق رابطة “تيرا” للكتاب بالأمازيغية.
خلال جولتها بين أجنحة المعرض الذي تدور فعالياته بمدينة الرباط، استطلعت جريدة هسبريس الإلكترونية آراء ناشرين ومؤلفين حول مدى حضور الكتاب الأمازيغي بالمعرض ومدى إقبال الزوار عليه.
حضور ضعيف
عبد الله بوشطارت، ناشط وكاتب أمازيغي، قال إنه “تجدر الإشارة أولا إلى أن الكتاب الأمازيغي نوعان؛ الأول هو المكتوب بحروف تيفيناغ أو بالحروف اللاتينية، أما الثاني فهو المكتوب بلغات أخرى غير الأمازيغية، كاللغة العربية أو الفرنسية أو الإنجليزية، لكن موضوعه هو الأمازيغية نفسها”.
وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن “الكتاب الأمازيغي حاضر بالمعرض الدولي للكتاب والنشر؛ غير أن حضوره ما زال ضعيفا جدا. كما أن المساحة التي يشغلها جد محدودة؛ ولكننا في الحركة الأمازيغية نعتبر هذا الحضور مهما، لأن ما تعيشه الأمازيغية صعب جدا”.
وحول المشاكل التي تعترض الكتابة باللغة الأمازيغية، قال بوشطارت إن “هذه المشاكل كثيرة ومتداخلة؛ أهمها عدم تعميم اللغة الأمازيغية في التعليم والإعلام، لأنه من سيكتب باللغة الأمازيغية أو سيقرأ بها من الضروري أن يكون قد درسها ويتعايش معها في الإعلام بشكل يومي”، مشيرا إلى أن “الذين يكتبون ويبدعون باللغة الأمازيغية هم المناضلون خريجو الحركة الأمازيغية والجمعيات الثقافية”.
تمييز إيجابي
من جهته، اعتبر أحمد الخنبوبي، مدير مجلة “أدليس”، أن “الكتاب الأمازيغي مر من ثلاث فترات أساسية منذ استقلال المغرب، حيث كانت الكتابات في البداية محتشمة جدا، من طرف بعض الفرنسيين والمغاربة الذين كانوا يكتبون في الغالب بالحرف العربي أو اللاتيني”.
وتابع أنه “خلال فترة الستينيات التي شهدت بداية الوعي الأمازيغي الحديث، خصوصا مع الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، بدأت بعض الإصدارات الأمازيغية رغم أنها كانت معدودة على رؤوس الأصابع”.
وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أنه “مؤخرا لوحظ إقبال من طرف الشباب على الكتابة باللغة الأمازيغية وبحرف تيفيناغ، في مجالات مختلفة على غرار الشعر والسوسيولوجيا والسياسة والتاريخ”.
وحول تقييمه لحضور الكتاب الأمازيغي في المعرض، قال الخنبوبي إن “الأمازيغية عانت من التهميش لعقود؛ وبالتالي فهي تحتاج إلى مزيد من التمييز الإيجابي لكي تأخذ مسارها الصحيح إسوة بباقي اللغات، إذ لا يعقل أن اللغة الأمازيغية التي أقرها الدستور لغة رسمية يخصص لها فقط ثلاثة أروقة بالمعرض، في الوقت الذي يجب إيلاؤها مزيدا من الاهتمام خاصة مع القرارات والمبادرات الرسمية الأخيرة التي تعكس رغبة الدولة المغربية في رد الاعتبار لثقافتها”.
إقبال ملحوظ
ولمعرفة مدى إقبال زوار المعرض على الكتاب الأمازيغي، توجهت جريدة هسبريس بالسؤال إلى ابتسام السربوت، محافظة مكتبة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، التي أكدت أن “إصدارات المعهد عرفت إقبالا كبيرا من طرف زوار الدورة الحالية للمعرض مقارنة بدورات السنوات الفارطة”، مشددة في الوقت ذاته على أن “المعهد يحرص كل سنة على إصدار إنتاجات جديدة لإغناء مكتبته وتنويع عروضه”.
وحول نوعية الكتب التي تعرف إقبالا، أوردت المتحدثة ذاتها أن “رواق المعهد يستقبل فئات مختلفة من الزوار، منهم المتمكنون من اللغة الأمازيغية، وهؤلاء يقتنون الكتب المكتوبة بحرف تيفيناغ، على قلتهم، ثم هناك فئات أخرى ممن يتقنون قليلا اللغة الأمازيغية أو غير الناطقين بها، وهؤلاء يفضلون اقتناء الكتب المكتوبة بأحرف أخرى كالحرف العربي أو اللاتيني، وهذا يعكس حرص المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية على جعل الولوج إلى اللغة الأمازيغية حقا للجميع”.
السؤال ذاته وجهناه إلى صالح أكرم، مترجم من وإلى الأمازيغية وعضو رابطة “تيرا”، الذي أكد أن “الكتب الأمازيغية المكتوبة بالحرف اللاتيني تعرف إقبالا كبيرا من طرف الزوار”، مشيرا إلى أن “تلك المكتوبة بحرف تيفيناغ تلقى إقبالا خاصا من طرف الطلبة الباحثين في الدراسات الأمازيغية”.
وخلص المتحدث ذاته إلى أن “الجمعيات الثقافية تساهم بشكل كبير في الحفاظ على استمرارية الإنتاجات الأدبية الأمازيغية”.
المصدر: وكالات