مع مرور اليوم السابع على وقوع الزلزال المدمر في المغرب تتضاءل فرص العثور على ناجين تحت الأنقاض، خصوصا أن فرق الإنقاذ كانت قد عانت من صعوبة الوصول إلى بعض القرى النائية التي كانت مركزا للهزة الأرضية.
وتعد القرى متناثرة في مناطق جبال الأطلس الكبير، وهي قرى تُعرف بوعورة طرقها في الأيام الطبيعية، ومع حدوث الزلزال انهارت الصخور عليها، فأصبح الوصول إلى تلك المناطق المعزولة أكثر صعوبة؛ وهو اضطر بعض فرق الإنقاذ إلى إكمال الطريق سيرا على الأقدام، كما تم اللجوء إلى طائرات الهليكوبتر لإيصال المساعدات.
الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز في ساعات متأخرة من ليلة الجمعة دمر قرى بأكملها، حيث البيوت من الطين والتبن والقش، غير مجهزة لمقاومة الزلزال أو أي كارثة طبيعية. وهنا تكثر الأسئلة حول الخطوة الموالية في إيواء المتضررين من الزلزال.
وصرحت الحكومة يوم الإثنين الماضي بأنها ستعمل على إعادة إعمار المناطق المدمرة من الزلزال؛ لكن هل يعد ذلك حلا مناسبا أم إن الأنسب هو تجميع تلك القرى المتفرقة في منطقة واحدة، أو ما تسمى القرى النموذجية؟.
وحسب مصادر محلية فإن السلطات حاولت إقناع المتضررين بمشروع القرى النموذجية، إلا أنهم رفضوا مغادرة مناطقهم المنكوبة. وفسر مبارك الطالعي، خبير في التنمية القروية، في تصريح له لهسبريس، هذا الرفض بكون “الساكنة في القرى لديها ارتباط قوي بأرضها، يترجم نمط الحياة هناك، لذلك يصعب التفكير في تجميعها في منطقة واحدة أو ما تسمى القرى النموذجية”.
وقال الطالعي لهسبريس: “هذا الارتباط قديم جدا وتاريخي، وله علاقة بطبيعة الموارد التي تشكل المعتمد الأساس في حياة الساكنة هناك، مشددا على أن “القرى النموذجية ليست بحل، وإنما الحل الأنسب هو فتح مسالك والإنصات إلى حاجيات ساكنة تلك القرى”.
من جهته قال محمد الديش، رئيس الائتلاف المدني من أجل الجبل، في تصريح لهسبريس، عن ارتباط الساكنة بأرضها: “هذا الارتباط أعطانا إرثا لا ماديا، يتمثل في عدد من المعارف المحلية والقيم المغربية الأصيلة”.
وأضاف الديش: “من واجبنا الحفاظ على هذا الإرث، وبالتالي لا يمكن أن نجمع السكان في منطقة واحدة”، معتبرا أن “هذا الإعمار تجب المحافظة فيه على القيم والتقاليد، وعلى الموروث، سواء في الزراعة أو في ممارسات الرعي أو الصناعات التقليدية التي تتضمن حرفا مختلفة”.
وأشار رئيس الائتلاف المدني من أجل الجبل إلى احتمال تجميع قريتين متقاربتين في مكان قابل للتعمير، أي بفضاء تتوفر فيه معايير السلامة من الفيضانات والحرائق، وذي أرضية صلبة مقاومة للزلازل، إضافة إلى توفير خدمات الطريق والكهرباء وشبكة الاتصال، مع الخدمات الأخرى من مدارس ومستشفيات.
واقترح محمد الديش “اعتماد تجمعات متوسطة في أماكن قريبة من المناطق المنكوبة، وبذلك يستطيع المستفيد الذي خسر بيته أن يكون قريبا له، ولكن في مكان بعيد نسبيا عن المنطقة المنكوبة، وسيبقى بإمكانه التنقل إلى أرضه للاستمرار في نشاطه الفلاحي”.
المصدر: وكالات