عاد شبح الشغب ليطل برأسه من جديد على الملاعب المغربية، بعد الأحداث التي شهدها ديربي الشرق بين مولودية وجدة والنهضة البركانية، في افتتاح البطولة الوطنية.
وتفوّق فريق النهضة البركانية على جاره مولودية وجدة بهدفين دون مقابل في منافسات البطولة الاحترافية، مساء الأحد، في المباراة التي شهدت أحداث شغب أدت إلى توقيف 21 شخصا غالبيتهم من القاصرين.
وأوضحت السلطات الأمنية أن الأشخاص الموقوفين على خلفية أحداث الشغب سالفة الذكر يواجهون تهما تتوزع بين “عمليات الرشق بالحجارة، وإلحاق خسائر مادية وتخريب ممتلكات عمومية، وحيازة أسلحة بيضاء والتخدير، وهي أعمال الشغب التي خلفت أيضا تسجيل خسائر مادية طالت 05 مركبات تابعة للقوات العمومية”.
في تعليقه على الموضوع، اعتبر سعيد بنيس، أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة محمد الخامس في الرباط، أن محاضن التربية تتحمل مسؤولية ظاهرة شغب الملاعب، انطلاقا من البيت والأسرة والمدرسة والمواقع الاجتماعية، مبرزا أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت من وسائل التنشئة الاجتماعية التي يستمد منها الشباب قيمهم والتي تشجع على العنف المجاني.
وطالب بنيس، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بـ”ضرورة التفكير في مقاربة ثقافية لمواجهة الظاهرة، تقوم أساسا على محاورة الشباب المشجع وتأطيره من خلال وسائط عديدة”، مشددا على “دور جمعيات الألتراس في تكريس ثقافة قبول الآخر والروح الرياضية وتجنب سلوكات وممارسات تكن العداء للآخر وتروج لخطاب الكراهية”.
وأفاد الخبير ذاته بأنه “بعيدا عن الأحداث المتفرقة التي يمكن أن نرصدها في بعض المباريات، يبدو أن المدرجات المغربية انتقلت إلى عهد جديد من التفاعل يمكن أن نعتبره قوة ناعمة بالنسبة للمملكة المغربية، لا سيما أن بعض أناشيد ألتراس الفرق المغربية صارت أناشيد عابرة للحدود، تغنت بها جماهير أخرى في تونس والجزائر ومصر والأردن وغيرها”.
وتابع بنيس موضحا أن الشغب الذي يمكن أن نراه في بعض الأحيان في ملاعب كرة القدم المغربية هو “شغب استثنائي ومتفرق، ولا يمكن من خلاله أن نقيم ونحكم على التفاعلات، لا سيما الألتراس التي تبقى تفاعلات مجتمعية تنهل من قيم تمغربيت، مثل التضامن والإخاء وتصويب بعض الاختلالات المجتمعية”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن هناك تحولا جعل من خطاب الألتراس يتحول إلى خطاب يمكن أن نسميه “قوى ناعمة، إذ إن المشجعين والألتراس المغربي صاروا نماذج يحتذى بها على المستويين الإقليمي والعالمي، حتى عند أعرق الالتراس بأمريكا اللاتينية لا سيما مع الظهور المتميز للمشجعين المغاربة في مونديال قطر”.
من جهته، اعتبر المحلل الرياضي بدر الدين الإدريسي أن ظاهرة شغب الملاعب “لا تبارح المشهد الكروي المغربي على غرار المشاهد الكروية العالمية، خاصة في المناطق التي تتصاعد فيها وتيرة المنافسة ما بين فريقين جارين”.
وذهب الإدريسي، في حديث مع هسبريس، إلى أن ما حدث في مباراة المولودية الوجدية ونهضة بركان مرتبط بما يعيشه الجمهور. وفي هذا الصدد، أفاد بأن هناك “واقعين رياضيين مختلفين.. النهضة البركانية ربما تاريخيا لا يمكن قياسها مع المولودية الوجدية؛ ولكن في العشر سنوات الأخيرة قامت بقفزة نوعية وتصدرت المشهد الكروي الوطني كما القاري. في المقابل، هناك تراجع مهول للمولودية الوجدية، وهذا يشكل عقدة وسخطا كبيرا جدا في صفوف الجمهور الوجدي”.
وزاد المحلل الرياضي ذاته موضحا أن فتيل الخلاف بين جمهور الفريقين الجارين “يمكن أن تكون هذه أسبابه، خاصة أن المباراة كانت حساسيتها مرتفعة؛ مثل مباريات الديربي والكلاسيكو”.
واستدرك المتحدث ذاته قائلا: “لكن هذا لا يعفينا من دورنا، كجامعة وإعلام وسلطات، من جعل مستويات اليقظة في درجة كبيرة لمواجهة الشغب بمختلف أنواعه”، مشددا على أنه “لا يمكن أن نكون بلدا يستضيف تظاهرات ومباريات من المستوى العالي، وبلدا له منتخب صنع التاريخ في كأس العالم، ويستعد لاستضافة كأس إفريقيا للأمم ولم لا كأس العالم، أن يسمح باستمرار هذه النعرات بين المناصرين”.
ودعا الإدريسي إلى ضرورة وصول الجهاز الرقابي إلى “مستويات عليا للحد من فتيل هذه المواجهات”، معتبرا أن “تضخيم وتغليظ العقوبات والغرامات المالية على الأندية والحجز الجزئي للمدرجات جزء من الحل”، كما حث على ضرورة الرفع من درجة اليقظة والاستباقية في التصرف في المباريات عالية الحساسية.
المصدر: وكالات