كنت حزيناً وأنا أتابع نهاية الموسيقار حلمي بكر، وبؤرة حزني ترافقت مع مشاهدتي لفيلم وثائقي عن الحيوانات، أوقفت (الريموت) على مشهدية رؤية أسد وقع بين براثن ضباع متوحشة، كان أضعفها قادراً على نهش رقبة أسد خارت قواه، أسد تخلى عن عظمته واستسلم تماماً لضباع ناهشة، رأيت أسداً عجز تماماً عن هش ضباع تكالبت عليه قبل أن يترك أنفاسه الأخيرة كوداعية لبطل سقط بين براثن ضباع متوحشة.
وجميع المحبين للموسيقار حلمي بكر كانوا شهوداً على تلك النهاية المؤسفة، فقد سبق وفاته أقاويل، وسرقات، وتهم متبادلة بين أفراد أسرته، وبعض أصدقائه.. وانتشرت مقاطع فيديو نقلت عجزه الصحي، وحالته المتردية العابرة لأيامه الأخيرة، أظهرت مقاطع الفيديو تلك مَن اعتدوا على إنسانيته، وحجم سيرته الضخم، كان الاعتداء مبتذلاً بتصوير هيئته المتعبة، وأنّاته الواهنة.. وقد تمادت وسائل الإعلام في نهش حلمي بكر بصورة مزرية.. مقاطع فيديو جسّدت تلك النهاية المؤلمة وكأنها تصور مشهداً لحيوانات متوحشة انقضت على فريستها بضراوة، من غير أدنى يقظة لحقوقه الإنسانية، وصيانة سيرته الفنية الحافلة بالأعمال اللحنية ذائعة الصيت.. حقّاً، وسائل الاعلام ولغت في سيرة الموسيقار حلمي بكر بما لا يليق بإنسانيته أولاً، ولا يليق بسمعة نجم كبير أفنى حياته ملحناً وباحثاً عن جمال الموسيقى العربية، وللأسف صاحبت نهايته بشاعة ما يقال، وما لا يقال.. فأي نهاية كانت.
وكان على نقابة الموسيقيين حماية سيرة حلمي بكر، فكما يقال «إن إكرام الميت دفنه»، وكان الأجدر بنقابة الموسيقيين إكرام حلمي بكر بدفن أو بمنع تصوير وبث حالته الصحية المتدهورة.