الصحفي علي العكاسي، يرى أن هناك فرقاً شاسعاً بين الإعلامي والإعلاني، وتدرك ذلك الجهات المختصة.
ورغم كل ذلك، إلا أن الظاهرة المؤسفة نشهدها تتصاعد وتتفاقم في مناسباتنا الرسمية والمجتمعية، وهذه التجاوزات الفردية -التي لا تنتمي لإعلامنا الرصين-، من أصحاب الهوايات اليومية في السوشال ميديا والخالية من الاحترافية ترمي في النهاية إلى زيادة المتابعين في منصاتهم الخاصة، وهي في كل الأحوال قضية حقيقية تجاوزت الأعراف الإعلامية والمفاهيم في أجهزتنا الحكومية، وحان الوقت للتصدي لمثل هذه الهوايات الفردية التي تهدم ولا تبني لأنها تخلو من العمل المسؤول في إعلامنا، وعلى الجهات المعنية أن تتحمل مسؤولياتها في تنظيمهم! وأضاف العكاسي أنه من المهم أن يخضع مثل هؤلاء إلى دورات تدريبية إعلامية مكثفة ومنح المحترفين منهم التراخيص التي تضعهم أمام التحدي، وقد لا تعنينا حكاية أرقام المتابعات الوهمية بقدر ما يقدمه هؤلاء من محتوى يليق بإعلامنا المحلي الذي نحلم به. ويضيف العكاسي: إن الإعلام الرقمي الجديد والخالي من التسلية والهوايات أو الإعلانات وزيادة المتابعين، أصبح من الضروري أن نفتح له المساحات بالتعامل معه، ولكن متى ما تم إخضاعه للضوابط والانضباط والمسؤوليات، وهذا ما يجب على الجهات المعنية وغيرها أن تراعي أهمية هذا الجانب بتقديم دعواتها لمن يحمل ترخيص المهنة حتى تضمن نقل مناسباتها بالصورة التي تليق بها وبمسؤوليها حتى لا تصبح جزءاً من اتساع ظاهرة (التسلية)، وبالمقابل قد تسجل خسارتها الحقيقية لإعلامنا الذي يتحمل مسؤولياته بنقل الأحداث بمتابعات خبيرة من مرجعياته الإعلامية بالحرص على خروجها للمتلقي وهي حافلة بالإبداع والاحترافية.
حان وقت التصدي
الصحفي والإعلامي.. هناك فرق
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد الدكتور محمد آل ظفران، يؤكد أن لقب الإعلامي أصبح سهلاً في الآونة الأخيرة، وبات كل شخص يرغب في الوصول لشيء ما، أن يطلق على نفسه لقب إعلامي أو إعلامية، وصار على هذا المبدأ المتداول أن كل رواد منصات التواصل الاجتماعي إعلاميون بمجرد أنهم أرسلوا سنابة هنا أو سنابة هناك، وتغريدة هنا أو تغريدة هناك. وفي الحقيقة أنه لا يمكن أن يكون الشخص إعلامياً إلا إذا مارس الإعلام الحقيقي عبر وسائله المعروفة؛ سواءً المرئي أو المسموع أو المقروء، أما منصات التواصل الاجتماعي فليست إعلاماً بالمفهوم الصحيح على الإطلاق. ويؤكد آل ظفران، أن كثيراً من الناس، حتى بعض الإعلاميين، يخلطون بين «الإعلامي» و«الصحافي»، وأنا أوضح أن الإعلامي مسمى شامل يطلق على كل من يعمل في الحقل الإعلامي بدءًا بموظفي العلاقات العامة، مروراً بالصحفيين وانتهاءً بالمذيعين والمصورين وموظفي وكالات الإعلان والإعلام، أما الصحفي فهو مسمى متخصص لا يُطلق إلا على المهنيين ممن احترفوا مهنة الصحافة؛ تحريراً وكتابةً وعملاً صحفياً مهنياً سواء في الصحافة الورقية أو الإلكترونية، بمعنى أن كل صحفي هو إعلامي ولكن ليس بالضرورة أن كل إعلامي صحفي.
أين هم من المهارات ؟
الأستاذ المشارك في قسم الإعلام والاتصال بجامعة الملك خالد الدكتور عبدالله آل مرعي، يصف الحالة بالقول: أصبحنا نرى مع توسع وسائل الإعلام، وكثرة منصات التواصل الاجتماعي، كثيرين مِن يصنفون أنفسهم إعلاميين، وأمامهم الكثير من الصعوبات في تحديد هوية الإعلامي الصحيحة، فمفهوم طبيعة عمل الإعلامي، خاصة إذا كان إعلامياً بالخبرة وليس بالشهادة، يحتاج إلى أن يكون قادراً على التعرف على معظم المهارات الإعلامية المختلفة؛ كالتصوير الفوتوغرافي والفيديو والكتابة الإخبارية والتصميم والمراسلات الصحفية وإعداد التقارير وإعداد المطبوعات بأنواعها كالكتب والمجلات والبروشورات وغيرها فكل هذا يتطور دائما تبعاً لتطور وسائل الإعلام، لذلك يجب على الإعلامي أن يداوم على تطوير مهاراته بما يواكب التطورات السريعة في المجال. ومن المفضل أن يكون الإعلامي من خريجي كليات الإعلام، أو ممن حصل على دورات مكثفة في المجال من قبل مؤسسات إعلامية معتمدة.
دخلاء وهواة تصوير
عضو هيئة التدريس في قسم الإعلام والاتصال بجامعة الملك خالد الدكتور عوض إبراهيم عوض، يقول: كَثُرَت في الآونة الأخيرة استخدامات الإنترنت في كل بقاع الدنيا، وعلى رأس الأدوات الحديثة وجد الهاتف النقال فرصاً أوسع مما كان متصوراً له، إذ يحمل معظم الشباب من الجنسين هواتفهم المحمولة بغرض تصوير كل ما يعن لهم في مشهد أقرب لما يقوم به الإعلاميون الذين يحرصون على تغطية المناسبات المختلفة. وفي المقابل كثرت مزاحمة هؤلاء الهواة من الشباب للإعلاميين الحقيقيين الذين تبعثهم مؤسساتهم الصحفية؛ سواء المقروءة أو المرئية أو المسموعة لتغطية المناسبات، فيما تعالت الشكوى من سلوك هؤلاء الهواة وهم ينتشرون بشكل غير منتظم في الأماكن التي من المفترض أن تكون حكراً على منتسبي وسائل الإعلام الرسمية من مصورين ومخبرين ومراسلين تبعثهم مؤسساتهم لتغطية هذه المناسبات.
وتابع الدكتور عوض قائلاً: وصف عدد من النقاد والكتاب، سلوك هؤلاء الشباب بالعبث والعشوائية التي تجاوزت الأعراف المتبعة لدى الإعلاميين الحقيقيين، وتجنت بالتالي على طبيعة العمل الإعلامي الحقيقي، ونسبةً لتزايد عدد من يحملون أجهزة الهواتف النقالة أصبح تسابقهم نحو المنصات والمنابر لالتقاط الصور أمراً مخلاً بشكل واضح لأنهم زاحموا الإعلاميين المتخصصين في المجال الذين يتوقع منهم المشاهد والقارئ والمستمع أن يكونوا أداته الأساسية في نقل ما يدور في المحافل المختلفة، وبالتالي فإن الأمر يحتاج إلى استنباط حلول سريعة وناجعة تدرأ بها وسائل الإعلام المشكلات التي يسببها هؤلاء الدخلاء على أهل المهنة الرئيسيين.