تلاوته عذبة وخاشعة تنساب كالنسيم، صوته يُشعرك بالسكينة والطمأنينة، ويأخذك إلى حيث زمن المشايخ المصريين عبدالباسط عبدالصمد ومصطفى إسماعيل، اللذين كانا قدوة له منذ صغره، وسبباً فى تفوقه وحصده عشرات الجوائز على مستوى المملكة المغربية والدول الإسلامية والأوروبية، هو الشيخ عبدالغنى العروة، الذى نُصّب قارئاً للقرآن الكريم بأمر الشعب المغربي، حين اختاره المواطنون بالتصويت جمعاً فى إحدى المسابقات الوطنية، لتكون بوابته نحو العالمية في قراءة القرآن بتجويده ومقاماته المختلفة.
«عبدالغني»: والدي دعمني ووالدتي علمتني قواعد التجويد والمقامات
الشيخ عبدالغني العروة، البالغ من العمر 31 عاماً، أحد أشهر وأهم قراء القرآن الكريم فى المغرب، عشق مدرسة التلاوة المصرية فقلّد أصوات كبارها، وبدأ حفظ كتاب الله في سن صغيرة، وفق حديثه لـ«الوطن»: «بدأت فى سن صغيرة، حيث لاحظ والدي حسن أدائي وصوتي الجميل من خلال الأنشودة الملتزمة، وأراد اختباري بتقليد مشايخ مصر الكبار، وكل مرة كنت أنجح، لذلك دعمني ووجّهني إلى المسار الصحيح، وهو الاهتمام بكتاب الله، وبدأت فى الحفظ من هنا إلى أن أتممت حفظ القرآن الكريم فى عمر الـ17 عاماً».
مدرسة التلاوة المصرية كانت سبباً في تفوق «عبدالغني»، إذ اكتسب منها المهارة في التلاوة المجوّدة، فأصبح واحداً من أهم قراء المغرب: «تعلّمنا من مشايخ المدرسة المصرية واكتسبنا منها الخبرة والمنارة، كنت أقلد الشيخ الراحل متولي عبدالعال بسجية وفطرة، وهو ما جعل والدي يبكى من جمال صوتي، فتحمّس وزاد اهتمامه بي، وكان يأتيني بشرائط لمشايخ مصر مصطفى إسماعيل والمنشاوي وغيرهما، وبدأت أنصت إليهم فى طفولتي، إلى أن اكتسبت مهارة التقليد من خلالهم، فكنت أستغل الفترة الصيفية لقراءة القرآن والتجويد».
أول مسابقة لعبدالغني العروة
يتذكر القارئ المغربي أول مسابقة له في حفظ القرآن الكريم، وفوزه بالمركز الأول تصويتاً من الشعب المغربي: «كانت أول مسابقة لي مع طلاب أكبر سناً، وكنت في التاسعة من عمري، وحصلت على المركز الأول بتصويت الشعب المغربي، مما أهّلني لخوض المسابقات المحلية والعالمية، وصولاً إلى حصولي على المركز الأول في أكثر من 60 شهادة حفظ القرآن بالتجويد».
صعوبات كثيرة واجهت «عبدالغني»، أصعبها تنافسه مع إخوته الـ4 في حفظ القرآن الكريم والمشاركة في الجائزة الأهم بالنسبة له والفوز بها: «كنا 4 إخوة، كلنا حفظنا كتاب الله، كانت هناك منافسة بيننا في الحفظ، وفى 2006 شاركت فى مسابقة الجائزة الكبرى فى المغرب، وهى جائزة محمد السادس لحفظ القرآن، لكن لم أوفق لأنها تجمع الكثيرين من قراء المغرب فى أعمار مختلفة، لكنني صمّمت على المشاركة فى 2009 وفُزت بالجائزة عن حفظ القرآن بالصيغة المشرقية، وهى صيغة المشايخ المصريين، وكنت أول من حاز عليها فى مدينتى التى أقيم بها أغادير وتحقق جزء من الحلم».
والدة القارئ المغربي استمرت فى تشجيعه على حفظ القرآن وإتقان مقاماته لحفظها كتاب الله، إذ كانت سبباً فى ضبط قواعد التجويد معه: «والدتي لعبت دوراً مهماً فى حياتي، وبحكم أنها حاملة لكتاب الله ساعدتني كثيراً فى إتقان التجويد والمقامات، وهو ما جعل المملكة المغربية ترشّحني لجائزة تونس العالمية فى 2013 وفُزت بالمركز الأول، واستمررت فى حصد الجوائز العالمية».
أمنيات قارئ القرآن في المغرب
يتمنّى القارئ الحاصل على بكالوريوس العلوم الشرعية، أن يكون له اسماً يُذكر، بعدما وصل صيته إلى الدول الأوروبية: «أصلى صلاة التراويح بالمواطنين فى إيطاليا، بناءً على طلب من الجالية الإيطالية، لأننى أيقنت أن الإنسان فى تجارة مع الله، ولا بد أن يكون الشاب قدوة، والمغاربة عرفوني من صوتى، وصوتوا لى، وسجّلت شرائط قرآن بصوتي، حظيت بانتشار كبير فى المغرب وعرّفنى العالم الأوروبى عن طريق نشر مقاطعى على «يوتيوب»، فضلاً عن قيامي بتدريس الأداء الصوتي للقرآن وعلومه وتجويده فى مدارس التعليم العتيق التابعة لوزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، وأستعد لتقديم برنامج إذاعى بالإذاعات الوطنية المغربية، بجانب بودكاست بعنوان استفادة على أنغامى وسبوتيفاى، إضافة إلى إعدادى برنامجاً دينياً بعنوان نفحات».