“عوالم بلا نهاية.. قابلية الكواكب الخارجية للسكن ومستقبل البشرية” عنوان إصدار جديد لكريس إمبي، عالم الفلك الإنجليزي، الذي استكشف من خلاله تطورات تقرب من اكتشاف الحياة خارج الأرض، واحتمال أن يعيش البشر على كوكب آخر، وما قد يعنيه ذلك لمستقبل البشرية.
وحسبما نشره مركز المستقبل للدراسات والأبحاث المتقدمة، فقد انطلق الكاتب من أن الأرض هي العالم الوحيد المعروف حتى الآن بأنه يؤوي الحياة، إلا أنه منذ 30 عاماً تم الشروع في اكتشاف كواكب خارج النظام الشمسي، باعتبار ذلك مجالا علميا جديدا للتفكير في قابلية السكن ومكانة الأرض في مجموعة الكواكب، من خلال التعرف على العديد من العوالم التي قد تؤوي الحياة، والنظر في إمكانية أن يوفر أحدها موطنا جديدا حينما تصبح الأرض غير صالحة للسكن.
ويرى الكاتب أن تطور الخيال العلمي خلال القرنين السابع عشر والتاسع عشر مع الثورة الصناعية والاكتشافات الكبرى في علوم الفلك والفيزياء والرياضيات أدى إلى استكشاف العلاقة بين التكنولوجيا والمجتمع والفرد، حيث يسجل الخيال العلمي تاريخ فهمنا المتزايد للكون وموقع الجنس البشري فيه، مشيرا إلى أنه بدءاً من خمسينيات القرن الماضي وجد الخيال العلمي جمهوراً أوسع بفضل الأفلام والمسلسلات التلفزيونية الشهيرة.
ويعد القمر الاصطناعي “CoRoT” أول مهمة فضائية مصممة لاكتشاف الكواكب الخارجية العابرة، ولم يعثر سوى على 34 كوكباً خارج المجموعة الشمسية خلال ست سنوات من التشغيل. وفي ديسمبر 2001 تم اختيار “كيبلر” كمهمة فضائية تابعة لوكالة “ناسا” من فئة “ديسكفري”. وخلال ما يقرب من عشر سنوات من وجوده في المدار؛ وجدت هذه المهمة أكثر من 2600 من الكواكب الخارجية، بما في ذلك عدة مئات من ذلك قريبة من حجم الأرض، منها مناطق صالحة للسكن، وعلى مسافة حيث يمكن أن توجد المياه السائلة على سطح الكوكب. ولأول مرة في التاريخ علمت البشرية أن هناك عوالم أخرى، مع إمكانية استضافة الحياة. وكجزء من متابعة ما توصلت إليه “كيبلر”، أطلقت وكالة “ناسا” القمر الاصطناعي العابر لاستطلاع الكواكب الخارجية “TESS” عام 2018.
وأكد الكاتب أن نتائج “TESS” قيد التحليل، لكنها نجحت في الإعلان عن مجموعة من 2200 كوكب خارجي عام 2021، وهذا الرقم ارتفع إلى أكثر من 4 آلاف بحلول منتصف عام 2022. كما انتقد مقولة الناس بكون العلم مُكلف، حيث يرى أن فيلم “Avatar” كلف حوالي 250 مليون دولار للحصول على فيلم لمخرج مشهور عن الحياة في عالم بعيد، لكن مقابل ضعف ذلك يمكنك الحصول على مهمة تكتشف في الواقع المئات من الكواكب الشبيهة بالأرض، فالعلم صفقة جيدة.
صاحب الإصدار يرى أن هناك أداة للعثور على الكواكب الخارجية، وهي أيضا ذات صلة بالبحث عن الأقمار الخارجية، حيث تعتمد هذه الطريقة على التنبؤ المركزي لنظرية النسبية العامة لأينشتاين بأن الكتلة تُثني الضوء. وقد استبدل أينشتاين مفهوم نيوتن للمكان والزمان ككيانات خطية ومستقلة بنظرية دمجتهما في كيان واحد يسمى الزمكان، فكانت نظريته في الجاذبية بأن الكتلة يمكن أن تثني الزمكان.
ويطرح الكاتب أهمية توفر الماء عند الحديث عن إمكانية العيش في كواكب خارجية، مبرزا أن التعريف الفلكي التقليدي لصلاحية السكن يعتمد على درجة حرارة سطح الكوكب في النطاق الذي يمكن أن يكون فيه الماء سائلاً، ويقال إن الكواكب التي تحقق ذلك موجودة في منطقة “Goldilocks” في نظام كوكبي معين، خاصةً أن الأرض في خطر، فتغير المناخ، والتدهور البيئي، والصراع القبلي، وتجاوز عدد السكان 8 مليارات نسمة.. كل ذلك يهدد مستقبلنا على المدى الطويل.
ويخلص الكاتب، وفق ما نشره المركز ذاته، إلى أن التقدم في صناعة الفضاء قد يشكل حلا لمشاكل “عدم استدامة العالم الذي يؤوي البشر”، قبل أن يضيف أن الصندوق هو كوكبنا، ويجب أن نفكر خارجه، لافتا إلى أن الأرض فقدت الكثير من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم بسبب التعرية والتلوث والإفراط في الاستخدام وإمدادات الوقود الأحفوري المحدودة، كما يتم استنفاد الموارد المعدنية بسرعة أكبر من أي وقت مضى، إضافة إلى تلطيخ الأرض بالنفايات.
وأشار الباحث إلى ضرورة التفكير في كيفية جعل الوصول إلى الفضاء أسهل، “فحتى وقت قريب كان السفر إلى الفضاء صعبا وخطرا ومجالا حصريا للحكومات الغنية. لكن شركات الفضاء الخاصة تصوغ نموذجا اقتصاديا جديدا للسفر إلى الفضاء يعتمد على السياحة والترفيه”، منبها في الآن ذاته إلى ما قد ينتجه هذا النموذج من انعدام للمساواة، إذ سيكون السفر نحو الفضاء، حسبه، حكرا على الأثرياء.
وفي هذا الإطار وصف الكاتب الفضاء باللوحة البيضاء يمكن كتابة المستقبل فيها، ومحاولة تجنب الأخطاء التي تلطخ إرث العديد من الحضارات على الأرض، من خلال ما يُعرف بأخلاقيات الفضاء، والإشراف على بيئة الفضاء، وكيف يمكن لفوائده أن تنفع البشرية على نطاق واسع، مذكرا بقانون الفضاء، الذي يتكون من 5 معاهدات و5 مجموعات من المبادئ، التي طورتها الأمم المتحدة من خلال لجنة استخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية، والتي تتمحور جميعها حول أن الفضاء هو “مجال الإنسان” وجميع الدول لها حرية “استخدام/ استكشاف” الفضاء الخارجي شريطة أن يتم ذلك بطريقة “تفيد البشرية جمعاء”.
المصدر: وكالات