نشرت جريدة “إل باييس” الإسبانية، الأربعاء، مقالا تحتفي فيه بكتاب “إلى جنوب طنجة.. رحلة عبر المغرب من أوائل الثمانينيات إلى اليوم” لكاتبه الإسباني غونزالو فرنانديز باريلا، معتبرة إياه “كتابا يخرج القارئ الإسباني من الكليشهات التي ينمو بها معظم الإسبان، فيجعلهم ذلك يصلون إلى المغرب؛ لكن يفشلون في رؤيته حقا”.
وقالت الجريدة الإسبانية في المقال ذاته إن “الصور النمطية التي تم تشكيلها عن المملكة المغربية لعقود من الزمن في أذهان الإسبان صارت بمثابة عقيدة”، مشيرة إلى أن “هذا هو السبب الذي جعل معظم السياح الإسبان متمسكين بالبحث عن الروح الغرائبية في المغرب، وعن الكليشهات التي يربطون بها شمال إفريقيا، وبالتالي يتملكهم العناد وهم يغادرون جبل طارق، وفي النهاية لا يجدون إمكانية لاكتشاف ما هو موجود في المغرب بالفعل”.
وأضافت الجريدة أن “الكاتب والإسباني غونزالو فرنانديز باريلا، صاحب المؤلف، تعلم، منذ زمن طويل، الغوص في الروح المغربية وترك الكليشيهات جانبا”، مبرزة أنه “منذ أن وطأت قدما الكاتب مدينة طنجة في سن التاسعة عشرة حتى زمن الناس هذا ظل الرهان حول التعرف على الشعب المغربي وتطوره مركزيا بالنسبة إليه ككاتب”.
ولمطاردة هذا الرهان، قال الكاتب، في حديثه لجريدة “إل باييس”، إنه “قام بتعليق كتاباته الأكاديمية لبدء مغامرة جديدة تهدف للوصول إلى جمهور أوسع قد يكون مهتما بالتعرف على المغرب بطريقة مغايرة لا تخضع لمنطق الصور النمطية القوية في الذهن الإسباني”، موضحا أنه “كان محكوما منذ البداية بفكرة تغيير العقلية الإسبانية حول المغرب، وتغيير أنماط التعاطي مع هذا البلد”.
نتيجةُ هذا الرهان، وفق “إل باييس”، هي هذا الكتاب: “إلى جنوب طنجة.. رحلة عبر المغرب من أوائل الثمانينيات إلى اليوم”، الذي يحاول تخليص ذهن الشخص الذي يسافر إلى المغرب من سطوة الأحكام الجاهزة”، بحيث يؤكد مؤلفه أن “الغريب هو حين يحب شخص ما الكُتب ويذهب إلى المجر، فإنه يتشبعُ بالأدب الهنغاري”، متسائلا: “فلماذا لا نفعل الأمر ذاته عندما نذهب إلى المغرب؟ هي بالنسبة لي مفارقة السائح الإسباني وأود تغييرها”.
وفي حديثه للصحيفة الإسبانية، أوصى غونزالو فرنانديز باريلا “أي شخص يريد اكتشاف المغرب الحقيقي بالذهاب إلى مكان ما والبدء في مقابلة الناس ابتداء، ومن ثمة رؤية المعارض، وحفلات الموسيقى المحلية، والبحث عن الكتب المغربية التي تُرجمت للإسبانية”، معتقدا أن “هذا ربما، يمكن أن يكون هذا هو السبيل لتغيير الكليشهات”.
“فخ”… طنجة
يوسف كرماح، روائي وكاتب مغربي مقيم بطنجة، قال إن “هذا الاهتمام الذي أبداه غونزالو فرنانديز باريلا بطنجة والمغرب يؤكد الحقيقة التي لا تقبل التفاوض بأن طنجة مدينة تمارس سحرها الخفي على كل ما يزورها”، مبرزا أن “هذه المدينة تتميز بغنى فريد من الناحية التاريخية والجغرافية بحكم موقعها الاستراتيجي، وأيضا العمرانية من حيث المآثر وبالبنايات الفخمة”.
هذه الحقيقة، حسب ما فسره كرماح لهسبريس، “هي ما يجعل كل كاتب أو مبدع يزور طنجة يرتهنُ بها أدبيا، ويفكر في تحرير العديد من الأجناس الأدبية عنها”، موضحا أن “هذا “الفخ الإيجابي” لا يسقطُ فيه الكتّاب الأجانب فقط، بل حتى بعض الكتاب القادمين من بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط، الذين ما فتئوا يعلنون وقوعهم في غرام طنجة، وعبرها، في غرام المملكة المغربية”.
وأضاف كاتب رواية “وحي آلة كاتبة” أن “طنجة فيها شيء من الطابع اليوناني ومن المشترك الإنساني. لذلك، لا يشعر الزوار الأجانب بأنهم داخل مدينة لا تشبههم، أو أنها فضاء يعرفونه فقط في عالم من ورق، عالم الأدب والتاريخ والأنثروبولوجيا”، مؤكدا أن “طرافة طنجة ترجعُ بشكل ما إلى الطابع الدولي الذي كانت تتمتع به في السابق”.
وختم كرماح مشددا على أن “طنجة مدينة للحياة، مدينة صاخبة ومتيقظة ومستيقظة على الدوام؛ ما يجعل الحياة فيها مختلفة ومثيرة وآمنة ومستقرة”، لافتا إلى أنها “تتمتع أيضا بنسيج مجتمعي غني يرحب بالأجنبي، ويركز على الاختلاف والتنوع والتعايش؛ فهي مدينة تنتصر للحوار بين الأديان، والأجنبي موجود في كل مكان بطنجة. هكذا هي طنجة، مدينة تنتصر للحب وللضيافة”.
في النهاية، لم ينته سحر طنجة الذي يبدأ في استمرار، ولهذا كانت قِبلة للكتّاب العالميين والمبدعين في كل المجالات؛ مثل الأمريكي بول بولز، والكاتب الأمريكي براين جيسن، والصحافي ولتر هاريز، مراسل جريدة “التايمز” اللندنية، سابقا، والكاتب الفرنسي جان جينيه، وأيضا المخرج الإيطالي بريناردو بيرتولوتشي، والرسام التشيلي كلوديو برافو، والكاتب الأمريكي جون ستينهام، والكاتب الغواتيمالي رودريغو راي روسا والروائية الفرنسية فيليسي ديبوا، وغيرهم كثير… سواء من الأجانب أو العرب أو الأمازيغ.
المصدر: وكالات