يواصل الفرنسيون الخروج عن سياسة رئيسهم ماكرون الخارجية تجاه المغرب، إذ زار وفد من بلدية “بيتيفتي” مدينة الداخلة المغربية من أجل الاطلاع على فرص الاستثمار التي تقدمها.
ووقف الوفد الفرنسي على النموذج التنموي الذي يقدمه المغرب بالأقاليم الجنوبية، ومراحل التطور الذي تعرف البنية التحتية لمدينة الداخلة، مع تدارس توقيع اتفاقية توأمة بين بلديتي المدينتين.
أعضاء بلدية بيتيفتي الفرنسية زاروا أيضا منشآت اقتصادية وسياحية، أهمها ميناء الداخلة، الذي تعرفوا من خلاله على مؤهلات الصيد البحري بالمنطقة، كما اطلعوا على مختلف المشاريع التنموية.
عكس ماكرون
هشام معتضد، الخبير في العلاقات الدولية، يرى أن “الزيارة تندرج في إطار الروابط السياسية والاجتماعية التي تجمع العديد من القوى الحية الفرنسية بنظيرتها المغربية المتواجدة خاصة في الأقاليم الجنوبية للمملكة؛ إذ رغم اختيار فرنسا الرسمية توجها غريبا وغير مفهوم إزاء سياستها الخارجية تجاه المغرب، إلا أن العديد من الفاعلين السياسيين والاجتماعيين والمدنيين الفرنسيين اختاروا عدم الانسياق وراء سياسية ماكرون بخصوص العلاقات المغربية الفرنسية”.
وأضاف معتضد، في تصريح لهسبريس، أن “زيارة العديد من الوفود الفرنسية وغيرها للصحراء المغربية، على غرار زيارة وفد بلدية بيتيفي الفرنسية لمدينة الداخلة، تعكس الديناميكية السياسية والاجتماعية التي تعيشها مختلف المدن في الأقاليم الجنوبية للمغرب، ومدى ارتباطها الحي بمحيطها الإقليمي والدولي”.
وتابع الخبير في العلاقات الدولية عينه بأن “الانفتاح الدولي لمدن الصحراء المغربية، وتعزيز روابطها باستقبال وفود متعددة من مختلف الأقطار الدولية، يبرهن على نضج التدبير المحلي للمسؤولين الصحراوين في خلق جسور تواصل تنموية وسياسية تساهم في الإشعاع الدولي للمنطقة، وتشكل أيضا فرصة للوفود الدولية لاكتشاف مختلف المؤهلات المتواجدة في الأقاليم الجنوبية”.
“الدبلوماسية المحلية تساهم بشكل كبير في دعم المسار السياسي للمغرب بشأن تعزيز ملف الصحراء المغربية”، يخلص المصرح لهسبريس، مبينا أن “الأمر يتيح للمنتظم الدولي والأمم المتحدة التعرف بشكل مباشر على الديناميكية السياسية التي تعيشها مختلف المؤسسات الصحراوية، وهي أيضا مناسبة للتعريف بديمقراطية التدبير المحلي بمختلف الأقاليم الجنوبية للمغرب”.
دبلوماسية التوأمة
يورد عبد الواحد أولاد مولود، الأستاذ الجامعي المختص في الدراسات الجيو-سياسية والأمنية بالقارة الإفريقية، أن “الزيارة تبين أن العلاقات بين باريس والرباط لم تصل إلى مستوى القطيعة، وتظل مستمرة في مستويات أخرى”.
وأضاف أولاد مولود، في حديث لهسبريس، أنه “لا يمكن للمغاربة أن ينكروا دور فرنسا المهم في قضية الصحراء، الذي كان إيجابيا على مستويات كثيرة؛ لكن مع تغير المصالح ابتعد الطرفان بشكل متفاوت، فيما تبقى باريس حريصة على تعزيز علاقاتها مع المغرب”.
وأورد الأستاذ الجامعي المختص في الدراسات الجبو-سياسية والأمنية بالقارة الإفريقية أن “فرنسا في ظل تراجع صوتها الدبلوماسي في إفريقيا غير مستعدة لخسارة شريك إستراتيجي كالمغرب، الذي تعتبره بوابة لها للعمق الإفريقي”.
وفي ما يخص انعكاس هاته الزيارة للوفد الفرنسي على مستوى التنمية بالأقاليم الجنوبية، أوضح المتحدث ذاته أن “ذلك يساهم في التعريف بالمستوى التنموي الكبير الذي تشهده المنطقة، حتى تصل تلك المعلومات إلى آذان المسؤولين الأوروبيين المنتخبين، وبالتالي إلى الرأي العام هناك”.
“هاته النجاحات الدبلوماسية تناقض أطروحة الإعلام المعادي للمملكة، التي تشكك في هذا النسق التنموي المتصاعد”، يخلص المصرح لهسبريس، موضحا أن “دبلوماسية توأمة المدن التي تنتهجها الأقاليم الجنوبية المغربية تساهم في تعزيز العلاقات مع عديد من الدول، وتعطي إضافة قوية للملف المغربي”.
المصدر: وكالات