•• قبيل منتصف ليلة البارحة، غادرت مكتبي وخيوط ضياء القمر بجمالها تنسلُّ على الأرصفة.. عند الإشارة الضوئية في طريقي إلى بيتي؛ التقطت أنفاسي برؤية شخص يعطي مسناً حماماً دافئاً بقلة أدبه.. أهكذا أصبحت أعصاب الناس حبلى بالمشاكل حتى صغار السن؟!.. فور ظهور خضار الإشارة البرَّاق ضممت بعضي مغادراً كطفل مفطوم حديثاً بعد أن تسبب لي ذلك الشاب بثقب في لحم تبرمي.
•• مثل هؤلاء بنضوب أخلاقهم ورداءة أفكارهم يشعروننا بألم وبكاء يموج داخل نفوسنا المطمئنة.. ومن يتأمل حالة (الفلتان) في أحوال بعض البشر بوجود بضعة وجوه لا أخلاق لها؛ يجد أن البهجة غادرت حياة أولئك المنفرين بنظرتهم الأكثر ضيقاً الخالية من أُصُص البشاشة.. أما من يمنح الناس حُسُن الخلق استدراراً لأجر المولى تعالى؛ فإن تلك الابتسامات سترافق من مُنِحت له إلى منزله.
•• فرق بين من يحمل في داخله مزيجاً من رحيق أريحية خضراء وخلطة ابتسامات مضيئة، وبين من يشيع الكَدَر والتثاقل على الناس ليوزعها على كل من يراه.. وفرق بين من يعزف لحناً إنسانياً يعطر القلوب ببراعة فائقة، وبين بائس يتعامل مع الناس بأخلاقه التجارية.. وفرق بين من يحلِّق في فضاءات العلاقات الإنسانية، وبين مريض بائس يخون بعلله الأخلاقية القوانين الربانية والأعراف الإنسانية.
•• أصعب ما في الحياة أن تُكْسَر من شخص يحمل كماً من (سوء الخُلُق).. أولئك في دواخلهم بؤساً معلوناً يطاردنا في كل شارع.. أمسكوا برقاب العباد حِدَّة وخشونة، فرسموا صورة حالكة لإنسان أرعن صنع خيوط أخلاقه من الغلاظة.. فقدوا الرؤية واختلَّ توازنهم فأصابونا بالقرف والوهن.. تسلطوا علينا بخُلُقهم الرديء فلم نستنكر سجاياهم المقرفة.. جعلوا اشمئزازنا منهم حجر عثرة للتعامل الحسن معهم.