قبل سنوات من رحيله في 26 ديسمبر 1974، كتب فريد الأطرش رسالة غامضة ومؤثرة للمصريين في إحدى المجلات، عبّر فيها بصدق عن حبه للعود والموسيقى، ورحلته الفنية التي بدأت برفقة شقيقته أسمهان، التي غنت بأغاني من ألحانه بصوتها الملائكي، وسرد فيها معاناته مع المحاولات الفاشلة قبل أن يحقق النجاح الذي جعل اسمه خالدًا حتى يومنا هذا، فما هو نص رسالته التي نشرتها صفحة التلفزيون المصري «ماسبيرو زمان»؟
رسالة غامضة من فريد الأطرش
بدأت الرسالة النادرة من ملك العود فريد الأطرش بتأكيد حبه للفن والموسيقى، مؤكدًا أنه لو عاد به الزمن، كان سيختار نفس المهنة: «أنا فريد الأطرش، الموسيقار والممثل، لو وضعني القدر في غير موضعي هذا، لكان غير منصف، ولما أحسست بطعم الحياة، لقد جعلني الفقر فنانًا يشعر ويحس بآلام الغير، وخلقت المتاعب مني هذا الرجل الذي يود من صميم قلبه أن يزيل عن الناس المتاعب ويزيحها من طريقهم».
وروى الأطرش عن حبه للعود قائلًا: «عودي هو مصدر ثروتي ومجدي، هذا العود الذي بثت فيه ألمي وأشجاني فنطق، وعندئذ شعرت بالأبواب المغلقة تفتح أمام آهات عودي، وأحسست أن له رسالة يستميت في سبيل أدائها».
أسمهان الصوت الملائكي
لم ينسَ فريد الأطرش بدايته في التلحين لشقيقته، فقال: «صوت أختي أسمهان هو محور رسالة عودي الذي سار إلى جوارها يغرد لها بالألحان فتقبل الناس اللحن والصوت الملائكي بنشوة، وأحسست أنا المغمور في الجوع والمحاولات الفاشلة، أنني ملهم وأنني موضع انتباه الناس وأشعل هذا ثورتي الفنية وبدأت ألحن لها ولنفسي».
وظهر في الرسالة النادرة أيضًا تأثر فريد الأطرش بموسيقى محمد عبد الوهاب، التي أثرّت فيه وعاش عليها لسنوات طويلة قبل أن يُكتب اسمه بحروف من ذهب في سجل أشهر فناني الشرق الأوسط، قال: «لقد تأثرت بفن الموسيقار محمد عبد الوهاب، الذي فتحت موسيقاه إلهامي وصيتُه الذائع، عشت في فن عبد الوهاب طويلًا حتى استجمعت طاقتي الفنية والروحية وبدأت في استغلال فني، وأنا لم أكن سوى مطرب يخطو في جنة الفن بتؤدة ورفق حتى لا يضل الطريق إلى أن يحقق غايته وهي أن تحتل الموسيقى الشرقية مكانًا بين موسيقى الغرب».
واختتم الأطرش رسالته بسؤال استنكاري لنفسه، قائلًا: «هل أنا سعيد؟»، وكانت إجابته: «أعترف بأنني مدين لله تعالى بكل شيء في هذا النجاح وهذا الحب الذي يغمرني به الجمهور، السعادة هي آخر شيء يفكر فيه الإنسان؛ فيكفيه ليكون سعيدًا أن يرى الناس سعداء».