أصبح الذكاء الاصطناعي في الوقت الحالي أداة مساعدة في أداء العديد من المهام عبر مختلف القطاعات؛ فهو لا يقدم حلا واحدًا يناسب الجميع، بل يقدم مجموعة من الحلول المصممة خصوصًا لمعالجة التحديات المحددة التي تواجهها المجالات الكبرى، مثل: التعامل مع تقلبات السوق المالية وتحسين خطوط إنتاج التصنيع وتخصيص تجارب العملاء، وتحسين الخدمات الطبية وغير ذلك.
وفي مجال التمريض الذي يُعدّ أساس نظام الرعاية الصحية، ساعد الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل طريقة تقديم الممرضين لخدماتهم، ومع استمرار تطوره سيزداد تأثيره في التمريض؛ مما يفرض على الممرضين إتقان التعامل مع هذه التقنية الجديدة، كما يساهم الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل أدوار ومسؤوليات الممرضين؛ إذ يمكنهم من خلاله الوصول إلى الأدوات والموارد المتقدمة التي تدعم عملهم؛ مما يؤدي إلى رعاية أكثر كفاءة وفعالية للمرضى.
ولمعرفة المزيد عن دور الذكاء الاصطناعي في تحسين مجال التمريض، سنذكر فيما يلي بعض الطرق التي يمكن للممرضين من خلالها الاستفادة من الذكاء الاصطناعي:
1- دعم التشخيص الطبي والرعاية السريرية:
في مجال الطب، يساعد الذكاء الاصطناعي في تحسين دقة تشخيص الأمراض من خلال تقنيات التصوير المتقدمة؛ إذ يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي تحليل الصور الطبية الناتجة عن الأشعة السينية والرنين المغناطيسي والأشعة المقطعية بدقة ملحوظة، وتحديد الحالات الشاذة والأنماط التي قد تغفل عنها العين البشرية. على سبيل المثال: يمكن للأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي اكتشاف العلامات المبكرة لأمراض مثل: السرطان أو الاضطرابات العصبية؛ مما يسهل التدخل المبكر وتحسين نتائج العلاج.
وأما في مجال التمريض، فيمكن الاستفادة من التحليلات التنبؤية للتنبؤ ببداية المرض وتطوره، وفي المستقبل القريب، سيكون من الممكن الاستفادة من المساعدين الافتراضيين لتحليل التاريخ الطبي للمريض والمعلومات الوراثية وعوامل نمط الحياة وحال الدورة الدموية، كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يزود الممرضين ومقدمي الرعاية الصحية برؤى قابلة للتنفيذ لإدارة الحالات المزمنة بنحو أدق وأسرع؛ مما يقلل من عمليات إعادة الإدخال إلى المستشفى ويعزز رعاية المرضى.
2- وضع الخطط العلاجية:
يؤدي الذكاء الاصطناعي دورًا حاسمًا في تطوير خطط العلاج للمرضى، وذلك من خلال تحديد التدخلات العلاجية وفقًا لاحتياجات المرضى؛ إذ تحلل أنظمة الذكاء الاصطناعي بيانات المرضى الشاملة لحظيًا مثل: البيانات الوراثية، والاستجابة للعلاجات، والمقاييس الصحية، وذلك للتوصية بالعلاج المناسب. يضمن هذا النهج المتخصص حصول المرضى على العلاجات الأكثر فعالية؛ مما يقلل من التفاعلات الضارة ويعزز النتائج الإيجابية للعلاج.
بالإضافة إلى ذلك، يراقب الذكاء الاصطناعي تقدم وضع المريض باستمرار؛ مما يسمح بإجراء تعديلات ديناميكية في الخطط العلاجية، ومن خلال تحليل بيانات المريض المستمرة، مثل: المؤشرات الحيوية والنتائج المخبرية، يمكن للذكاء الاصطناعي تنبيه مقدمي الرعاية الصحية إلى أي انحرافات عن مسارات التعافي المتوقعة؛ مما يتيح إجراء تعديلات في خطط العلاج في الوقت المناسب. ويسهم هذا النهج في تحسين جودة الرعاية التي يمكن أن يقدمها الممرضون؛ مما يضمن نتائج مثلى للمرضى.
3- تسهيل سير العمل:
تستخدم أنظمة الجدولة الآلية الذكاء الاصطناعي لتحسين نظام المناوبات، وضمان توفر عدد كافٍ من الممرضين في جميع الأوقات، وهذا يقلل العبء الإداري على مديري قسم التمريض وتقليل تعارض المواعيد. من ناحية أخرى، تُسهّل أنظمة التوثيق وحفظ السجلات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي عملية الاحتفاظ بسجلات المرضى، ويمكن لهذه الأنظمة تحديث بيانات المرضى وتنظيمها تلقائيًا؛ مما يضمن الدقة والكفاءة في التعامل مع بيانات المرضى. ومن خلال تقليل الوقت المستغرق في أداء هذه المهام المتكررة، يمكن للممرضين تخصيص المزيد من الوقت لمتابعة المرضى؛ مما يعزز كفاءة وفعالية الرعاية الصحية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمساعدين الافتراضيين المدعومين بالذكاء الاصطناعي التعامل مع الاستفسارات الروتينية من المرضى، مثل: التذكير بأوقات تناول الأدوية وجدولة المواعيد والمعلومات الصحية الأساسية؛ مما يوفر استجابات ودعمًا فوريًا، ويسهم هذا التكامل التكنولوجي في تقليل عبء العمل على طاقم التمريض.
يتيح الذكاء الاصطناعي أيضًا الوصول لحظيًا إلى بيانات المريض؛ مما يسمح للممرضين بمراجعة التاريخ الطبي للمريض ونتائج المختبر وخطط العلاج بسرعة؛ مما يسهل اتخاذ القرارات المناسبة وتوفير الاستجابات السريعة لاحتياجات المريض.
الخاتمة:
يشير إدماج الذكاء الاصطناعي في مجال التمريض إلى تحول كبير في مجال الرعاية الصحية؛ إذ تقدم هذه التقنية العديد من الفوائد التي تعزز رعاية المرضى وكفاءة الخدمات التمريضية، فقدرة الذكاء الاصطناعي على تحسين دقة التشخيص من خلال التصوير المتقدم والتحليلات التنبؤية تزود الممرضين بأدوات دقيقة لاكتشاف الحالات الصحية والسيطرة عليها مبكرًا؛ مما يُحسّن نتائج العلاج ويقلل أخطاء التشخيص. وأما خطط العلاج المخصصة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، فتحدد التدخلات العلاجية وفقًا للاحتياجات الفريدة لكل مريض وتعدّلها ديناميكيًا بناءً على البيانات اللحظية؛ مما يضمن رعاية فعالة وسريعة الاستجابة.
يمكّن الذكاء الاصطناعي الكادر الطبي من تخفيف الأعباء الإدارية وإعادة توجيه تركيزهم نحو الرعاية المباشرة للمرضى. ومع ذلك، يولّد إدماج الذكاء الاصطناعي في التمريض تحديات عديدة، مثل: الحاجة المُلحّة إلى أنظمة أمنية قوية للحفاظ على خصوصية البيانات، وضرورة تعليم العالمين في مجال التمريض وتدريبهم باستمرار لاستخدام هذه التقنية بكفاءة، ومواجهة هذه التحديات أمر بالغ الأهمية للاستفادة الكاملة من الفوائد المحتملة للذكاء الاصطناعي في مجال التمريض.