أصبحت الآن تقنية (البلوك تشين) Blockchain التي تعُرف باسم سلسلة الكتل واحدة من أهم ابتكارات القرن الحادي والعشرين نظرًا لتأثيرها الكبير في مختلف القطاعات، ابتداءً من التمويل إلى التصنيع وكذلك التعليم، فمنذ أن بدأت شعبيتها في النمو قبل بضع سنوات، ظهر عدد من التطبيقات لها مما أكد على قوة التأثير المتوقع لهذه التقنية مع احتدام السباق على الاقتصادات الرقمية.
ولكن أكبر وأهم تأثير متوقع لها في المستقبل القريب هو الجيل الثالث للإنترنت (Web 3.0) الذي يُوصف بأنه مستقبل الإنترنت، حيث سيكون هذا الويب – من الناحية النظرية – لا مركزيًا وديمقراطيًا، ويعتمد على برتوكول (من نظير إلى نظير) Peer-to-Peer – الذي يُعرف اختصارًا باسم P2P – لتبادل البيانات، كما تُعد كل من العملات الرقمية المشفرة، و(التمويل اللامركزي) DeFi، و NFTs، و DAOs جزءًا من محاور هذا الويب الجديد المستند إلى (البلوك تشين)، الذي سيوفر نسخة للقراءة والكتابة ويتيح لك أيضًا أن تملك نسختك الخاصة منه.
تُعتبر هذه التقنيات حجر الأساس لما يُعرف باسم (Web 3.0) الذي يُعد اختصارًا مناسبًا لمشروع إعادة تشكيل طريقة عمل الويب الذي نعرفه حاليًا، حيث إن استخدام البلوك تشين سيغير كيفية تخزين المعلومات ومشاركتها وامتلاكها. ومن الناحية النظرية؛ يمكن لشبكة الويب الجديدة هذه القضاء على الاحتكارات بشأن من يتحكم في المعلومات، ومن يربح المال، وكذلك كيفية عمل الشبكات والشركات.
يجادل المدافعون بأن Web 3.0 سيخلق اقتصادات جديدة، وفئات جديدة من المنتجات، وخدمات جديدة عبر الإنترنت؛ كما أنه سيعيد الديمقراطية إلى الويب؛ وهذا سيحدد ملامح العصر التالي للإنترنت.
لذلك نجد الآن كبرى الشركات تطور الكثير من مشاريع Web 3.0، على الرغم أن تقنية البلوك تشين تواجه عقبات تقنية وبيئية وأخلاقية وتنظيمية كبيرة، في حين تحذر مجموعات متزايدة من المتشككين من أن Web 3.0 لن ينجح بسبب التكهنات والسرقة ومشاكل الخصوصية، وأن سحب المركزية وانتشار الوسطاء الجدد يقوض بالفعل الحلم بشبكة لامركزية مثالية.
موضوعات ذات صلة بما تقرأ الآن:
وفي الوقت نفسه، تحاول الشركات والحكومات فهم الإمكانات والفرص التي توفرها تقنيات Web 3.0 حيث يمكنها أن تدر أرباحًا كبيرة للمنظمات التي تفهمها وتستغلها بشكل صحيح، وبالفعل تختبر العديد من الشركات حاليًا مشاريع Web 3.0، وبينما حقق بعضها نجاحات كبيرة ، وجدت العديد من الشركات البارزة أنها أو عملائها لم يحبوا الأمر.
لا يعرف معظم الناس ما هو Web 3.0؟ حيث أظهر استطلاع رأي أجرته مجلة (هارفارد بزنس ريفيو) عبر منصة لينكدإن لقرائها في مارس 2022؛ أن نسبة 70% تقريبًا لا يعرفون معنى المصطلح.
مرحبًا بك في عالم Web 3.0 المربك، المختلف عليه، المثير، المليء بالاحتيال، الكارثي، والديمقراطي اللامركزي.. إليك كل ما تحتاج إلى معرفته عن الجيل الثالث للإنترنت:
أولًا؛ كيف كانت بداية الإنترنت وكيف وصلنا إلى Web 3.0؟
في البداية؛ ظهر الإنترنت الذي تكمن فكرته في وجود بنية تحتية للأسلاك والخوادم التي تسمح للحواسيب والأشخاص الذين يجلسون أمامها بالتحدث مع بعضهم بعضًا، حيث أرسلت وكالة مشاريع البحوث المتقدمة (ARPANET) الأمريكية رسالتها الأولى في عام 1969.
ولكن الإنترنت كما نعرفه اليوم لم يظهر حتى عام 1991 عندما أتاحت لغة (HTML) وعناوين URL للمستخدمين التنقل بين الصفحات الثابتة، وهذه النسخة العالمية من شبكة الويب عُرفت باسم الجيل الأول للإنترنت (Web 1.0) وعُرفت باسم (الويب للقراءة فقط)، نظرًا لوجود فرص قليلة للمستخدمين للمساهمة بالمحتوى الخاص بهم.
ولكن الأمور بدأت تتغير في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حيث أصبح الإنترنت أكثر تفاعلية مع بداية عصر تمكين المستخدمين من إنشاء محتوى ونشره، وأصبح الويب للقراءة والكتابة، وهنا عُرف باسم الجيل الثاني للإنترنت (Web 2.0).
منذ عام 2005؛ أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي سمة أساسية من سمات Web 2.0، حيث ظهر فيسبوك وتويتر وتمبلر (Tumblr) لتحديد تجربة الاتصال بالإنترنت، في حين قدم كل من يوتيوب وجوجل و ويكيبيديا إمكانية التعليق على المحتوى، مما عمل على توسيع قدرتنا على المشاهدة والتعلم والبحث والتواصل.
يعد التفاعل أحد الجوانب الأساسية المحددة Web 2.0، حيث يمكن للمستخدمين التفاعل بنشاط مع المحتوى بطرق مختلفة، ابتداءً من ترك التعليقات على المدونات أو المقالات إلى إنشاء المحتوى الخاص بهم ومشاركته.
كان عصر Web 2.0 أيضًا عصرًا مركزيًا، حيث أدت تأثيرات الشبكة، واقتصاديات الحجم (Economies of Scale) – وهو مفهوم يُعبر عن الإستراتيجية التي تتبعها الشركات لخفض التكاليف من خلال زيادة حجم الإنتاج – إلى وجود شركات كبرى تحتكر منتجات معينة، وقد حققت تلك الشركات ثروة هائلة لنفسها وللمساهمين فيها من خلال جمع بيانات المستخدمين وبيع الإعلانات المستهدفة التي تستند إلى هذه البيانات.
وقد سمح ذلك بتقديم الخدمات مجانًا على الرغم من أن المستخدمين لم يفهموا في البداية الآثار المترتبة على هذه الصفقة، كما قدم Web 2.0 أيضًا طرقًا جديدة للأشخاص العاديين لكسب المال، على سبيل المثال: من خلال الاقتصاد التشاركي، وظهور فئة المؤثرين (Influencers) التي اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي.
وبالطبع، يوجد الكثير من الانتقادات التي توجه إلى نظام الويب الحالي، حيث فشلت الشركات الكبرى أو شبه الاحتكارية في استخدامه بشكل مسؤول، كما أدرك المستهلكون الآن أنهم المنتج النهائي وأصبحوا غير مرتاحين بشكل متزايد لتقديم بياناتهم الشخصية إلى هذه الشركات.
ونظرًا إلى نمو الويب وجعله مركزيًا وانتقاله إلى الشركات الكبرى، بدأ الكثيرون بالتساؤل هل يوجد مستقبل أفضل؟ وهذا ما يقودنا إلى Web3 الذي يروج المدافعون عنه على أنه تحديث عميق من شأنه أن يصحح المشاكل الضارة للجيل الثاني من الإنترنت.
إذا كنت قلقًا بشأن الخصوصية، فهناك المحافظ المشفرة التي تحمي هويتك عبر الإنترنت، وإذا كنت قلقًا بشأن الرقابة؛ ستقوم قاعدة البيانات اللامركزية بتخزين كل شيء بشكل ثابت وشفاف، مما يمنع الوسطاء من حذف المحتوى المسيء، وإذا كنت لا تريد المركزية؟ سيقدم Web 3.0 طرقًا للتصويت على القرارات التي تتخذها الشبكات التي تقضي وقتًا فيها، وبذلك لن تصبح أنت المنتج، بل ستصبح مالك. هذه هي رؤية الجيل الثالث للإنترنت أن يكون للقراءة والكتابة وأن تملك نسختك الخاصة منه (A Read – Write – Own Version Of The Web).
ثانيًا؛ ما هو Web 3.0؟
يمكننا القول أن فكرة الجيل الثالث للإنترنت (Web 3.0) بدأت عام 1991، حينما ظهرت فكرة (البلوك تشين) Blockchain أو سلسلة الكتل لأول مرة، عندما قدم (ستيوارت هابر) عالم التشفير، و(دبليو سكوت ستورنيتا) علم الفيزياء النظرية؛ حلًا حسابيًا يستند إلى خوارزميات التجزئة (HASH) لتأمين المستندات الرقمية بهدف عدم السماح لأحد بالوصول إليها والتلاعب بها أو تغييرها، ثم حاول عالم الحاسوب (Nick Szabo) في عام 1998 استخدامها في محاولة إنشاء عملة رقمية غير مركزية أسماها (Bit Gold).
ولكن الأمور تغيرت في أكتوبر 2008 – وبالتحديد بعد الأزمة الاقتصادية العالمية – حينما قدم المبتكر المجهول أو مجموعة المطورين الذين يعملون تحت الاسم المستعار (ساتوشي ناكاموتو) Satoshi Nakamoto ورقة بيضاء لتأسيس نموذج بلوك تشين.
وفي عام 2009 أنشأ عملة البيتكوين لتكون شكلاً من أشكال النقد يمكن إرساله من نظير إلى نظير دون الحاجة إلى بنك مركزي أو سلطة أخرى لتشغيل سلسلة الكتل وصيانتها.
لا يُعرف سوى القليل جدًا عن (ساتوشي ناكاموتو)، لذلك هناك رأي مفاده أن هذا مجرد اسم مستعار، يوجد خلفه فريق كامل من المبرمجين الذين قرروا تطوير شيء جديد للعالم والنظام المالي العالمي، وقد طوروا بالفعل العملة الرقمية (البيتكوين) Bitcoin، وهي تعد أول تطبيق لتقنية البلوك تشين.
تعمل البيتكوين وتقنية البلوك تشين الأساسية الخاصة بها على النحو التالي: تتبع ملكية العملة المشفرة في (دفتر الأستاذ العام المشترك) Shared public ledger، وعندما يريد أحد المستخدمين إجراء تحويل يقوم (مسؤولي التعدين) Miners بمعالجة المعاملة عن طريق حل مشكلة حسابية معقدة، وإضافة كتلة جديدة من البيانات إلى السلسلة وكسب عملة البيتكوين التي أُنشئت. بينما تُستخدم سلسلة Bitcoin للعملة الرقمية فقط، تقدم تقنية البلوك تشين خيارات أخرى.
حدثت نقلة كبيرة في تقنية البلوك تشين في عام 2014، حيث فُصلت عن العملة الرقمية، وبدأت عملية استكشاف إمكاناتها للمعاملات المالية عمومًا بين أطراف أخرى مختلفة، وهنا أُنشىء الإصدار الثاني من البلوك تشين (Blockchain 2.0) الذي دخل في تطبيقات أخرى بخلاف فكرة العملات الرقمية مثل ما قدمته (Ethereum).
أٌطلقت (Ethereum) في عام 2015؛ وهي عبارة عن عملة مشفرة ومنصة يمكن استخدامها لبناء مشاريع أخرى للعملات المشفرة و البلوك تشين، وقد وصفها (جافين وود) Gavin Wood أحد مؤسسيها: “أنها حاسوب واحد لكوكب الأرض بأكمله، فهي نظريًا عبارة عن قوة حوسبة موزعة في جميع أنحاء العالم ولا يمكن التحكم فيها في أي مكان”. وقدم نظام (بلوك تشين إيثريوم) Ethereum Blockchain برامج الحاسوب على شكل الكتل، التي تمثل الأدوات المالية مثل: السندات، التي أصبحت تُعرف بعد ذلك باسم (العقود الذكية) Smart Contracts
الآن؛ بعد أكثر من عقد من الزمان، أعلن أنصار شبكة الإنترنت المستندة إلى البلوك تشين أن حقبة جديدة للإنترنت – Web 3.0 – قد بزغ فجرها.
ببساطة شديدة، Web 3.0 هو امتداد للعملات المشفرة يستخدم البلوك تشين بطرق جديدة للوصول إلى نتائج جديدة. يمكن أن تخُزن البلوك تشين عدد الرموز المميزة Tokens في المحفظة، أو شروط العقود الذاتية التنفيذ (Self-executing Contract)، أو رمز التطبيق اللامركزي (dApp).
لا تعمل جميع سلاسل الكتل بالطريقة نفسها، ولكن بشكل عام؛ تُستخدم العملات لمعالجة المعاملات. ففي سلاسل (إثبات العمل) proof of work مثل: Bitcoin، فإن حل المشكلات الحسابية المعقدة اللازمة لمعالجة المعاملات يستهلك الكثير من الطاقة حسب التصميم.
بينما في سلاسل “إثبات الحصة” proof of stake وهي خوارزمية حديثة ولكنها شائعة بشكل متزايد، تتطلب معالجة المعاملات ببساطة أن يوافق المحققون الذين لديهم حصة في السلسلة على أن المعاملة مشروعة، وهي عملية أكثر كفاءة بشكل ملحوظ.
وفي كلتا الحالتين، تكون بيانات المعاملات عامة على الرغم من أن محافظ المستخدمين تُحدد فقط من خلال عنوان أُنشيء بطريقة مشفرة. لذلك تتميز البلوك تشين بأنها للكتابة فقط، مما يعني أنه يمكنك إضافة البيانات إليها ولكن لا يمكنك حذفها.
يعمل Web 3.0 والعملات المشفرة على ما يُسمى (سلاسل الكتل بدون إذن) permissionless blockchains، التي ليس لها تحكم مركزي ولا تتطلب من المستخدمين الوثوق في أحد، أو معرفة أي شيء عن المستخدمين الآخرين للتعامل معهم.
يقول (كريس ديكسون) الشريك في شركة رأس المال الاستثماري (a16z) وأحد أبرز المؤيدين والمستثمرين في Web 3.0: ” يُعد Web 3.0 هو الإنترنت المملوك من قبل المطورين والمستخدمين معًا، حيث يُنسق باستخدام الرموز المميزة”.
يعد هذا أمرًا مهمًا لأنه يغير الديناميكية التأسيسية لشبكة الإنترنت اليوم، حيث تقوم الشركات بتتبع المستخدمين للحصول على أكبر قدر ممكن من بياناتهم وتحقيق أقصى استفادة من هذه البيانات.
يقول ديكسون: “إن الرموز والملكية المشتركة تعمل على إصلاح المشكلة الأساسية للشبكات المركزية، حيث تمتلك شركة واحدة (القيمة المتراكمة) Accumulated Value، وينتهي الأمر بمحاربة المستخدمين والشركاء”.
صاغ مصطلح Web 3.0 (جافين وود) أحد مؤسسي (blockchain Ethereum) في عام 2014، حيث كتب منشورًا في المدونة رسم فيه رؤيته للعصر الجديد: “إن Web 3.0 عبارة عن إعادة تصور أنواع الأشياء التي نستخدم الويب من أجلها، ولكن بنموذج مختلف تمامًا للتفاعلات بين الأطراف، فالمعلومات التي نفترض أنها عامة، ننشرها، والمعلومات التي نفترض أنها متفق عليها، نضعها في دفتر الأستاذ بالإجماع، والمعلومات التي نفترض أنها خاصة، نحافظ عليها سرية ولا نكشف عنها أبدًا، ففي هذه الرؤية؛ تُشفر جميع الاتصالات والهويات تكون مخفية. باختصار؛ نحن نصمم نظامًا جديدًا، حيث لا يمكن الوثوق بأي حكومة أو منظمة”.
تطورت الفكرة منذ ذلك الحين، وظهرت حالات استخدام جديدة، على سبيل المثال: تتيح منصة خدمة البث (Web 3 Sound.xyz) مسارات جديدة للفنانين لإنشاء موسيقى مفتوحة المصدر وتكون أقل اعتمادًا على الوسطاء، كما تتيح الألعاب القائمة على البلوك تشين، مثل: لعبة (Pokémon-esque Axie Infinity) للمستخدمين كسب المال أثناء اللعب، حيث يحصلوا على ما تُسمى (العملات المستقرة) Stablecoins، التي ترتبط قيمتها بالدولار أو اليورو أو أي مرجع خارجي آخر، وقد رُوج لها لها على أنها ترقيات للنظام المالي العالمي. وقد اكتسبت العملات المشفرة قوة دفع كحل للمدفوعات عبر الحدود، خاصة للمستخدمين في البيئات غير المستقرة.
من المتوقع أن تُغير تقنية البلوك تشين الطريقة التي نستخدم بها التكنولوجيا حاليًا تمامًا كما فعلت الحواسيب والهواتف الذكية خلال 10 سنوات الماضية، حيث تضاعف عدد المطورين النشطين الذين يعملون على كود Web 3.0 تقريبًا في عام 2021 وصلوا إلى ما يقرب من 18000 شخص – يعد هذا الرقم غير ضخم، بالنظر إلى الأرقام العالمية – ولكن الأهم من ذلك، أن مشاريع Web 3.0 أصبحت جزءًا من روح العصر، ولا يمكن إنكار ذلك.
ثالثًا؛ ماذا يعني Web 3.0 للشركات؟
سيكون لدى Web 3.0 بعض الاختلافات الرئيسية عن Web 2.0؛ فلن يحتاج المستخدمون إلى عمليات تسجيل دخول منفصلة لكل موقع يزورونه ولكن بدلاً من ذلك سيستخدمون هوية مركزية – ربما محفظة التشفير الخاصة بهم – تحمل معلوماتهم.
سيكون لديهم المزيد من التحكم في المواقع التي يزورونها، حيث يربحون أو يشترون الرموز التي تسمح لهم بالتصويت على القرارات أو فتح الوظائف.
ولكن حتى الآن لا تزال التنبؤات حول الشكل الذي قد يبدو عليه Web 3.0 على نطاق واسع مجرد تخمينات، بينما ظهرت بعض المشاريع ونمت بشكل كبير. حيث قامت الكثير من الشركات ببناء مجتمعات NFT ناجحة، مثل: مجموعة Bored Ape Yacht Club – التي تُعرف اختصارًا باسم (BAYC) – وهي تضم نحو 10 ألف صورة للقردة الكرتونية، وتُصنف أنها واحدة من أكثر مجموعات NFT ربحية، و NBA Top Shot لبيع مقاطع الفيديو الخاصة بلحظات الدوري الأمريكي لكرة السلة وشرائها وتداولها، وعملاق التشفير Dapper Labs.
وقامت شركات؛ مثل: Coinbase لشراء العملات المشفرة وبيعها وتخزينها، و OpenSea (أكبر سوق رقمي لمقتنيات العملات المشفرة و NFT) بتقديم طرق للربح من NFT للأشخاص الذين ليس لديهم خبرة تقنية أو معدومة.
وفي حين أن الشركات الكبرى، مثل: مايكروسوفت، وباي بال، و Overstock، وتسلا قد قبلت التعامل بالعملات الرقمية لسنوات، حيث كانت مايكروسوفت من أوائل المتبنين للبيتكوين في عام 2014 عندما بدأت بقبول العملة المشفرة كوسيلة دفع للألعاب والتطبيقات والمحتويات الرقمية الأخرى لمنصات مثل: Windows Phone و Xbox، إلا أن NFTs – التي انتشرت حديثًا – تُعد هي الطريقة الأساسية التي تختبر بها العلامات التجارية Web 3.0.
من الناحية العملية؛ NFTs هي عبارة عن مزيج من (صك) Deed، و(شهادة أصالة) certificate of authenticity، وبطاقة عضوية، يمكن أن تمنح ملكية للفن الرقمي، وعادةً ما تُسجل الملكية في البلوك تشين ويشير الرابط إلى صورة في مكان ما، أو حقوق ملكية أو وصول إلى مجموعة.
يمكن أن تعمل NFTs على نطاق أصغر من العملات المعدنية لأنها تنشئ أنظمتها الخاصة بها ولا تتطلب أكثر من مجتمع من الأشخاص الذين يجدون قيمة في المشروع. على سبيل المثال: تعتبر بطاقات البيسبول ذات قيمة فقط لجامعين معينين، لكن هذه المجموعة تؤمن حقًا بقيمتها.
كانت أكثر مساعي الشركات التقليدية نجاحًا في Web 3.0 هي تلك التي تنشئ مجتمعات أو تتصل بالمجتمعات الموجودة، حيث قدمت العلامات التجارية الرائدة، مثل: Nike و Adidas و Under Armor رموز NFTs التي يمكن استخدامها في العالم الافتراضي، على سبيل المثال: تسمح للمالك بإعداد صورة رمزية، أو تمنح حقوقًا للمنتجات أو عروض أزياء الشارع الحصرية في العالم الحقيقي.
باعت Adidas ما قيمته 23 مليون دولار من NFTs في أقل من يوم وأنشأت فورًا سوقًا لإعادة البيع في OpenSea، وبالمثل؛ أطلقت مجلة Time مشروع NFT لبناء مجتمع على الإنترنت يستفيد من التاريخ الطويل للنشر.
بينما كان لدي بعض الشركات تجارب غير ناجحة مع مشاريع NFTs، فعلى سبيل المثال: عندما قام (جايسون سيترون) Jason Citron الرئيس التنفيذي لشركة Discord باختبار ميزة يمكن أن تربط التطبيق بمحافظ التشفير، تمرد مستخدمو Discord، مما دفعه إلى توضيح أن الشركة ليس لديها خطط حالية للانطلاق في Web 3.0 لأنه به الكثير من المشكلات التي نحتاج إلى حلها أولًا.
كما قامت العلامة التجارية MeUndies للملابس الداخلية، وفرع المملكة المتحدة لمنظمة (World Wildlife Fund) بسحب مشاريع NFTs الخاصة بها سريعًا بعد رد فعل العملاء العنيف بسبب الآثار البيئية الضارة لهذه المشاريع.
كما أن الشركات التي نجحت في تبني NFTs اصطدمت بعقبات في الطريق؛ فعلى سبيل المثال: طلبت شركة Nike من المحكمة إصدار أمر بتدمير NFTs غير المصرح بها، حيث إن تجار التجزئة عبر الإنترنت يبيعون NFTs التي تحمل علامتها التجارية سووش دون إذن منها، وقد أقرت منصة OpenSea أن بعض NFTs المستضافة عبر منصتها كانت عبارة عن أعمال مسروقة ومقلدة.
ونظرًا إلى أن البلوك تشين غير قابل للتغيير، فإن هذه الأحداث كلها أثارت أسئلة قانونية جديدة، وليس من الواضح كيف ستتعامل الشركات مع مشكلات حقوق الملكية والتقليد؟
يجب على الشركات التي تفكر في الدخول في هذا المجال أن تتذكر أن Web 3.0 متناقض ولا توجد به ضمانات، وسط العديد من نقاط الخلاف، فإن الانقسام الرئيسي هو بين الأشخاص الذين يؤمنون بمثالية Web 3.0 وأنه سيحل مشكلات الإنترنت الحالية كلها، والنقاد الذين يشجبون المشكلات العديدة التي يواجها في الوقت الحالي.
رابعًا؛ معاناة Web 3.0 من مشكلات عديدة قبل البدء:
يجادل المشككون أن Web 3.0 ليس أكثر من اقتصاد مضارب عملاق من شأنه أن يجعل بعض الأثرياء أكثر ثراءً، على الرغم من كل الخطاب حول التحول الديمقراطي، وفرص الملكية، وبناء الثروة الجماعية، حيث إن الكثير من سوق التشفير يتكون من أصول مبالغ فيها، ومبالغ وهمية، وأشخاص متعصبون مؤيدون للعملات المشفرة وغير مدركين لكوارثها القادمة.
كتب (ديفيد جيرارد) في كتابه (Attack of the 50 Foot Blockchain): “يحب المدافعون عن العملات المشفرة والصحفيون الكسالى التحدث عن القيمة السوقية للعملات المشفرة، وهو العدد الإجمالي للعملات أو الرموز الموجودة مضروبًا في سعر اليوم. هذا هو رقم مزيف لا ينطبق فعليًا على أي شيء – إنه ليس أموالًا حقيقة وُضعت في التشفير، وليست قيمة قابلة للتحقيق مثل: القيمة السوقية للشركة، ولا يؤثر في الأسعار – إنه مجرد رقم يسهل حسابه ويبدو جيدًا في عنوان رئيسي. التداول ضعيف جدًا في أي عملة مشفرة، حتى في Bitcoin، بحيث لا يمكنك أبدًا إدراك جزء بسيط من الرقم”.
ومن السهل إثبات وجهة النظر هذه؛ حيث يوجد الكثير من المشكلات في سوق العملات الرقمية المشفرة وتداولها، فقد شاهدنا بلاغات كثيرة عن التلاعب بالسوق في كل من أسواق العملات المشفرة و NFTs، مما يؤدي إلى زيادة القيمة بشكل مصطنع والسماح للمالكين بكسب العملات من خلال الصفقات الوهمية، وهذا هو السبب الرئيسي الذي أدى إلى انهيار بورصة FTX في نهاية عام 2022.
لذلك أنشئت (مولي وايت) Molly White – مهندسة البرمجيات وناقدة صناعات البلوك تشين و cryptocurrency اللامركزية – موقعًا عبر الويب يُسمى (Web3 Is Going Just Great) لتوثيق عمليات الاحتيال والإخفاقات في عالم Web 3.0.
خامسًا؛ التكنولوجيا غير عملية ومكلفة:
تكثر الأسئلة حول هل فعلًا سيحدد Web 3.0 أو البلوك تشين العصر التالي للإنترنت؟ في هذا الصدد يقول (Grady Booch) كبير العلماء في هندسة البرمجيات في شركة IBM Research “سواء كنت تتفق مع فلسفة الاقتصاد الذي سيستند إلى العملات المشفرة أم لا، فهي ببساطة كارثة في هندسة البرمجيات في طور التكوين”.
أوضح (Booch) في محادثة عبر (Twitter Spaces): “أن جميع التقنيات تأتي مع مقايضات، وتكمن تكلفة النظام غير الموثوق به في أنه غير فعال للغاية، وقادر على معالجة عدد قليل من المعاملات في الدقيقة، أي كميات ضئيلة من البيانات مقارنة بنظام مركزي مثل: خدمات أمازون ويب. كما تجعل اللامركزية التكنولوجيا أكثر تعقيدًا وبعيدة عن متناول المستخدمين العاديين، بدلاً من كونها أبسط وأكثر سهولة في الوصول إليها”.
وبالرغم أنه من الممكن إصلاح ذلك عن طريق إضافة طبقات جديدة يمكنها تسريع الأمور، لكن القيام بذلك يجعل النظام بأكمله أكثر مركزية، مما يؤدي إلى إبطال هدفه الأساسي.
في الوقت الحالي؛ تكمن عدم كفاءة البلوك تشين في التكلفة العالية بالمعنى الحرفي للكلمة، حيث يمكن أن تتراوح تكاليف المعاملات في Bitcoin و Ethereum في أي مكان من بضعة دولارات إلى مئات الدولارات، و يمكن أن يكلف تخزين واحد ميجابايت من البيانات في دفتر الأستاذ الموزع في البلوك تشين آلاف أو حتى عشرات الآلاف من الدولارات، لهذا السبب من المحتمل أن NFT الذي اشتريته لا يستند إلى البلوك تشين في الواقع. يشتمل الرمز الموجود في السلسلة الذي يشير إلى ملكيتك على عنوان يشير إلى مكان تخزين الصورة، الأمر الذي يمكن أن يتسبب في حدوث مشكلات، منها: اختفاء تفاصيل عملية الشراء الباهظة الثمن إذا تعطل الخادم الذي يعمل عليه بالفعل.
سادسًا؛ ظهور الإساءة والمضايقات في البلوك تشين فأين إخفاء الهوية؟
من أجل تطوير تقنيات جديدة بشكل مسؤول، من الضروري أن نسأل: كيف ستُستخدم هذه التقنيات لمضايقة الناس وإساءة معاملتهم؟ وفي خضم الانتشار لجذب رأس المال الاستثماري وجذب مستخدمين ومستثمرين جدد إلى تقنيات البلوك تشين و Web 3.0، لم يُطرح هذا السؤال مرة أخرى!
كتبت (مولي وايت): “بينما يتحدث مؤيدو البلوك تشين عن مستقبل الويب الذي يستند إلى دفاتر الأستاذ العامة وإخفاء الهوية وعدم قابلية التغيير، فإن أولئك الذين تعرضوا للمضايقات عبر الإنترنت ينظرون في حالة من الرعب لأننا نتغاضى عن المضايقات وسوء المعاملة التي يتعرضون لها”.
كما أن ثبات البلوك تشين يعني أنه لا يمكن إزالة البيانات، حيث لا توجد طريقة لمحو أي شيء، سواء كان منشورًا به إساءة أو محتوى إباحي أو دعوة للانتقام. وهذا الأمر يمكن أن يسبب مشاكل كبيرة في Web 3.0في بعض الأماكن، مثل: أوروبا، حيث تنص اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) على الحق في محو البيانات الشخصية.
سابعًا؛ التأثير البيئي لويب3 أمر فظيع حاليًا:
يُعد التأثير البيئي للجيل الثالث للإنترنت حاليًا واسع ومدمّر للغاية، ويمكن تقسيمه إلى فئتين: الاستخدام الهائل للطاقة، والنفايات الإلكترونية، وكلاهما من منتجات التعدين، حيث إن تشغيل شبكة تعتمد على الحواسيب العملاقة التي تتنافس لحل المعادلات المعقدة في كل مرة تريد فيها حفظ البيانات في البلوك تشين يتطلب قدرًا هائلاً من الطاقة.
كما أنها تولد نفايات إلكترونية؛ حيث يقول عالم الحاسوب (ديفيد روزنتال) David Rosentha: “تنتج البيتكوين ما متوسطه حجم حاسوب (MacBook Air) من النفايات الإلكترونية لكل معاملة”.
كما اتضح من البحث الذي قام به كل من (Alex de Vries) و (Christian Stoll) أن نفايات البيتكوين الإلكترونية وصلت إلى 30.7 كيلوطن متري سنويًا في مايو 2021، وهذا الرقم يُعادل كمية نفايات معدات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الصغيرة التي تنتجها دولة بحجم هولندا.
إذا كان هذا صحيحًا، فسيأتي الابتكار بتكلفة كبيرة. وكما تقول (هيلاري ألين) أستاذة القانون بالجامعة الأمريكية التي تدرس الأزمة المالية لعام 2008: “إن النظام الآن يعكس هشاشة ابتكارات القطاع المصرفي التي أدت إلى الأزمة المالية لعام 2008 ويضخمها، وإذا انفجرت فقاعة Web 3.0 الآن، فقد نشهد أزمة جديدة” .
ثامنًا؛ إلى أين يتجه Web 3.0 بالضبط؟
يرى (Moxie Marlinspike) عالم التشفير ومؤسس تطبيق (Signal) أن Web 3.0 يعتبر مصطلحًا غامضًا إلى حد ما، مما يجعل من الصعب إجراء تقييم صارم لما يجب أن تكون عليه طموحاتالجيل الثالث للإنترنت، ولكن يبدو أن الفرضية العامة هي أن Web 1.0 كان لامركزيًا، و Web 2.0 مركزيًا، وأن Web 3.0 سيعمل على إلغاء مركزية كل شيء مرة أخرى، حيث يجب أن يمنحنا Web 3.0 ثراء Web 2.0 مع اللامركزية، ولكن مع وجود عدد قليل من المنصات المركزية لاسترداد البيانات في السلسلة، فإن Web 3.0 ليس لامركزيًا كما ينبغي؛ بل يشبه Web 2.0 بخصوصية أقل”.
وقد أعرب (فيتاليك بوتيرين) Vitalik Buterin أحد مؤسسي Ethereum عن مخاوفه بشأن الاتجاه الذي اتخذه المجال، لكنه لا يزال متفائلاً. وفي رد على (Marlinspike) في (Reddit) أقر بأن مؤسس Signal قدم نقدًا صحيحًا للحالة الحالية للمنظومة، لكنه أكد أن الشبكة اللامركزية تلحق بالركب، وبسرعة كبيرة في ذلك، حيث إن إنشاء مكتبات الشفرات سيسهل قريبًا على المطورين الآخرين بدء العمل بمشاريع Web 3.0.
كما أن سلاسل (إثبات العمل) proof of work – النظام غير الفعال حسب التصميم الذي يعمل به Bitcoin و Ethereum – أصبحت غير رائجة، وبدلاً من التعدين الذي يستخدم كميات مكثفة من الطاقة، يأتي التحقق بشكل متزايد من المستخدمين الذين يشترون – يمتلكون حصة – للموافقة على المعاملات.
تقدر Ethereum أن التحديث لإثبات الحصة سيقلل من استخدامها للطاقة بنسبة 99.95 %، مع جعل المنصة أسرع وأكثر كفاءة. كما يوجد الآن (Solana) أحدث بلوك تشين يستخدم إثبات الحصة و إثبات التاريخ، وهي آلية تعتمد على الطوابع الزمنية، ويمكنها معالجة 65000 معاملة في الثانية – مقارنة مع معدل Ethereum الحالي الذي يبلغ نحو 15 في الثانية – كما تستخدم معاملة Solana الواحدة 1939 جول فقط، وهو أقل من كمية الطاقة المطلوبة لإكمال عمليتي بحث عبر جوجل، هذا يعادل ترك مصباح LED يعمل لأكثر من 3 دقائق بقليل، أو تشغيل ثلاجتك لمدة 11 ثانية تقريبًا.
تتبنى بعض الشركات نهجًا هجينًا للبلوك تشين الذي يوفر الفوائد دون قيود، ويمكن أن تساعد النماذج الهجينة الشركات أيضًا على معالجة اللوائح العامة لحماية البيانات واللوائح الأخرى.
أوضح (سيندي كومبيرت) و(ماوريتسيو لوينيتي) و(برتراند بورتييه) في ورقة بيضاء لشركة IBM: “أنه للامتثال للحق في محو البيانات يجب أن تظل البيانات الشخصية سرية من البلوك تشين في مخزن بيانات خارج السلسلة مع حفظ تشفيرها فقط في السلسلة”. بهذه الطريقة، يمكن حذف البيانات الشخصية تماشياً مع القانون العام لحماية البيانات (GDPR) دون التأثير في السلسلة.
تاسعًا؛ التنظيم بطيء وسيحدد الفصل التالي من Web 3.0:
حظرت الصين العملات المشفرة تمامًا، إلى جانب الجزائر وبنجلاديش ومصر والعراق والمغرب وعمان وقطر وتونس. وتفكر أوروبا في اللوائح البيئية التي من شأنها أن تحد أو تحظر بلوكشين، وفي الولايات المتحدة أصدرت إدارة بايدن أمرًا تنفيذيًا في مارس الماضي يوجه الحكومة الفيدرالية للنظر في تنظيم العملات المشفرة.
كما أن الشركات تنقسم حول Web 3.0، حيث تمتلك بعض الشركات والقطاعات حافزًا أكثر من غيرها لتجربة حظها، لذلك ليس من قبيل المصادفة أن شركة إعلامية مثل: Time مهتمة بفرص Web 3.0 بعد Web 2.0 الذي أهلك نموذج أعمالها، في حين وجدت شركات أخرى؛ مثل: Nike أن نماذج أعمالها مناسبة بسهولة. ولكن ليس لدى الشركات الأخرى مسار واضح.
يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار الادعاءات المتصاعدة حول Web 3.0 التي تقول إنه ثورة الإنترنت القادمة، وسيؤدي إلى قلب النظام المالي، وسيعيد توزيع الثروة، وسيجعل شبكة الإنترنت ديمقراطية مرة أخرى. لقد سمعنا كل هذا من قبل؛ ورأينا كيف فشلت بعض تجارب Web 3.0 السابقة.
الخاتمة:
يَعد Web 3.0 بتحويل تجربة الاتصال بالإنترنت بشكل كبير كما فعلت الحواسيب والهواتف الذكية معنا الآن. ومع ذلك، فإنه لا يخلو من المخاطر. فقد واجهت بعض الشركات رد فعل عنيف بسبب التأثير البيئي والمضاربة المالية (واحتمالية الاحتيال) التي تأتي مع مشاريع Web 3.0. وبينما تُقدم تقنية البلوك تشين كحل لمخاوف الخصوصية والمركزية والاستبعاد المالي، فقد أنشأ إصدارات جديدة من العديد من هذه المشكلات. لذلك تحتاج الشركات إلى النظر في كل من المخاطر والفوائد قبل اتخاذ خطواتها القادمة نحوه.