كتبت- هند عواد
لُقب بـ”التتش الصغير”، وصنع تاريخا في هذا الملعب، ولكن خلافا شهيرا مع صديق عمره صالح سليم “المايسترو” رئيس الأهلي الأسبق، منعه من العودة إلى هذا المكان، حتى خرج جثمانه، في مثل هذا اليوم، من العاصمة الأردنية عمان، على متن طائرة رئاسية ملكية مع وفد رسمي برئاسة الأمير علي بن الحسين.
محمود الجوهري “جنرال”، حطم الأرقام القياسية واتفقت جماهير الأهلي والزمالك على حبه، مرددة اسمه بالهتافات في المدرجات، كأنه لاعب يسجل الأهداف الحاسمة، لكنه كان على خط الملعب يدير اللقاء بفلسفته الخاصة، فلسفة عسكرية لرجل انتصر في حرب أكتوبر 1973.
التربية العسكرية للجوهري
تأثر الجوهري بتربيته العسكرية، إذ أنه كان ضابطًا في الجيش المصري وأحد الذين شاركوا في حرب أكتوبر عام 1973، برتبة مقدم، وخرج من الخدمة برتبة عميد في سلاح الإشارة، وبدأت مسيرته الكروية ضمن صفوف النادي الأهلي ومنتخب مصر، خلال الفترة من 1955 حتى 1966، لكنه اعتزل بعد كثرة الإصابات، واتجه إلى التدريب في الأهلي، وفاز معه بأول بطولة أفريقية في تاريخ النادي “كأس أفريقيا للأندية الأبطال”.
وتولى بعدها تدريب منتخب مصر وتمكن من الوصول إلى كأس العالم 1990 لثاني مرة في تاريخ الفراعنة، بعد 56 عاما، وفاز ببطولة أمم أفريقيا بوركينا فاسو 1998، وأصبح أول من يفوز بالأمم الإفريقية كلاعب ومدرب، كما أنه كان أول مدرب مصري يتولى تدريب الأهلي والزمالك، في تاريخ الكرة المصرية.
ومثلما ذكرنا، تأثر الجوهري بتربيته العسكرية، ليس فقط في الانضباط في العمل، ففي مصطلحاته أيضا، استخدم كلمات مثل الخداع والتمويه، وقال الجوهري في لقاء أرشيفي: “قبل بطولة أمم أفريقيا 1998، عقدت اجتماعا مع الصحفيين وقلت إن ترتيبنا الـ13، وكان لدينا 4 أشهر ونصف للعمل والدخول في معسكرات، وإذا استغلينا هذه المدة سنحصد البطولة، ولكن هذا الحديث تم تداوله بأنني أقول إننا سننهي البطولة في المركز الـ13، وجدت أن هذا الأمر للتخدير بأن المنتخب المصري لن يفز، وكنا نعمل في الخفاء كخطة خداع، حتى لا يزداد طموح الجماهير مما يمثل ضغط علينا”، وفي النهاية عاد الجوهري رافعا لكأس الأمم الإفريقية، ونجحت خطة الخداع مثلما نجحت معه من قبل رفقة الضباط المصريين في حرب 73.
الجوهري وصالح سليم.. صداقة انتهت داخل التتش
خلال مسيرة الجوهري كلاعب داخل الأهلي، زامل الجيل الذهبي للقلعة الحمراء، الذي ضم، صالح سليم وحسين مدكور وأحمد مكاوي والضيظوي وسيد صالح وتوتو وفتحي خطاب وحلمي أبو المعاطي ورفعت الفناجيلي وطارق سليم وعادل هيكل وميمي الشربيني وطه إسماعيل وغيرهم.
وجمعته علاقة قوية مع صالح سليم، ففي يوم 2 نوفمبر 1962، لعب الأهلي ضد المنيا في الدوري المصري، وكان الأحمر متفوقا بأربعة أهداف نظيفة (صالح سليم هدفين والشيخ طه هدفين)، وتم احتساب ركلة جزاء للأهلي، واختار الجهاز الفني صالح سليم لتنفيذها، إلا أنه لمسها ليسجلها صديقه الجوهري.
وبعد اعتزال الثنائي، اتجه الجوهري إلى التدريب وصالح سليم إلى الإدارة، حتى أصبح الأخير رئيسا للنادي الأهلي، وطلب الجنرال لتولي تدريب موسمي 1982/1983، 1983/1984، وتمكن الجوهري من الفوز بكأس مصر مرتين والبطولة الأفريقية، وبعدها رحل لتدريب الشارقة الإماراتي.
وفي صيف 1985، قرر صالح سليم إعادة الجوهري إلى الأهلي، لكنها كانت نهاية الجنرال داخل التتش، حينما أصر على اصطحاب اللاعب محمد عباس إلى معسكر الفريق في ألمانيا، لكن مجلس الإدارة كان أصدر قرارا بشطب اللاعب، وحدث خلاف بين الجوهري وهاني مصطفى مدير الكرة آنذاك.
وانتهت الأزمة، وكان الأهلي يستعد لخوض مباراة الزمالك في دور الثمانية من بطولة كأس مصر، ولكن قرر الجوهري تقديم استقالته، وتضامن اللاعبون مع الجوهري، الذي صرح في الإعلام بقرار استقالته، لكن اللاعبون ذهبوا إلى الجوهري، ليقرر حسن حمدي عضو مجلس الإدارة والمشرف على الكرة، في ذلك الوقت، إيقاف 16 لاعبا من الفريق الأساسي.
وهؤلاء اللاعبون هم، شريف عبد المنعم، محمد عامر، حسام البدري، مدحت رمضان، ماهر همام، خالد جاد الله، زكريا ناصف، مختار مختار، رمضان السيد، محمد حشيش، ضياء السيد، أسامة عرابي، هاني عبد اللطيف، أيمن شوقي، سمير فوزي، حمدي أبو راضي.
وروى حسن حمدي تفاصيل الخلاف في تصريحات تلفزيونية، قائلا: “لم أفكر في أي شئ آنذاك، وقررت إيقاف الفريق الأساسي، بعدما أخذ الجوهري اللاعبين في معسكر خارج النادي الأهلي، وطلبت من مجلس الإدارة الحصول على سلطات مدير الكرة حتى يمكنني اتخاذ هذه القرارات، وطلبت من كابتن عادل طعيمة مدرب الناشئين تصعيد 23 لاعب لخوض مباراة الزمالك والمباريات المقبلة، وكان بينهم حسام حسن، وتمكنا من الفوز على الزمالك بنتيجة 3-2”.
ومنذ ذلك الحين، انقطعت علاقة الجوهري بالنادي الأهلي، وتم منعه من دخول النادي حتى مماته، ويرى أحمد حسام ميدو لاعب الزمالك ومنتخب مصر الأسبق، أن الجوهري انتصر، وقال في تصريحات تلفزيونية: “خلاف الجوهري مع صالح سليم، فاز به الجنرال، إذ أنه أصبح مدربا لمنتخب مصر وفاز بكأس الأمم، خناقة كبيرة بين اثنين عظماء وكل واحد لديه شخصية كبيرة، على الرغم من أنه منع من دخول النادي حتى وفاته، في نفس الوقت جماهير الأهلي كانوا بيدخلوا يقولوا الجوهري مع المنتخب، وده انتصار للجوهري”.
اقرأ أيضًا:
“عقدة الاضطهاد ووجه مبشر”.. كيف تنبأ الجوهري بمستقبل حسام حسن؟