مقياس النجاح فى الرياضة بشكل عام، وتحديداً كرة القدم، دائماً ما تكون له عوامل عديدة، لعل أبرزها تحقيق الانتصارات والصعود لمنصات التتويج؛ فهو المؤشر والدليل على أن كل شىء يسير فى الاتجاه الصحيح وفق الخطة الموضوعة التى يتم تنفيذها بشكل جيد.خطة النجاح فى كرة القدم ليست سهلة على الإطلاق، وربما يتخيل البعض أن أى شخص قادر على النجاح كونها فى النهاية يتم تصنيفها «ترفيه»، ولكن أرض الواقع صلبة للغاية؛ فصناعة وبناء فريق قوى واختيار مدرب جيد، أمر ليس بالهين، فقد يحالفك الحظ فى اختيار أفضل اللاعبين واختيار مدرب ناجح، ملء السمع والبصر، ولكن لا تنسجم هذه المجموعة مع بعضها وتكون المحصلة فى النهاية الفشل وأنت المسئول الأول عنه رغم أنك استدعيت أفضل العناصر.
الانتفاضة قوة كبيرة للرياضة المصرية
النجاح فى الرياضة، خاصة الأندية كالأهلى والزمالك بما يمتلكانه من شعبية وقاعدة جماهيرية عريضة، عملية كبيرة وتحتاج لتضافر كل الجهود؛ من إدارة محترفة لديها خبرات كبيرة، تجيد اختيار عناصرها، وخطة عمل جيدة، والتخصص؛ بمعنى أن يكون كل شخص فى تخصصه ومكانه.
خطة العبور ليست سهلة على الإطلاق.. والوصول للنهائى ليس من قبيل الصدفة أو أتت به الرياح
وجود الأهلى والزمالك فى نهائى دورى الأبطال والكونفيدرالية الأفريقية لم يكن أبداً من قبيل الصدفة أو أتت به الرياح، وإنما بتخطيط وجهد كبير بداية من الإدارة فى التخطيط للفريق الأول واختيار أفضل اللاعبين، وعمل وجهد كبير من الجهاز الفنى، مروراً بعمال المهمات وغرف الملابس الذين أدوا مهمتهم على الوجه الأكمل.
نجاح الأهلى ووصوله لنهائى «الأبطال» كان متوقعاً بنسبة كبيرة بالنظر لوجوده للمرة الخامسة على التوالى فى هذا المباراة؛ إضافة للتألق بالموسم الأخير والتتويج بخمس بطولات، وبداية جيدة للموسم الحالى بالتتويج بكأس مصر ثم الميدالية البرونزية فى كأس العالم للأندية، هذا إلى جانب الاستقرار الفنى الكبير للفريق مع السويسرى مارسيل كولر.
نجاح الزمالك يجب أن يرفع له الجميع القبعة، وينحنى له إجلالاً أن يصل هذا الفريق لنهائى الكونفيدرالية وسط ما يحدث من ضجيج وأزمات كانت كفيلة أن تعصف بقلعة ثابتة جذورها، فلك أن تتخيل أن مجلس إدارة يتسلم نادياً مُثقلاً بأزمات لا حصر لها إدارياً واجتماعياً، وفريق كرة يجمعه فقط عشق الكيان، دون مستحقات أو قوام رئيسى، وهو مطالب بالرحيل من أبرز نجومه، ورغم ذلك تخطى المجلس الحالى كل الصعاب وصنع فريقاً من رحم المعاناة وبأقل التكاليف ليؤكد مقولة «الكبير يمرض ولا يموت».
انتفاضة الأهلى والزمالك تمثل قوة كبيرة للرياضة المصرية التى تعيش فترة جيدة وبدأت تستعيد رونقها، وعلى مسئولى الرياضة فى مصر استثمار النجاح الحالى للقطبين للدعم والمساندة لأن نجاحهما يعود بالطبع على منتخب مصر، بقيادة حسام حسن، الذى يستعد لمنحنى تاريخى فى تصفيات كأس العالم 2026 ومباريات غاية فى القوة تحتاج التضافر من الجميع والوقوف خلف الرياضة للعودة من جديد إلى تسيُّد القارة الأفريقية.
نهائى الأبطال والكونفيدرالية بمشاركة الأهلى والزمالك حدث كبير يجب استغلاله من كل الجوانب، ودعمه، والعمل عليه فى السنوات المقبلة، وأن يكون هناك تخطيط للرياضة التى تعتبر قوة ناعمة للدولة، واستخدامها كاستراتيجية جديدة تساعدها على تقديم نفسها كدولة مؤثرة عالمياً، ونموذج للنجاح الاقتصادى، وهو ما سبقتنا إليه بعض الدول العربية وحققت من خلاله نجاحات كبيرة للغاية.