غزة/ حسني نديم/ الأناضول
** الخبير الاقتصادي محمد أبو جياب:
– العمال يعيشون إجازة قسرية ونسب البطالة تجاوزت 90 بالمئة
– يعانون أشد معاناة ويفتقرون إلى مقومات الحياة الأساسية وفي مقدمتها المأوى
** المختص الاجتماعي أمجد الشوا:
– أوضاع العمال الصعبة تخلق تجعلهم عرضة لصدمات نفسية
– معظم سكان قطاع غزة فقدوا مصادر دخلهم وباتوا يعتمدون على المساعدات
يواجه العمال في قطاع غزة منذ بدء الحرب الإسرائيلية المدمرة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، الموت سواء أكانت بصواريخ الجيش الإسرائيلي أو جوعًا في ظل ظروف معيشية صعبة ومعقدة.
وفقد مئات الآلاف من العمال والموظفين في القطاعات الخاصة والحكومية مصادر دخلهم، بسبب الحرب الإسرائيلية وتداعياتها وأصبحوا يواجهون مصيرا مجهولا.
وقتل العشرات من العمال ولا سيما الذين كانوا متواجدين في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، أثناء اندلاع الحرب على غزة، وذلك خلال ملاحقتهم والتنكيل بهم من قبل السلطات الإسرائيلية، واحتجازهم بمراكز عسكرية خاصة أقيمت في النقب والقدس والضفة الغربية.
وحتى تاريخ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كان هناك ما يقارب 18 ألفا و500 فلسطينيي من قطاع غزة للعمل في الجانب الإسرائيلي بتصاريح رسمية، لكن غالبيتهم العظمى تم ترحيله إلى القطاع بعد إخضاعهم للحجز والتحقيق والتعذيب.
** الموت جوعًا
ويقول العامل أبو خالد، فضل عدم الكشف عن هويته: “أوضاع عمال قطاع غزة كارثية للغاية بعدما فقدوا أعمالهم ومصادر دخلهم وأصبحوا عاطلين عن العمل، بسبب الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ 7 شهور”.
ويضيف أبو خالد (56 عاماً) وهو أحد العمال الفلسطينيين في الجانب الإسرائيلي: “بعد اندلاع الحرب بأيام اعتقلت من السلطات الإسرائيلية، وأخضعت لتحقيق وتعذيب قاس استمر لمدة شهر تقريبا، ثم قاموا بترحيلي إلى غزة بعد مصادرة أموالي ومقتنياتي الشخصية”.
ومنذ ذلك الوقت، يعيش أبو خالد وعائلته المكونة من 7 أفراد والتي نزحت إلى رفح جنوبي قطاع غزة، ظروفًا مادية صعبة للغاية بعدما فقد عمله في قطاع الإنشاءات، في ظل عدم وجود أي بدائل أخرى أو عمل آخر حاليًا.
ويتابع لمراسل الأناضول: “نحن اليوم لا مصدر دخل نعيش من خلاله في ظل حالة النزوح المستمر والتنقل من مكان لآخر، وإن لم نمت بالقصف فإننا سنموت جوعاً”.
ويشكو من غلاء الأسعار وقلة المساعدات الإنسانية والإغاثة المخصصة لهذه الفئة من العمال، متمنياً أن تنتهي الحرب الإسرائيلية بأسرع وقت وعودة الحياة إلى طبيعتها والبدء بعملية إعمار غزة وفتح مجال لكل الفئات للعمل مجددًا.
** عمال عاطلون
ولا تختلف ظروف الشاب سامح شعبان (39 عاماً)، عن أبو خالد خاصة أنه فقد عمله كإداريٍ في أحد الجامعات الخاصة في غزة، بعد أن اتخذت إدارة الجامعة قراراً بتسريح كافة العاملين الأكاديميين والإداريين بسبب الحرب الإسرائيلية.
ويقول شعبان لمراسل الأناضول: “الحرب جعلتنا عاطلين عن العمل، ولا نجد اليوم مصدر رزق لنا ولعائلاتنا، وأصبحنا نعيش على المساعدات الإنسانية والإغاثة التي نتحصل عليها من المؤسسات والمنظمات الإغاثية، وبالكاد تكفي لسد جوعنا”.
ويضطر شعبان أحياناً لبيع بعض الطرود الغذائية التي يحصل عليها لتوفير احتياجات عائلته الأخرى من ملبس وعلاج وغير ذلك.
ويدعو الجهات الحكومية في غزة والضفة الغربية لصرف مساعدات مالية عاجلة لكافة العمال في ظل ظروف الحرب الصعبة لتعزيز صمودهم.
** إجازة قسرية
الخبير الاقتصادي محمد أبو جياب، يقول إن الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة ألقت بظلال قاتمة على العمال الفلسطينيين في شتى المجالات، لا سيما أن العمال والموظفين يعيشون منذ 7 أشهر تقريبا في “إجازة قسرية” بسبب الحرب وحالة القتل والدمار الذي أتى على كل منافذ العمل الخاص والحكومي في غزة.
ويوضح أبو جياب لمراسل الأناضول، أن يوم العمال يأتي في ظل ظروف “معقدة واستثنائية في قطاع غزة، فلا مكان للأعياد والاحتفالات ولا مكان للعمل أيضاً، حيث سجلت نسبة البطالة في غزة الآن أكثر من 90 بالمئة، بعدما كانت قبل الحرب تصل إلى 48 بالمئة”.
ويضيف أن العمال أصبحوا في تعداد البطالة الحقيقية بعد تدمير إسرائيل القطاعات الزراعية والصناعية والخدماتية وتكنولوجيا المعلومات والبرمجة وكل القطاعات الإنشائية وغيرها.
وبحسب الخبير الاقتصادي فإن العمال يعانون أشد معاناة ويفتقرون إلى مقومات الحياة الأساسية وفي مقدمتها المأوى، وهم مشغولون بحالة النزوح من مكان إلى آخر للحفاظ على حياتهم وعائلاتهم
ويختم حديثه بأن “يوم العمال هذا العام هو عيد دموي عيد للفقر والبؤس والنزوح والموت والخوف، أكثر منه عيد للعمال”.
** ضغوط اجتماعية
أما مدير شبكة المنظمات الأهلية والمختص الاجتماعي أمجد الشوا، فيؤكد أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العمال والموظفون بسبب فقدان أعمالهم، تخلق مشاكل اجتماعية وضغوط نفسية.
ويوضح الشوا لمراسل الأناضول، أن الأوضاع الصعبة التي يمر بها الفلسطينيون بسبب حالة الفقد سواء لأعمالهم أو عائلاتهم أو ممتلكاتهم، تجعلهم دائما عرضة للصدمات النفسية.
ويبين أن معظم سكان قطاع غزة فقدوا مصادر دخلهم وفي مقدمتهم العمال والموظفين وباتوا يعتمدون على المساعدات الإنسانية والإغاثة بشكل أساسي.
ويحل يوم العمال العالمي هذا العام في ظل ظروف إنسانية قاسية يعانيها الفلسطينيون وضمنهم العمال الذين فقدوا أعمالهم بشكل شبه كلي وباتوا لا يجدون أي مصدر دخل بسبب تداعيات الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ أكثر من نصف عام.
ووفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فإن عدد العمال يبلغ 983 ألفا حتى نهاية الربع الثالث من 2023، حيث بلغ العدد في الضفة الغربية 697 ألف عامل، مقابل 286 ألف عامل في قطاع غزة.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول تشن إسرائيل حربا مدمرة على غزة خلّفت عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، وفق بيانات فلسطينية وأممية.
وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار، ورغم مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جرائم “إبادة جماعية”.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات