إبراهيم الخازن/ الأناضول
كشفت وثائق مصرية سرية خاصة بحرب 6 أكتوبر/ تشرين الأول 1973 عن ارتكاب إسرائيل جرائم بحق مدنيين وأهداف غير عسكرية في مصر.
وفي 17 فبراير/ شباط الجاري، رفعت وزارة الدفاع المصرية السرية عن هذه الوثائق العسكرية بعد 50 عاما من هجوم مفاجئ شنته مصر وسوريا ضد إسرائيل؛ لاسترداد أراضٍ احتلتها في حرب 1967.
نشر الوثائق يأتي بينما تتصاعد منذ أسابيع توترات بين القاهرة وتل أبيب بشأن شبه جزيرة سيناء التي حررتها مصر خلال حرب 1973، وذلك على وقع حرب مدمرة تشنها إسرائيل على قطاع غزة المجاور منذ 7 أكتوبر الماضي.
ويتجاوز عدد الوثائق المصرية 200 وثيقة، وتتضمن مخاطبات عسكرية تكشف عن “جرائم” إسرائيلية، ومذكرات لقادة بخط اليد وتقارير وخرائط، وتفاصيل عن معركة “الثغرة” الشهيرة، وخطة الخداع الاستراتيجي في الحرب المعنونة باسم “الخطة سلامة”.
وترصد الأناضول ملابسات رفع السرية عن هذه الوثائق وأبرز ما تضمنته:
أولا: الحدث
في خطوة غير مسبوقة، رفعت وزارة الدفاع المصرية، عبر موقعها الإلكتروني، السرية عن وثائق عسكرية خاصة بحرب 1973، تحت عنوان “وثائق حرب أكتوبر 193.. أسرار الحرب”.
ثانيا: التوقيت
نشرت الوزارة الوثائق في 17 فبراير الجاري، ولم تفصح عن سبب النشر ولا ملابسات توقيته بعد أشهر من احتفالات مصر بالذكرى الـ50 لـ”انتصارات أكتوبر”.
واعتبر اللواء عادل العمدة، مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا (تتبع الجيش المصري)، لصحيفة “اليوم السابع” المحلية (خاصة)، أن نشر الوثائق “يحمل دلالة مهمة في التوقيت في ظل منطقة تموج بكثير من المتغيرات”.
وتابع أن هذه الوثائق “تجعلنا نتذكر ما حدث، و نذَّكر الآخرين بما حدث، لأننا نقول للعالم إنه رغم الظروف وقتها فقد حققنا المطلوب، وظروفنا اليوم أفضل ونستطيع فعل المطلوب في كل وقت وحين”.
وخلال الأيام القليلة الماضية، نقلت وسائل إعلام أمريكية عن مصادر مصرية لم تسمها إن القاهرة لا تستبعد احتمال أن تعلق العمل بمعاهدة السلام مع تل أبيب لعام 1979، في حال اجتاح الجيش الإسرائيلي مدينة رفح أقصى جنوبي غزة، ضمن حرب أسفرت حتى الثلاثاء عن مقتل أكثر من 29 ألف فلسطيني.
وقد يدفع اجتياح رفح، حيث تجمع أكثر من 1.3 مليون نازح هربا من القصف الإسرائيلي، مئات آلاف الفلسطينيين إلى سيناء المجاورة، في عملية “تهجير” تقول مصر إنها تهدد أمنها القومي وتنذر بـ”تصفية القضية الفلسطينية”.
ثالثا: أبرز الوثائق والوقائع
نشرت وزارة الدفاع المصرية الوثائق تحت 8 بنود هي: “حرب يونيه 1967″، و”التخطيط الاستراتيجي العسكري”، و”إدارة العملية/ الحرب بمراحلها حتى وقف إطلاق النيران”، و”التخطيط لتصفية الثغرة”.
وكذلك “فض الاشتباك وانسحاب القوات الإسرائيلية”، ودور “الإعلام العسكري في حرب 1973″، و”الهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية”، و”مذكرات القادة” بشأن الحرب.
وشملت هذه البنود، بحسب إطلاع الأناضول، مخاطبات وتقارير وخرائط عسكرية تكشف تفاصيل لأول مرة بشأن الحرب التي أسفرت عن استعادة مصر لسيناء.
اعتداءات إسرائيلية
تحت بند “فض الاشتباك وانسحاب القوات الإسرائيلية”، قالت الوزارة إنه “بعد اليوم السادس عشر من بدء حرب أكتوبر 1973، صدر قرار مجلس الأمن رقم 338، والذى يقضى بوقف بجميع الأعمال العسكرية بدءا من 22 أكتوبر 1973، والذى قبلته مصر ونفذته، ولكن خرقته كعادتها إسرائيل؛ مما أدى إلى صدور قرار آخر في 24 أكتوبر التزمت به إسرائيل اعتبارا من 28 أكتوبر”.
وأضافت: “اضطرت بعدها إسرائيل للدخول في مباحثات عسكرية للفصل بين القوات في أكتوبر ونوفمبر 1973، وهي مباحثات الكيلو 101 التي تم فيها الاتفاق على وقف إطلاق النار وتولي قوات الطوارئ الدولية المراقبة، ثم بدأ تبادل الأسرى والجرحى”.
ضمن البند نفسه، وتحت عنوان “تقارير هامة”، أظهرت وثيقة بندا حمل رقم 538/ 20051 بتاريخ 1 ديسمبر/ كانون الأول 1973 يشير إلى تقرير بخصوص اعتداءات إسرائيلية على المدنيين والأهداف غير العسكرية.
وتحت عنوان “سري”، نشرت الوزارة 13 وثيقة، إحداهما بعنوان “بيان بالاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين والأهداف غير العسكرية التي تمثل خرقا لنصوص الاتفاق الدولي”.
ورصد البيان الاعتداءات التي قام بها “العدو” على مختلف محافظات مصر بين 6 أكتوبر و6 نوفمبر/تشرين الثاني 1973، وتشمل غارات وإطلاق صواريخ ونيران وهدم منازل في محافظات بينها الدقهلية والبحيرة وكفر الشيخ ودمياط والقليوبية (شمال) والإسماعيلية والسويس وبورسعيد (شرق).
وهذه الاعتداءات أسفرت، وفق الوثائق، عن استشهاد وإصابة أعداد كبيرة من المواطنين وتدمير عشرات المنازل وتلف طرق عام وتضرر في شبكة الاتصالات واشتعال حرائق.
الخطة سلامة
“الخطة سلامة”.. كانت عنوان خطة الخداع الاستراتيجي والتعبوي للهجوم المصري المفاجئ، وبدأت قبل حرب 6 أكتوبر، وهدفت بحسب الوثائق إلى “التمهيد لقيام القوات المسلحة بعمليات هجومية قريبة، مع التركيز على تضليل العدو”.
الخطة شامل
“الخطة شامل” هو عنوان التخطيط العسكري لتصفية “ثغرة الدفرسوار”، وهو مصطلح يشير إلى منطقة في محافظة الإسماعيلية مطلة على قناة السويس، تمكن “العدو” من اختراقها ليلة 16 أكتوبر 1973، قبل أن تعمل تلك الخطة على القضاء عليها.
كما تتضمن الوثائق عشرات الخرائط والتقارير العسكرية بشأن تحركات “العدو” ومخاطبات عبر الهاتف اللاسلكي بشأن عبور وتحطيم الساتر الترابي الشهير المعروف باسم “خط بارليف” (ِشرق قناة السويس)، ومحادثات بين قادة.
تقرير الجمسي
ومن بين الوثائق تقرير رئيس هيئة العمليات في الجيش المصري آنذاك اللواء محمد عبد الغني الجمسي، الذي ألقى ملخصه أمام لجنة الأمن القومي في مصر خلال جلسة سرية
وقال الجمسي، في التقرير المؤلف من 24 ورقة، إن مصر بدأت حرب استنزاف ضد اسرائيل في 28 سبتمبر/ أيلول 1968 وتوقفت في 7 أغسطس/ آب 1970، وهدفت إلى “إنزال أكبر قدر من الخسائر في صفوف العدو”، بموازاة الإعداد للحرب.
الجمسي اختتم تقريره بأن “الدور الرئيسي في حسم هذه المعركة وتحقيق النصر هو المقاتل المصري الذي يتمتع بإيمان راسخ وروح معنوية قتالية عالية والمؤمن بالهدف الذي يحارب من أجله، وكانت أكبر مفاجأة في هذه الحرب هي كفاءة الجندي المصري واستعداده للتضحية”.
وإلى جانب التقرير، شملت الوثائق العسكرية المصرية الجزء الأول من مذكرات الجمسي بخط يده، ويستعرض فيهم أوضاع ما قبل حرب 1973.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات