مقديشو / أحمد حلنى / الأناضول
– تتمسك الصومال بانسحاب أتميس منها بحلول 2025 ضمن خطة انتقالية وضعتها بالتعاون مع شركائها
– تخشي دول مجاورة للصومال من مخاطر انسحاب “أتميس” على استقرارها
– أحمد علي وهلية: جهود الحكومة الرامية لاحتواء مشروع أتميس خطوة مهمة
– محمد حسن: الحكومة ستبذل ما في وسعها لتولي مسؤوليات الأمن عبر الجيش الوطني، مستعينة بدول صديقة بينها تركيا
– عبد الوهاب عبد الصمد حذر من مخاطر الانسحاب ما لم تكن القضية مدروسة جيدا من كافة الأطراف السياسية
– عبدي حرسي حذر من أن الانسحاب الكامل لقوات أتميس “قد يؤدي إلى انهيار سريع للمؤسسات الحكومية”
– أنور محمد برى حذر من إمكانية بروز عناصر مسلحة أخرى، بينها “داعش” و”عودة نفوذ المليشيات القبلية”
– سلطان عبد الله أكد أن نجاح استراتيجية الانسحاب من الصومال مرتبط بإيجاد حل رسمي للفراغ الأمني المحتمل
تتواصل عملية انسحاب بعثة الاتحاد الإفريقي لحفظ السلام في الصومال “أتميس” من البلد العربي، وسط مخاوف متصاعدة من حدوث فراغ أمني قد يستغله مسلحو “حركة الشباب” لإعادة سيطرتها على بعض المناطق، وفق ما أفاد به محللون صوماليون للأناضول.
وبينما تخشى دول مجاورة للصومال أيضًا من أن تنعكس مخاطر تلك الخطوة على استقراره، ربط المحللون نجاح حكومة مقديشو في إتمامها دون مخاطر، بتجهيز القوات المحلية ودعم قدراتها، لتكون قادرة على الاضطلاع بالمهام الأمنية فور انسحاب “أتميس”.
وأعرب بعضهم عن ثقتهم من أن الحكومة ستبذل كل ما في وسعها لتولي المسؤوليات الأمنية في البلاد، مستعينة بخبرات ومساعدة دول صديقة لها مثل تركيا، ودول أخرى مهتمة بإحلال السلام في الصومال.
من أميصوم إلى أتميس
بعد سيطرة “اتحاد المحاكم الإسلامية” وجناحها العسكري “حركة الشباب” على العاصمة مقديشو عام 2006، سارع الاتحاد الإفريقي بتفويض من مجلس الأمن إلى إنشاء قوات “أميصوم” AMISOM عام 2007؛ بغرض مساعدة حكومة الصومال في استعادة السيطرة على كافة أراضي البلاد والقضاء على “حركة الشباب”.
وفي أبريل/نيسان 2022 تسلمت بعثة انتقالية جديدة للاتحاد الإفريقي باسم “أتميس” ATMIS المسؤولية من نظيرتها “أميصوم”.
ضمت “أتميس” حوالي 20 ألف جندي من دول إفريقية عدة أبرزها، أوغندا وبوروندي وكينيا وجيبوتي وإثيوبيا، وشملت مهامها الأساسية إعداد قوات الأمن الصومالية لتولي المسؤوليات الأمنية.
وتحدثت تقارير صحفية آنذاك عن أن إنشاء “أتميس” جاء تحت إلحاح الحكومة الصومالية ورغبتها في نقل المسؤوليات الأمنية تدريجيا إلى القوات المحلية.
إذ تتمسك مقديشو بانسحاب قوات “أتميس” من البلاد بحلول عام 2025، في إطار خطة انتقالية وضعتها بالتعاون مع شركائها لنقل المسؤوليات الأمنية إلى الجيش الوطني تباعًا.
فالحكومة الصومالية، وفق مراقبين، تسعى إلى بسط سيطرتها الكاملة على أراضيها، كما تتشكك في توجهات سياسية ضارة ببلادها من قبل بعض الدول المشاركة بقوات “أتميس”.
مراحل الانسحاب
وفي يونيو/حزيران 2023 أتمت “أتميس” بالفعل المرحلة الأولى من انسحابها، التي شملت مغادرة 2000 جندي، وفي فبراير/شباط 2024 أتمت المرحلة الثانية من الانسحاب، التي شملت 3000 جندي.
ومن المخطط أن تستكمل “أتميس” المرحلة الثالثة من الانسحاب في يونيو/ حزيران المقبل، بمغادرة 4000 جندي.
والأسبوع الماضي، أعلن المستشار الأمني للرئيس الصومالي، حسين معلم محمود، انطلاق هذه المرحلة من الانسحاب بالفعل.
وقال محمود، في تصريحات للصحفيين، إن القوات الإثيوبية ستكون أول الوحدات التي يتم إجلاؤها من المناطق المنتشرة بها حاليا، لا سيما في ولايتي غرب الصومال وجوبالاند.
وأكد أن الجيش الصومالي “سيصبح المسؤول الوحيد عن فرض الأمن والاستقرار” في البلاد بحلول نهاية العام الجاري.
وبعد استكمال المرحلة الثالثة، سيتبقى من قوات “أتميس” في الصومال 10 آلاف و600 جندي، سيتم سحبهم تدريجيًا حتى نهاية 2024، بموجب جدول زمني للأمم المتحدة.
تأييد سحب “أتميس”
محللون صوماليون أعربوا في أحاديث لهم مع الأناضول، عن دعمهم لخطوة انسحاب قوات “أتميس” من البلاد.
في هذا الصدد، وصف أستاذ العلوم السياسية بجامعة مودرن، أحمد علي وهلية، جهود الحكومة الرامية لاحتواء مشروع “أتميس” بأنها “خطوة مهمة”.
وأبدى وهلية تأييده لانسحاب “أتميس”، خصوصا القوات الإثيوبية والكينيية منها، التي قال إنها “فشلت في تحرير المناطق الجنوبية، التي تعمل فيها، من مسلحي حركة الشباب”، التي تتبع فكريا لتنظيم “القاعدة”.
كما رأى وهلية أن وجود قوات هذين البلدين في هذه المناطق غير مجدٍ، متهمًا إياهما بـ”عدم الرغبة” في عودة الصومال إلى حالة الاستقرار؛ بسبب النزاع التاريخي معه حول مناطق حدودية؛ فـ”الصومال مع استقراره قد يجدد مطالبه باستعادة هذه المناطق”.
ويطالب الصومال إثيوبيا بإعادة منطقة “أوغادين”، بينما يطالب كينيا بإعادة منطقة “إنفدي”.
على النحو ذاته، أبدى أستاذ القانون بجامعة بنادر محمد حسن تأييده لخطوة انسحاب قوات “أتميس”.
وأكد حسن على ثقته بأن الحكومة “ستبذل بكل ما في وسعها لتحرير البلاد عن سيطرة حركة الشباب، ولتولي مسؤوليات الأمن عبر الجيش الوطني، مستعينة بدول صديقة لها، بينها دولة تركيا الشقيقة، ودول معنية بإحلال السلام في الصومال”.
مخاوف على استقرار الصومال
لكن محللين سياسيين آخرين أعربوا عن مخاوفهم من خطورة هذه الخطوة – إن لم تكن مدروسة – على استقرار الصومال.
في هذا الصدد، أكد أستاذ العلوم السياسية والخبير في شؤون منطقة شرق إفريقيا عبد الوهاب عبد الصمد على “ضرورة ايجاد قوات صومالية جاهزة فور خروج أتميس، بحيث تكون قادرة على الاضطلاع بشكل انفرادي بالمهام الأمنية في البلاد”.
وحذر عبد الصمد من “مخاطر خطوة انسحاب أتميس ما لم تكن القضية مدروسة بشكل جيد من قبل كافة الأطراف السياسية بالبلاد، بمن فيهم زعماء الولايات والسياسيون المعارضون، والأعيان؛ للحيلولة دون الانزلاق نحو العنف”.
أيضًا، حذر المحلل السياسي عبدي حرسي من أن الانسحاب الكامل لقوات “أتميس” نهاية عام 2024 قد يؤدي إلى انهيار سريع للمؤسسات الحكومية.
وأضاف حرسي أن الصومال “يحتاج إلى تشكيل قوات أمنية مجهزة بفنون الأسلحة المتنوعة والمدرعات والطائرات، ويتمتع بخبرة عسكرية عالٍية، مع ضمان حصول هذه القوات على الدعم المالي الكافي الذي يجعلها قادرة على تعويض غياب قوات أتميس”.
وأشار إلى أنه “لا يوجد حتى الآن مؤشرات توحي بأن الصومال قادر حاليا على تشكيل هذه القوات، وضمان توافر التمويل اللازم لها”.
ومتفقا مع سابقه، أكد الأكاديمي والباحث السياسي سلطان عبد الله على أن “نجاح استراتيجية الانسحاب من الصومال، مرتبط بإيجاد حل رسمي للفراغ الأمني المتحمل، حتى لا يدخل الوطن مرحلة من الفوضى والحروب الأهلية والطائفية من جديد”.
كذلك، لخص الأكاديمي والكاتب الصحفي أنور محمد بري التداعيات المحتملة على الصومال لانسحاب “أتميس” في 3 بنود، أولها خطورة حدوث فراغ أمني، تستغله حركة الشباب، التي تشير التقديرات، بأن عدد مقاتليها المنضوين تحت لوائها، قد يصل إلى 12 ألف مسلح.
وحذر برى من “إمكانية بروز عناصر مسلحة أخرى بينها داعش، التي توجد بالفعل في شكل فلول صغيرة منقرضة، ويمكن أن تنشط وتقوى من جديد”.
وأبدى خشيته من “عودة نفوذ المليشيات القبلية للبلاد، والتي تنخرط حاليا بصورة شبه رسمية في صفوف الجيش، وهم مدججون بمختلف أنواع الأسلحة”.
مخاوف إقليمية
كذلك، تخشي دول مجاورة للصومال من مخاطر انسحاب “أتميس” على استقرارها.
إذ ترجع هذه الدول استمرار تواجد قواتها في “أتميس” إلى مبررات عدة، أهمها منع عودة نفوذ الشباب في المناطق المحررة منها، وهو ما قد يؤثر على استقرارها كذلك.
هذا الموقف أعرب عنه الرئيس الكيني وليم روتو خلال لقائه نظيره الأمريكي جو بايدن في البيت الأبيض، في مايو/ أيار الماضي.
إذ أبدى روتو قلقه الشديد من خطوة انسحاب “أتميس” من الصومال، والتي تضم قوات من بلاده.
وشدد على خطورة الأمر بالنسبة للأمن القومي الكيني؛ مخافة انتشار حركة الشباب والجماعات التابعة لها في عمق بلاده، عبر عبور الحدود بين البلدين.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات