إسطنبول/ محمد شيخ يوسف/ الأناضول
الطفل الفلسطيني شهاب الدين أبو معمر (12 عاما) للأناضول:
– “فجأة كنا جالسين طبيعيين مثل كل مرة، وإذ فجأة تحول المكان المضيء إلى مكان مظلم، رائحة بارود، ركام ينزل لم أعرف ماذا أعمل”.
– “جلست بالمستشفى يوما واحدا، وتلقيت خبر استشهاد أبي وأختي، فالحمد لله على كل حال”.
– “أمي لشدة إصابتها لم يستطيعوا التعرف على جثتها، رقدت أسبوعا بالعناية استيقظت ذهبت لها حكت معي عرفتني وبعد 9 أيام استشهدت متأثرة بإصابتها”.
فقد أسرته جميعًا، والديه وأخته، في قصف إسرائيلي استهدف منزلهم في منطقة الفخاري بين خان يونس ورفح بقطاع غزة أواخر 2023، ليخرج الطفل الفلسطيني شهاب الدين أبو معمر (12 عامًا) وحيدا، حاملا معاناته ليشارك العالم جزءًا من أهوال العدوان الذي عاشه.
وصل إلى تركيا واستقر بها، وبدأ فيها رحلة دراسية ونشاط إنساني ليكون صوتا لأطفال غزة المكلومين.
روى شهاب للأناضول قصته بعد استقراره في إسطنبول، وما عايشه من قصف والمراحل التالية في حياته، وصولا لاستكمال حياته وتعليمه في تركيا، كاشفا عن رغبته بأن يكون مهندسا يعيد بناء غزة.
تفاصيل الفاجعة
يستعيد شهاب ذكريات تلك اللحظة المفجعة قائلا: “في يوم 20 ديسمبر (كانون الأول) 2023، كنا نجلس كعادتنا، وفجأة تحول المكان من مضيء إلى مظلم، مع انتشار رائحة البارود والركام. كان كل شيء متغيرًا. لم أكن أدري ما العمل. سمعت أصوات الإسعاف وأدركت أن منزلنا قد قصف”.
فقد شهاب والده وأخته الصغيرة على الفور في القصف، فيما احتضن أمه المصابة التي تعرفت عليه بعد أن استفاقت من غيبوبتها لمدة أسبوع. لكنه فقدها لاحقًا متأثرة بجراحها نتيجة إصابات بليغة في الرئة والكلى.
“أخبروني باستشهاد والدي وأختي. أما والدتي، فقد فارقت الحياة بعد 9 أيام من الحادثة نتيجة إصابتها الخطيرة. كانت أختي الصغيرة معي في الطابق الثاني، ولكنها نزلت إلى الطابق السفلي قبل دقائق من القصف لتكون مع والدي واستشهدت معه”، يضيف شهاب.
وعمّا عايشه لحظة القصف، قال: “وقفت بعد أن كنت جالسًا، والركام يغطي الأرض من حولي. كنت أمشي بين الحجارة والزجاج المتناثر في كل مكان. نظرت حولي، ولم أجد الجدار الذي كنت أعلم أنه كان موجودًا. بدأت ألاحظ أضواء خافتة، كانت في الواقع أضواء جوالات تقترب وتقف عند منزلنا، ثم سمعت صوت سيارات الإسعاف وهي تصل”.
وأضاف: “في تلك اللحظة، أدركت تمامًا أن بيتنا قد قُصف. نزل عمي من الطابق الثالث، بينما كنت أنا في الطابق الثاني. كان ينادي ويبحث عن أي ناجين، فأجبته. أخذني ونزلنا معًا إلى الأسفل، ثم سلمني لأحد الجيران. تم نقلي إلى المستشفى بواسطة سيارة عادية. كنا خمسة أشخاص تقريبًا في السيارة التي أقلتنا إلى المستشفى”.
فاجعة فقدان الأهل
واصل شهاب أبو معمر سرد تفاصيل ما حدث بعد القصف، قائلا: “في أماكن القصف، تتوقف أي سيارة تمر على الطريق بشكل طبيعي لتحمل المصابين وتنقلهم إلى المستشفى. وهذا ما حدث معنا؛ نقلونا بسيارة عادية إلى المستشفى”.
وأضاف: “عند وصولنا، كان الشهداء والجثث ممددين عند باب الطوارئ على الأرض، بينما كان المصابون على فراش بسيط على الأرض. مكثت في المستشفى يومًا واحدًا، وهناك تلقيت خبر استشهاد أبي وأختي. الحمد لله على كل حال”.
وتابع قائلا: “منزلنا كان يقع في منطقة الفخاري بين خان يونس ورفح. قوات الاحتلال كانت تتصل عشوائيًا على السكان وتطالبهم بالاتجاه إلى منطقة الفخاري، مدعية أنها آمنة، لكنها قصفتها لاحقًا”.
وأردف: “أما أمي، فلشدة إصابتها لم يتمكنوا من التعرف على جثتها في البداية. مكثت في العناية المركزة لمدة أسبوع كامل بعد الحادثة. عندما استيقظت، ذهبت إليها، وتحدثت معي وعرفتني. لكن في 29 ديسمبر، بعد 9 أيام من قصف منزلنا، استشهدت أمي في الساعة الثالثة عصرًا متأثرة بإصابتها”.
وأوضح شهاب قائلا: “تعطلت وظائف الرئة والكلى عند أمي، مما جعلها غير قادرة على التنفس. استشهدت متأثرة بجراحها. أما أختي الصغيرة، التي كانت تبلغ من العمر خمس سنوات، فقد استشهدت في اللحظة ذاتها التي قُصف فيها المنزل. كانت معي في الطابق الثاني، لكنها نزلت إلى الطابق الأرضي عند والدي قبل القصف بخمس دقائق فقط، واستشهدت معه”.
الخروج من غزة إلى تركيا
بعد فقدان أسرته، عاش شهاب في غزة لفترة قصيرة، ثم غادر إلى مصر حيث أمضى ستة أشهر حاول خلالها الحصول على تأشيرة للقدوم إلى تركيا. أخيرًا، تمكن من الوصول واستقر في إسطنبول حيث يدرس الآن في مدارس القدس التي تتبع المنهج الفلسطيني.
يقول: “الحمد لله بعد محاولات كثيرة أتيت إلى تركيا وحصلت على إقامة، وهذا أول نشاط لي لأكون صوت أطفال غزة الأيتام وأكون صوت المظلومين”.
وتابع “أدرس الآن في مدارس القدس، مدارس تدرس بالمنهج الفلسطيني وأريد أن أكمل تعليمي وأكون صوت أطفال غزة اليتامى وأكون صوت المظلومين في غزة وهذا هو أول نشاط لي”.
وشدد “رسالتي لأطفال العالم أنهم هم في نعمة مقابل ما يعيشه أطفال غزة. هناك أطفال في غزة يعيشون أوقاتا صعبة ويتحملون مسؤولية لم يتحملها رجال”.
وتعهد الطفل في ختام حديثه بالعودة لغزة مستقبلا وإعادة بنائها بالقول “إذا أعلن وقف إطلاق النار غزة سترجع كما كانت بشبابها ورجالها إن شاء الله، وأنا سوف أرجع إلى غزة إن شاء الله، أحب أنا أصير بالمستقبل مهندسا، وأعيد بناء غزة”.
رسالة ابن عمه مالك أبو معمر
مالك علاء أبو معمر، ابن عم شهاب، كان شاهدًا على المأساة. فقد والده في القصف ذاته، وقال:
“كنت في منزل مع ابن عمي نلعب معا عندما قصفت الدار. بقيت غير واعٍ لمدة أسبوعين بعد الحادثة. عندما أفقت، أخبرتني والدتي باستشهاد والدي. تحليت بالصبر ودعوت له بالرحمة، وظللت صابرا أعد نفسي لأكون مجاهدا أحرر الأقصى وآخذ بثأره وثأر كل الشهداء”.
وختم متحدثا عن وضعه بتركيا قائلا “أذهب إلى المدرسة وأدرس وصحتي جيدة، أشعر بالأمان في تركيا نجلس مع ابن عمي بنفس الغرفة وندرس سوية، أوجه رسالة للجميع كي نحرر الأقصى”.
وترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية في غزة، بدعم أمريكي، خلفت أكثر من 149 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات