القدس/ عبد الرؤوف أرناؤوط/ الأناضول
– المحتجون من اليمين واليسار والمتدينين والعلمانيين ومن كل الأعمار رجال ونساء وتجمعهم الرغبة بالعيش في دولة ديمقراطية
– حكومة نتنياهو تحاول إحكام سيطرتها على المحاكم وأن تكون فوق القانون.. يريدون تحويل إسرائيل إلى دولة سلطوية
– أي حل وسط سيكون على حساب الديمقراطية.. الطرف الآخر يمارس العنف ضد المحتجين، والوضع سيتصاعد بحال عدم التوصل لاتفاق
تواظب المحامية الإسرائيلية نافا روزوليو، على المشاركة في جميع الاحتجاجات المناهضة لخطة الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو، لـ”الإصلاح القضائي” المثيرة للجدل، وتحذر من أن إسرائيل قد تجد نفسها في أزمة دستورية هي الأولى في تاريخها.
ومؤخرا استعانت الحكومة اليمينية بأغلبيتها البرلمانية (64 من مقاعد الكنيست 120) للدفع باتجاه تشريعات تقول المعارضة إن من شأنها الحد من سلطة القضاء، وخاصة المحكمة العليا (أعلى هيئة قضائية) وجعلها أداة طيعة بيد الحكومة، معتبرةً ما تقوم به الحكومة “انقلاب قانوني”.
لكن نتنياهو الذي يواجه اتهامات بالرشوة والاحتيال وإساءة الأمانة، يعتبر أن تلك التشريعات “ضرورية لإعادة توازن مفقود منذ سنوات بين أذرع النظام الإسرائيلي: السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية”.
وعلى مدى 23 أسبوعا، شارك مئات آلاف الإسرائيليين في احتجاجات ضخمة غير مسبوقة ضد التعديلات القضائية، وتشارك روزوليو (37 عاما) في احتجاجات تل أبيب وهي الأكبر من بين 150 موقعا تقول المعارضة إنها تشهد احتجاجات مساء كل سبت.
روزوليو تقول في حديثها للأناضول: “الحكومة ومؤيدوها يحاولون القول إن المشاركين في الاحتجاجات هم من اليسار وجماعات يسارية متطرفة، ولكن كما ترى هناك تنوع واسع من الناس”.
وتوضح أنه يشارك في الاحتجاجات “أناس من اليمين واليسار والمتدينين والعلمانيين ومن كل الأعمار ورجال ونساء، إنه تنوع كبير، والأمر الوحيد المشترك بينهم هو الرغبة بالعيش في دولة ديمقراطية وأن يكون لهم مستقبل أفضل.. يريدون أن يروا بقاء وازدهار إسرائيل”.
وإثر تصاعد الاحتجاجات المحلية والانتقادات الدولية، وخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية، اضطر نتنياهو نهاية مارس/ آذار إلى تأجيل إقرار الكنيست لمشاريع القوانين إلى الصيف.
وأفسح نتنياهو المجال أمام حوار يقوده الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتصوغ بين الحكومة والمعارضة في محاولة للتوصل إلى تسوية يقبلها الطرفان بشأن “الإصلاح القضائي”، لكن لم ترشح عن اللقاءات المتواصلة أي اتفاقات.
ميزانية “فاسدة”
لكن المعارضة تخشى أن يكون إقرار الكنيست في مايو/أيار الماضي لميزانية الدولة لعامي 2023 و2024، الخطوة الأولى للدفع باتجاه إقراره لمشاريع قوانين التعديلات القضائية.
وتقول روزوليو: “كانت ميزانية فاسدة للغاية لكنها ليست القصة الأخيرة، فما زال أمامنا الكثير من الأمور التي ينبغي القلق بشأنها أكثر من الميزانية، وأولها محاولة الحكومة السيطرة على المحاكم”.
“تحاول حكومة نتنياهو إحكام سيطرتها على المحاكم وأن تكون فوق القانون، يريدون أن يعينوا قضاتهم ويتحكموا في المجالس القضائية، وبشكل أساسي تحويل إسرائيل إلى دولة سلطوية”، بحسب روزوليو.
وتتابع المحامية: “ولذا فإن الميزانية كانت فاسدة وطائفية للغاية، لكنها ليست سوى قطعة واحدة من التغيير الشامل الذي يحاولون فرضه على مواطني إسرائيل”.
حل وسط
وفي مقابلة مع شبكة “سكاي نيوز” البريطانية الجمعة، شكك نتنياهو في احتمال التوصل إلى حل مع المعارضة بقوله: “لست متأكدا من أننا سنتوصل إلى اتفاق، علينا أن نصل إلى حل وسط سعيد، سيكون الأمر صعبا للغاية لأنه مسيّس للغاية وغالبا ما يتم تقديمه بشكل خاطئ”.
لكن روزوليو تخشى من أن الحل الوسط الذي قد يتم التوصل إليه “سيكون على حساب الديمقراطية”، قائلة: “أعتقد رأيي يمثل جميع المشاركين في الاحتجاجات، نأمل أن لا يحدث اتفاق”.
وأضافت: “لا نريد أن تتفق المعارضة مع الحكومة على حل وسط بشأن ديمقراطيتنا، بشأن تعيين قضاة من جانب الحكومة لإضعاف المحكمة العليا وإضعاف النظام القضائي، فليس من شأن مثل هذا الاتفاق تقوية الديمقراطية، وإنما فقط إضعافها”.
أزمة دستورية
لكن المفاوضات بين الحكومة والمعارضة متواصلة وكذلك الاحتجاجات، وتسود تقديرات بأنه في حال فشلت المفاوضات وأقر الكنيست التشريعات فإن إسرائيل قد تجد نفسها في أزمة دستورية هي الأولى في تاريخها.
ولا توجد محكمة دستورية في إسرائيل، ولذا يلجأ الإسرائيليون عادة إلى المحكمة العليا لحل أي خلافات بعد إقرار الكنيست لقوانين، وتمتلك المحكمة العليا صلاحية اعتبار قوانين يقرها الكنيست غير دستورية، لكن مشاريع القوانين المطروحة تحرمها من تلك الصلاحية.
ويقول مراقبون إسرائيليون إن الأزمة الدستورية ستندلع حتما إذا أقر الكنيست مشاريع قوانين “الإصلاح القضائي” ثم اعتبرتها المحكمة العليا غير دستورية، حيث ستعتبر الحكومة، مستعينةً بالقوانين الجديدة، قرار المحكمة غير ذي صلة.
وتعرب روزوليو عن اعتقادها بأنه “ستحدث أزمة دستورية، وحينها على بعض القضاة والضباط تحديد موقفهم إذا ما كانوا سينصاعون إلى المحكمة العليا أم يطيعون حكومة نتنياهو، لكن أعتقد أن مثل هذه الأزمة الدستورية ستمثل نقطة تحول إلى أمر أفضل”.
“لذا أعتقد أنه إذا لم يحدث اتفاق، وآمل أن لا يحدث، فإنه سيكون على النظام بأكمله أن يختار طرفه، وربما سيمثل ذلك نقطة تحول نحو تقوية ديمقراطيتنا”، وفقا لروزوليو.
حرب أهلية
وتتبادل الحكومة والمعارضة اتهامات بشأن تأثير الخلاف على أمن إسرائيل، وقال نتنياهو في كلمة الخميس إن “الجدل الداخلي حول الإصلاح القضائي أدى بعناصر متطرفة معينة إلى التهديد بإسقاط الدولة بحالة من الفوضى”.
وتابع: “ليكن واضحا: يجوز التظاهر في إسرائيل يجوز الاحتجاج، يعبر معظم المتظاهرين عن مواقفهم بطرق مقبولة في الديمقراطيات، لكن في حالات أخرى تم اجتياز الخطوط الحمراء بوقاحة عبر انتهاكات للقانون واضطرابات ومهاجمة موظفين عموميين وتهديد أفراد عائلاتهم”.
غير أن روزوليو قالت إنه “بينما ينشغل أعضاء الحكومة بتشريع قوانين ستجعلهم أقوى وفوق القانون ويتحكمون في القضاة والميزانية وكل شيء، فإنهم يهددون أمن إسرائيل والجيش والأمن الشخصي، فإسرائيل دولة مركزية بالشرق الأوسط وهذا الوضع محفوف بالمخاطر ليس فقط لمواطنيها وإنما للمنطقة بأكملها”.
وغالبا ما يتم التحذير من التحول إلى فوضى أو حرب أهلية، وفي كلمته الخميس قال نتنياهو: “بدون التنازل عن المواقف العادلة، فأنا مستعد للحوار من أجل استنفاد فرص التوصل إلى اتفاقات، لكن لا يمكن أن تكون هناك حرب أهلية، أضيف رسالة أخرى موجهة لمَن هم في المنطقة: لا تعتمدوا على حرب أهلية”.
لكن روزوليو حذرت من أن العنف الممارس ضد المحتجين قد يزداد في حال إقرار مشاريع القوانين بقولها: “المحتجون من أجل الديمقراطية يواجهون العنف بالفعل، فالطرف الآخر يعاني من غسيل دماغ”.
وختمت قائلة: “في كل أسبوع نواجه عنفا، لذا فإننا نأمل في حل قريب للوضع بأكمله من أجل الديمقراطية وتعزيزها، وإلا فإن الوضع سيتصاعد والعنف سيزداد أسبوعا بعد آخر”.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات