شمال غزة/ محمد أبو دون/ الأناضول
– الفلسطيني محمود العر: أول ما فكرت به وقت إعلان وقف إطلاق النار هو شكل الرجوع إلى شمال غزة
– الشاب عبد الله مراد: رغم كل الألم سنفرح بهذا الإعلان وبهذه النجاة بعد الحرب الطاحنة التي أكلت الأخضر واليابس
– الشابة مريم المصري: رغم كل تلك الآلام هناك متسع للفرح في إعلان وقف إطلاق النار، لسبب واحد فقط وهو أن شلال الدم سيتوقف
ينتظر الفلسطينيون في غزة بفارغ الصبر بدء سريان وقف إطلاق النار حتى تتسنى لهم العودة إلى مناطقهم ومنازلهم في شمال غزة حتى ولو كانت دمرت وصارت ركاما بسبب القصف الإسرائيلي.
ويستعدون للملمة جراحهم بعد الآلام والمعاناة التي عاشوها طوال فترة حرب الإبادة التي شهدها القطاع منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
لم يتمالك الفلسطيني محمود العر نفسه فور سماع نبأ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي يدخل حيز التنفيذ يوم الأحد القادم، فسجد “سجدة شكر لله”.
وأخذ العر يحتضن أفراد عائلته باكياً، وهو يستذكر شقيقه وعائلته الذين قتلوا إثر قصف إسرائيلي قبل 6 أشهر، ومنزله الذي تم تدميره بشكل كامل في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة.
العر الذي نزح هو وعائلته إلى جنوبي قطاع غزة قبل نحو 13 شهراً، تنفس الصعداء أخيراً، رغم ما حلّ به من مصائب خلال هذه الحرب.
وقال للأناضول: “رغم أن الاتفاق هو بالنسبة لنا بمثابة إعلان حياة جديدة، فإنه يفتح جروحاً كبيرة لدى كل أهالي قطاع غزة، الذين فقدوا منازلهم وعوائلهم وأحبابهم في هذه الحرب المجنونة”.
وأضاف: “أول ما فكرت به وقت إعلان وقف إطلاق النار هو شكل الرجوع إلى شمال غزة والعودة بعد كل هذا الغياب حتى لو أننا سنعود لنجد الركام والحطام، المهم أن نكون في المكان الذي ولدنا وتربينا وعشنا كل تفاصيل حياتنا به”.
ومساء الأربعاء، أعلن رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في مؤتمر صحفي، نجاح الوسطاء مصر وقطر والولايات المتحدة في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، لافتا إلى أنه سيبدأ تنفيذه الأحد المقبل.
وجاء الإعلان في اليوم 467 من حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع، التي خلفت بدعم أمريكي نحو 157 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
إصرار على الحياة
وأكد العر أنه سيزور في أول أيام وقف إطلاق النار كل أصدقائه الذين فقدوا أحباءهم خلال حرب الإبادة على القطاع لتعزيتهم ومواساتهم.
وتابع: “فور السماح بعودة النازحين سأعود على قدميي من الجنوب إلى الشمال وهناك سأحتضن ركام منزلي الذي بنيته بكد وعرق السنين وسأجلس فوقه وسأنصب خيمتي بجانبه وسأسكنها أنا وعائلتي المكونة من 9 أفراد”.
وأشار إلى أن إصراره وكل أهالي قطاع غزة على العودة فور السماح لهم بعد بدء سريان وقف إطلاق النار “يعكس مدى تعلقهم بالأرض وحبهم لها وتمسكهم بها”.
المشاعر نفسها عاشها الشاب عبد الله مراد من بلدة بيت لاهيا النازح حاليا في مدينة غزة.
وقال مراد لمراسل الأناضول: “رغم كل الألم سنفرح بهذا الإعلان وبهذه النجاة بعد الحرب الطاحنة التي أكلت الأخضر واليابس”.
وأضاف: “صحيح أنه تم تدمير كل شيء لكن أنا على ثقة ويقين أننا سنعيد تعمير وبناء كل شيء وسنعود لنزرع أراضينا في بلدة بيت لاهيا وسنبني بيوتنا من فوق الركام”.
ورغم ما حلّ به وعائلته من مآسي في حرب الإبادة، أكد الشاب الفلسطيني أن “أهل غزة يحبون الحياة ويقبلون عليها رغم كل الخسارات وهم على ثقة ويقين أن الله سوف يعوضهم جزاء صبرهم”.
وفقد مراد في هذه الحرب ثلاثة من أخوته الذكور واثنتين من أخواته البنات برفقة أزواجهم وأولادهم، كما تم تجريف أرض لعائلته مساحتها 5 دونمات (الدونم ألف متر مربع) كانت مزروعة بأشجار الزيتون والحمضيات وتم تدميره منزلين لهم.
متسع للفرح رغم الألم
الشابة مريم المصري، تستعد للركض فور بدء سريان وقف إطلاق النار، نحو بلدة بيت حانون مسقط رأسها في شمال قطاع غزة، للمشاركة في البحث عن جثمان والدها وشقيقها اللذين قتلا إثر العملية الإسرائيلية بالمنطقة قبل شهرين.
وقالت مريم للأناضول: “الألم كبير والجرح غائر ولا يمكن لأي شيء أن يعوض ما فقدناه. فنحن بهذه الحرب خسرنا كل شيء وفقدنا الأحباب والمأوى”.
وأضافت: “الحياة ستكون صعبة للغاية ومصاب الناس كبير جدا وجلل وليس سهلاً علينا التأقلم مع واقعنا الجديد الذي سيكون مليئا بالمعاناة وتفاصيل القهر والوجع”.
وتابعت: “رغم كل تلك الآلام هناك متسع للفرح في إعلان وقف إطلاق النار، لسبب واحد فقط وهو أن شلال الدم سيتوقف بعد هذه الحرب الطاحنة”.
وزادت: “أخيراً سينام الناس بأمان ولو لليلة واحدة بعد كل ما فقدوه وما عاشوه من ظروف قاسية جداً”.
وأعربت المصري عن أملها أن “تبدأ عملية إعادة الإعمار في غزة بشكل فوري ليتوفر للناس حياة أفضل بعد كل ما عاشوه من ألم وقهر خلال الشهور الماضية”.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات