إسطنبول / الأناضول
– سموتريتش: “حدود القدس يجب أن تمتد حتى العاصمة السورية دمشق” و”على إسرائيل الاستيلاء أيضا على الضفة الشرقية من نهر الأردن (مملكة الأردن)”
– هيرتزل: “حدود دولة إسرائيل تمتد من نهر النيل إلى نهر الفرات”
– بحسب وثيقة ينون الصهيونية، ستضم “إسرائيل الكبرى” أجزاء من لبنان وسوريا والأردن والعراق ومصر والسعودية، وستنشئ عددا من الدول الوكيلة لضمان تفوقها في المنطقة
تصاعد الجدل مؤخرا بشأن “دولة إسرائيل الكبرى” المزعومة والفكر التوسعي لليمين المتطرف بإسرائيل مع تداول ناشطين عبر مواقع التواصل، مقطع فيديو قديما لوزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش.
في الفيديو الذي يعود لعام 2016، قال سموتريتش، وكان حينها عضوا في الكنيست (البرلمان)، في مقابلة مع قناة تلفزيونية إسرائيلية، إن “حدود القدس يجب أن تمتد حتى العاصمة السورية دمشق” وإن “على إسرائيل الاستيلاء أيضا على الضفة الشرقية من نهر الأردن (مملكة الأردن)”.
ورغم أن الفيديو قديم، فإن تكرار سموتريتش لهذه التصريحات في مناسبات عديدة لاحقة، يسلط الضوء على أوهام اليمين المتطرف بتوسيع حدود إسرائيل لتشمل أجزاء واسعة من منطقة الشرق الأوسط، وهو طرح تؤيده بعض الأصوات حتى خارج اليمين المتطرف.
ويستند داعمو هذه الأوهام إلى أحد النصوص في التوراة، والتي عززتها أصوات في الحركة الصهيونية منذ بداية تأسيسها، بحسب مراقبين.
** “أطماع كل حرب”
ويبدو أن الإعلان عن تلك الأوهام يتزايد مع كل حرب تدخلها إسرائيل؛ حيث تتصاعد حماسة هؤلاء لتحقيق أحلامهم المدفونة.
وهذا ما حدث بالفعل في سياق حرب الإبادة الحالية التي يشنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، والتي تزامنت مع تصعيد عدوانه على الضفة الغربية وبدء اشتباكات مع “حزب الله” في لبنان توسعت إلى حرب شاملة مؤخرا.
ففي 19 مارس/ آذار 2023، وقف سموتريتش خلال زيارة إلى باريس أمام منصة عليها خريطة لـ”أرض إسرائيل الكبرى” المزعومة، تضم كامل فلسطين التاريخية والأردن، ما أثار حينها موجة من الغضب.
كما أنكر سموتريتش، آنذاك، وجود شعب فلسطيني من الأساس، زاعما أنه هذا الشعب “بدعة تمّ اختراعها قبل مئة عام لمحاربة المشروع الصهيوني في أرض إسرائيل”.
وتفاعلا مع فيديو سموتريتش، نشر الكاتب ديفيد ميلر (يساري)، عبر حسابه على منصة إكس، خريطة تزعم أن “حدود دولة إسرائيل الكبرى تشمل أجزاء من مصر والعراق والسعودية وسوريا، إلى جانب كامل فلسطين التاريخية والأردن ولبنان”.
وأرفقها بتعليق، “مفاجأة! لقد كان العرب على حق منذ البداية بشأن ’إسرائيل الكبرى’، لقد كانت هذه هي الخطة دائمًا”.
** مسار تاريخي
تاريخيا، تعود جذور هذه الأوهام التوسعية لليمين المتطرف إلى معتقدات دينية، مفادها أن الأرض الموعودة تمتد من نهر مصر إلى نهر الفرات بالعراق.
فيزعم معهد “التوراة والأرض” الإسرائيلي عبر موقعه الإلكتروني، أن “أرض إسرائيل الكبرى تمتد من نهر الفرات شرقا إلى نهر النيل جنوبا”.
هذه المعتقدات حملها وأصّل لها قادة الحركة الصهيونية منذ بدايتها قبل أكثر من 120 عاما.
فمؤسس الحركة الصهيونية ثيودور هيرتزل، حين أعلن مشروعه التوسعي عام 1904، زعم أن “حدود دولة إسرائيل تمتد من نهر النيل إلى نهر الفرات”.
على النحو ذاته، طالبت عصابة “الأرغون” الصهيونية المتطرفة، التي ظهرت خلال فترة الانتداب البريطاني بأرض فلسطين (1922-1948)، والتي أُدمجت في الجيش الإسرائيلي، لاحقا، بأن تكون دولة فلسطين التاريخية والأردن دولة يهودية يطلق عليها اسم “إتسل”.
ومن أخطر المخططات الصهيونية في هذا السياق، خطة “ينون” التي كتبها عوديد ينون، الصحفي والدبلوماسي ومستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرئيل شارون.
وظهرت هذه الخطة للمرة الأولى في مجلة “كيفونيم” (اتجاهات) التي تصدرها المنظمة الصهيونية العالمية في فبراير/ شباط 1982، واستندت إلى رؤية هيرتزل ومؤسسي دولة الكيان الصهيوني نهاية الأربعينيات، ومنهم الحبر اليهودي فيشمان.
وأعاد موقع مركز دراسات العولمة الأمريكي “غلوبال ريسيرش” نشر الوثيقة بعد ترجمتها إلى الإنجليزية في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015.
وقال عنها محرر الموقع ميشيل شوسودوفسكي، إنها تتعلق بإقامة “إسرائيل الكبرى”، وتشكل حجر الزاوية في سياسات القوى السياسية الصهيونية الممثلة في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وكذلك في سياسات مؤسستي الجيش والاستخبارات بإسرائيل.
وأشار إلى أن هذه الخطة تركّز على إضعاف الدول العربية وتقسيمها لاحقا كجزء من المشروع التوسعي الصهيوني، وعلى الاستيطان بالضفة الغربية وطرد الفلسطينيين من فلسطين وضم الضفة وقطاع غزة لإسرائيل.
وأضاف أن “إسرائيل الكبرى” ستضم أجزاء من لبنان وسوريا والأردن والعراق ومصر والسعودية، وستنشئ عددا من الدول الوكيلة لضمان تفوقها في المنطقة، وأن وثيقة “ينون” هي استمرار لمخطط الاستعمار البريطاني في الشرق الأوسط.
وأوضح أن إقامة “إسرائيل الكبرى” تتطلب تفتيت الدول العربية القائمة حاليا إلى دويلات صغيرة تصبح كل منها معتمدة على إسرائيل في بقائها وشرعيتها، لأن الأخيرة لا تستطيع الاستمرار في البقاء إلا إذا أصبحت قوة إقليمية مهيمنة “إمبريالية”.
وتدعو الوثيقة لتقسيم العراق إلى دولة كردية ودولتين عربيتين واحدة للشيعة وأخرى للسنة، وأيضا تقسيم لبنان وسوريا ومصر وإيران والصومال وباكستان، وتقسيم دول شمال إفريقيا، وتوقع أن يبدأ ذلك من مصر، وينتشر إلى السودان وليبيا وبقية المنطقة.
وسيتم تقسيم الدول العربية وغيرها على أسس عرقية أو طائفية وفقا لحالة كل دولة.
** خريطتا نتنياهو والشرق الأوسط الكبير
ولم يكن سموتريتش الوحيد في طرح هذه الأوهام؛ فقد عرض نتنياهو الذي يتزعم حزب “الليكود” اليميني، خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 27 سبتمبر/ أيلول الماضي، خريطتين تظهران الضفة الغربية وقطاع غزة كجزء من إسرائيل.
الخريطة الأولى كُتب عليها “النعمة”، والثانية “اللعنة”، وكلاهما اعتبرتهما وزارة الخارجية الفلسطينية “استعراضا يكشف أجندات اليمين المتطرف” التوسعية.
وقبل نتنياهو، قدم الحاخام المتطرف إليعازر ميلاميد تصورا مشابها لهذه الدولة المزعومة على موقع “يشيفا” العبري (يميني متطرف)، في 15 يوليو/ تموز 2023، زاعما في مقال نشره أن حدود “إسرائيل الكبرى” تمتد من “نهر النيل في مصر إلى نهر الفرات في العراق”.
وأكد ميلاميد أن “كامل منطقة شبه جزيرة سيناء (شمال شرقي مصر) هي الجزء الجنوبي لتلك الدولة”.
وأثناء رحى الحرب الإسرائيلية الثانية على لبنان في 2006، خرجت تحليلات سياسية إسرائيلية، من أبواق تابعة لليمين المتطرف وأخرى غير محسوبة عليه، تزعم أن القضاء على “حزب الله” بات ضرورة وركيزة، حتى لا يعرقل ذلك مفهوم “الشرق الأوسط الكبير”.
وهو المفهوم أو المصطلح الذي يرتبط إسرائيليا بمفهوم دولة “إسرائيل الكبرى”، فعند البحث عن أي منهما يظهر الآخر مرافقا له، وهو المفهوم الذي جدد نتنياهو تأكيده خلال خطابته في الأشهر الأخيرة.
فقد كتب المحلل السياسي آفي يسسخروف (يساري)، في صحيفة “هآرتس” العبرية في 27 يوليو 2006 أنه “حال انتصار حزب الله في الحرب (2006)، وتحقيقه لنجاح باهر قد يعني تشكيل شرق أوسط جديد، مختلف عما خططت له كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة عام 2004، وإسرائيل بالتالي”.
توافقت تلك الرؤية مع ما طرحه الكاتب اليميني حاجي هوفرمان، في صحيفة “هاتسوفيه” اليمينية في 24 نوفمبر 2006، من أن ما وصفه بـ”الإسلام المتشدد لا يريد محاربتنا فحسب، وإنما يرغب في اندلاع حرب دينية”.
وأضاف: “ما يجب علينا فعله بالاشتراك مع العالم كله هو التحذير منه، حتى لا يعرقل خططنا المستقبلية بشأن الشرق الأوسط الكبير”.
ومفهوم “الشرق الأوسط الكبير” مصطلح سياسي طرحته الإدارة الأمريكية أوائل القرن الحادي والعشرين، وتحديدا عام 2004، خلال فترة ولاية الرئيس جورج دبليو بوش.
وكان المفهوم مرتبطا بمبادرات سياسية واقتصادية تهدف إلى إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتتماشى مع مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.
ورغم فارق الأعوام، يلاحظ تكرر المزاعم نفسها خلال الحرب الحالية على لبنان عام 2024، حيث نشرت القناة “14” العبرية عبر موقعها الإلكتروني، مؤخرا، مقالا يتبنى فكرة أن القضاء على حماس و”حزب الله” وبعدهما إيران، سيفتح الباب أمام تدشين “شرق أوسط جديد”.
وأضاف المقال أن هذه الرؤية هي امتداد لأفكار طرحها رئيس الوزراء السابق شيمون بيريز في تسعينيات القرن الماضي، بشأن دمج العقل اليهودي مع الموارد العربية وفرض “التطبيع” على كل الشعوب العربية لتحقيق السيطرة الاقتصادية على المنطقة.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات