جنين / قيس أبو سمرة / الأناضول
لم تتردد إسرائيل في نقل تجربة الإبادة الجماعية التي ارتكبتها بغزة على مدى نحو 16 شهرا، إلى مخيم جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة، رغم تحذيرات دولية بالجملة، سبق أن وجهت إلى تل أبيب بغرض وقف الإبادة في القطاع المحاصر.
ومساء الأحد، كان مخيم جنين على موعد مع أكبر عملية نسف مربعات سكنية منذ 2002، أقدم عليها الجيش الإسرائيلي، ما اعتبرته وزارة الخارجية الفلسطينية “مشهدا وحشيا يعكس حجم الدمار في غزة، وأحد مظاهر الإبادة ضد الشعب الفلسطيني”.
وعلى وقع التفجيرات الإسرائيلية، انطلقت التكبيرات في عدد من أحياء المدينة، بينما وقف عشرات المهجرين الفلسطينيين على تلة مقابلة للمخيم، يراقبون ألسنة الدخان والغبار المتصاعدة من منازلهم، وفق مراسل الأناضول.
وبالتزامن مع نسف مربعات سكنية، دفع الجيش الإسرائيلي بقواته إلى المخيم المحاصر، فيما تواصل طائرات مسيرة التحليق في سماء جنين.
وتداول ناشطون فلسطينيون عبر منصات التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تظهر دمارا كبيرا في المخيم، إذ كشفت عن بنايات سوتها إسرائيل بالأرض، وأخرى تعرضت لتدمير جزئي أو حرق.
حطام التفجير وصل إلى مستشفى خليل سليمان الحكومي في جنين الملاصق للمخيم من الجهة الشرقية.
وتحدث شهود عيان للأناضول، عن سماع أصوات تفجيرات ضخمة، تبعها تصاعد أعمدة الدخان من داخل المخيم.
وأشار الشهود إلى أن عدة منازل بمحيط المخيم وفي مدينة جنين، تعرضت لما يشبه هزة أرضية نتيجة قوة التفجيرات، ما أدى إلى تحطم النوافذ والأبواب.
وفي وقت سابق الأحد، قال مسؤول العلاقات العامة في بلدية جنين بشير مطاحن للأناضول، إن الجيش الإسرائيلي فجر 21 منزلا في ثلاث حارات بالمخيم، مشيرا إلى أن تل أبيب أخلت المخيم من كامل سكانه خلال الأيام الماضية، وأجبرتهم على النزوح.
** تغيير جغرافيا المخيم
في السياق، قال الباحث في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أحمد حواشين، للأناضول، إن “الجيش الإسرائيلي يعمل على تغيير معالم المخيم الجغرافية”.
وأضاف حواشين، ابن مخيم جنين، أن “إسرائيل شرعت في استنساخ تجربة قطاع غزة منذ بدء عمليتها العسكرية في المنطقة، عبر ترحيل الفلسطينيين قسرا، ثم بدء عملية تجريف واسعة لعدد من الأحياء”.
وعن تفجيرات اليوم، أكد أنها حصلت “في عدة أحياء، منها منطقة شارع مهيوب، وخلف مسجد الأسير، ومنطقة حارة الدمج، وأجزاء من حي الحواشين، حيث دمرت إسرائيل مباني تضم شققا سكنية عدة”.
وأوضح أن “الجيش الإسرائيلي يعمل على تغير معالم المخيم، وسنكون بعد العدوان أمام مخيم بجغرافية جديدة”.
الباحث الذي نزح مع عائلته من حارة الحواشين، قال: “أنا كما بقية السكان، نقف اليوم على تل مقابل للمخيم، ولا نعلم ما يجري بداخله.
واستدرك: “لكننا نعلم أن بيت كل واحد فينا مهدم أو محروق، وفي أحسن الأحوال محطم بفعل الانفجارات في الأحياء”.
وتابع: “حتى بعد انتهاء العملية العسكرية لن يتمكن العديد من السكان من العودة إلى منازلهم بفعل التدمير الإسرائيلي”.
** تفجير مربعات سكنية
وفي تصريحات للأناضول الأحد، قال محافظ جنين كمال أبو الرب، إن الجيش الإسرائيلي يستنسخ صورة تفجيرات المربعات السكنية من قطاع غزة إلى مخيم المدينة، مشيرا إلى أنها الأولى من نوعها منذ عام 2002.
وفي ذلك التاريخ، وتزامنا مع انتفاضة الأقصى، شنت إسرائيل عملية عسكرية على مخيم جنين ودمرته، فيما قال فلسطينيون بالمنطقة في تصريحات سابقة للأناضول، إنهم يعيشون مأساة متكررة أكبر من مأساة 2002.
وأضاف أبو الرب، أن السلطات الإسرائيلية تعمل على تدمير مخيم جنين، وتحويله إلى مكان غير صالح للعيش عبر نسف مربعات سكينة وتدمير البنية التحتية.
وأوضح أن “الجيش الإسرائيلي نقل حربه من قطاع غزة إلى الضفة الغربية، وما يجري من تفجيرات في مخيم جنين أشبه ما يكون بالإبادة الإسرائيلية في غزة”.
كما أشار إلى أن 3420 عائلة فلسطينية نزحت من مخيم جنين من أصل 3490.
وفي تعقيبها على التفجيرات الأعنف، أدانت الخارجية الفلسطينية “التفجيرات التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيمي جنين وطولكرم (شمال)، بما في ذلك إقدامها اليوم الأحد، على تفجير أحياء واسعة من مخيم جنين”.
واعتبرت في بيان، تفجيرات جنين “مشهدا وحشيا يعكس حجم الدمار الذي تعرض له قطاع غزة، ويجسد أحد مظاهر حرب الإبادة (الإسرائيلية) والتهجير ضد شعبنا”.
وحذرت الوزارة من “مخططات الاحتلال الهادفة إلى نقل جرائم التطهير العرقي والتدمير من غزة إلى الضفة الغربية المحتلة تحت ذرائع واهية، لإخفاء استهدافه المباشر للمدنيين العزل ومنازلهم وممتلكاتهم ودور عبادتهم”.
ومنذ 21 يناير/ كانون الثاني المنصرم، بدأ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية في مدينة جنين ومخيمها أدت إلى مقتل 25 فلسطينيا، حتى صباح الأحد، قبل أن يوسع عدوانه الاثنين الماضي ليشمل مدينة طولكرم، التي قتل فيها 3 فلسطينيين.
وبالتزامن مع بدء حرب الإبادة على غزة، وسّع الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أسفر عن مقتل أكثر من 900 فلسطيني، وإصابة نحو 6 آلاف و700، واعتقال 14 ألفا و300 آخرين، وفق معطيات فلسطينية رسمية.
وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 159 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات