عمان/ ليث الجنيدي / الأناضول
يسعى الأردن للمحافظة على دوره تجاه فلسطين؛ بحكم الترابط الجغرافي والديمغرافي مع جارته الغربية، محاولا عدم الاقتصار على السياسية بل وتسهيل عبور الحجاج العرب بإسرائيل (فلسطينيو 48) إلى الديار المقدسة بالسعودية، إذ تضطلع عمان بهذه المهمة منذ نحو نصف قرن وتحديدا عام 1978.
ويومي الأربعاء والخميس الماضيين، أنهى الأردن تفويج حصة حجاج المملكة للعام الجاري، والتي بلغت 8 آلاف حاج أردني، إضافة إلى 4 آلاف و500 حاج من فلسطينيي 48 (داخل الخط الأخضر في إسرائيل).
ورغم تعدي إسرائيل المستمر على أدوار المملكة داخل الأراضي الفلسطينية وخاصة بالمسجد الأقصى، إلا أن عمّان تتمسك بواجبها تجاه حجاج فلسطين من عرب 1948، في رسالة واضحة عنوانها الدين ومضمون لا يخلو من السياسة.
مراسل الأناضول استطلع آراء عدد من أصحاب الاختصاص، حول مدى أهمية هذا الدور بالنسبة للأردن وتاريخه ومنافعه للمملكة، وخاصة في الجانب السياسي.
دور يعود لعام 1978
عبد الناصر أبو البصل، وزير الأوقاف الأردني السابق، اعتبر في حديثه للأناضول أن “الأردن يقوم بأمر يراه واجبا شرعيا تجاه أشقائنا في فلسطين، وتيسير أداء أهلنا في الداخل الفلسطيني لفريضة الحج فريضة وواجب”.
وأضاف أبو البصل: “كما أن ديننا وأخوتنا وانتماءنا لهذه الأمة يحتم علينا القيام بهذا الواجب، والذي نتشرف بالقيام به منذ عهد الملك الراحل الحسين بن طلال في سبعينات القرن الماضي”.
أما عن التسهيلات التي يقدمها الجانب الأردني، بين أبو البصل، أنها “تتضمن توفير جميع الخدمات التي تقدم للحجاج الأردنيين كافة بل ووفق ما يلبي مطالبهم وييسر أداءهم للمناسك منذ قيامهم بالتسجيل للحج وحتى عودتهم سالمين”.
وأوضح أن هذه التسهيلات تتضمن “منحهم جوازات سفر أردنية لغايات الحج، واعتبارهم جزءاً من البعثة الأردنية، وإسكانهم في المساكن التي خصصت لهم في مكة والمدينة وفي عرفات ومنى”.
وتابع: “الحجاج (من فلسطيني 48) تشملهم البعثة الطبية وبعثة الوعظ والارشاد بل وخلال العام يتم تسهيل أداء العمرة لهم كالأردنيين أيضا، وهو ما تختص به دائرة الحج والعمرة وكذلك دائرة أوقاف القدس في وزارة الأوقاف وبإشراف مباشر من الوزير وبتعاون عدد من الوزارات والمؤسسات في الدولة كالداخلية والأمن العام وإدارة الجسور والمعابر والمطار وغيرها “.
وشدد على أن المملكة لا يمكن أن تتخلى عن هذه المهمة وستظل تساند الشعب الفلسطيني بشكل واضح كما كانت على مدار التاريخ.
وأردف: “الوصاية الأردنية الهاشمية على المقدسات في فلسطين شملت أمراً مقدساً، وهو فريضة الحج، ودور المملكة تجاه الأشقاء الفلسطينيين لا يتوقف عند جانب معين، فالأردن رئتهم التي يتنفسون بها”.
وأوضح أبو البصل أن “تاريخ الدور الفاعل الذي يقوم به الأردن من خلال وزارة الأوقاف تجاه حجاج عرب 1948، يعود لعام 1978، بمكرمة من الملك الراحل الحسين حيث لم يكونوا قادرين على أداء الفريضة قبل ذلك”.
واستدرك بقوله: “كانت بعثة الحج الأردنية في السابق تشمل أيضا حجاج غزة وسيناء والضفة الغربية، وقد بلغ عدد حجاج الضفة وقطاع غزة عام 1972، نحو 13 ألف حاج معهم 600 حاج من سيناء، في حين كانت البعثة الأردنية قد بلغت في مجموعها 22 ألفاً و601 حاج، وهو عدد كبير بالنسبة لإجمالي عدد الحجاج في ذلك الموسم، والذي بلغ 546 ألف حاج من جميع دول العالم”.
الأردن عمق فلسطين
محمد المومني، عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأعيان الأردني (الغرفة الثانية للبرلمان)، اعتبر في حديثه للأناضول، أن “استمرار اعتماد الأردن كجهة منظمة ووجهة عبور للحجاج المسلمين من عرب إسرائيل، يؤكد أن المملكة عمق للأشقاء الفلسطينيين في مختلف الجوانب”.
وتابع: “الترابط الجغرافي والديمغرافي والمصير المشترك الذي يجمعنا بفلسطين يعطي الأردن هذا الدور، موقفنا تجاه أشقائنا لا يتوقف عند السياسة، بل تعدينا كل ذلك، وصولاً إلى تنظيم شؤون الحج”.
مجابهة إسرائيل
أمين عام اللجنة الملكية الأردنية لشؤون القدس (حكومية) عبد الله كنعان، قال للأناضول: “يدرك الجميع من المنظمات والمرجعيات السياسية وكل حر مهتم بالقضية الفلسطينية والقدس أن السياسة الإسرائيلية العنصرية بكافة جرائمها وانتهاكاتها على الإنسان والأرض والمقدسات الإسلامية والمسيحية، هي في مضمونها سياسة لفرض أمر واقع احتلالي، لم يعد مهتماً بالشرعية والاتفاقيات والتعهدات الدولية”.
وأضاف كنعان: “يأتي الدور الأردني على الصعيد الشعبي والرسمي المعروف بتفانيه وتضحياته بما في ذلك النضال الذي تقوم به الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس كسياسة وطنية وقومية ودولية أردنية للدفاع عن فلسطين المحتلة بما فيها القدس”.
واستطرد “لذلك فإن دور وزارة الأوقاف الأردنية التي تنشط بحماية كل ما يتصل بالمقدسات الإسلامية تنفيذاً للاستراتيجية الأردنية في مجابهة مخططات الاستيطان والضم والسعي الإسرائيلي لتغيير الأمر الواقع”.
وزاد: “من وجوه عمل وزارة الأوقاف وبالتنسيق مع الجهات المختصة داخل الأردن وخارجه توفير كل ما يلزم للحجاج القادمين من فلسطين المحتلة، بمن فيهم الحجاج من عرب 1948”.
ورأى كنعان، أن “هذا الدور الوطني القومي الأردني، يأتي في سياق واجب ديني مقدس ودبلوماسية أردنية نشطة تحرص على إبقاء الهوية الفلسطينية حاضرة في العمق العربي والإسلامي والدولي”.
وأكد “هذا مهم في مواجهة المخطط الإسرائيلي بتحجيم القضية الفلسطينية وتأطيرها ببعد فلسطيني فقط وأحياناً مقدسي فقط، بعزلها عن حاضنتها الفلسطينية والعربية والإسلامية”.
ولفت بأن “اللجنة الملكية لشؤون القدس تؤكد بأن الموقف الأردني الراسخ تجاه فلسطين والقدس ليس دور مرتبط بإدارة جوانب محددة فقط، فهو مظلة حماية ورعاية ومساندة شاملة تدرك مسؤوليتها في كل صعيد، والحج الاسلامي وحتى المسيحي في الأردن (المغطس) دليل على متابعة كل تفاصيل الإسناد والدعم للفلسطينيين”.
وبين أن “رسالة الدور الأردني تاريخية وقومية وإنسانية، تثبت الوجود الفلسطيني في أرضه وتبقيه مفتوحا على محيطه الدولي، وتبين للعالم حجم الجرائم الإسرائيلية”.
وختم كنعان بالقول: “تؤكد اللجنة الملكية لشؤون القدس أن الثقة الدولية بالأردن هي قوة رافعة لدبلوماسيتها، تجعل من أي خطوة أردنية، بما في ذلك تأمين الحجاج الفلسطينيين، ذات وزن مهم في معادلة إلزام إسرائيل بمسؤولياتها؛ تحقيقا للغاية والمبدأ الأساسي، وهو حل القضية الفلسطينية وفق الشرعية الدولية”.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات