إسطنبول / الأناضول
ـ بوتين يتجنب في رسالة للقمة العربية الخوض في الحرب بأوكرانيا
في سابقة من نوعها، دعت السعودية – الدولة المستضيفة للقمة العربية 32 – الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لإلقاء كلمة بافتتاحية القمة، بالموازاة مع إرسال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رسالة للقمة.
الخطوة أثارت نقاشا إعلاميا وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، خاصة أنها قد تفهم بأنها انحياز لطرف دون آخر في الحرب الروسية الأوكرانية، إلا أن القمة فعليا كانت على مسافة واحدة من الطرفين، من خلال رسالة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إليها.
كما أن مضمون خطاب الرئيس الأوكراني حمل عتابا، دون أن يعبر بالمقابل عن تضامنه مع قضايا الشعب الفلسطيني.
وبررت دعوة زيلينسكي، بالرغبة في “سماع وجهات نظر جميع الأطراف” في الأزمة بين روسيا وأوكرانيا.
كما أن رسالتي الرئيسين الروسي والصيني شي جين بينغ، الموجهتين إلى القمة، دلالة على التوازن وعدم الانحياز لأي طرف، بحسب مراقبين.
طلب دعم العرب وتجاهل فلسطين
ناشد زيلينسكي الزعماء العرب “حماية شعبنا والجالية الأوكرانية المسلمة”، في محاولة لاستحضار الروابط الدينية بين العرب ومسلمي أوكرانيا وخاصة أقلية تتار القرم المسلمة المنتشرة في شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في 2014، دون اعتراف دولي.
وفي محاولة لربط مقاومة بعض الشعوب العربية للاستعمار، قال الرئيس الأوكراني إن بلاده “لن تستسلم ولن تخضع لأي محتل أجنبي”، وأضاف: “نحن مجبرون على مواصلة القتال، ولا أحد يوافق على تسليم أرضه”.
غير أن زيلينسكي لم يعبر عن التعاطف مع الشعب الفلسطيني في مقاومته للاحتلال الإسرائيلي، ولم يعتذر عن تصريحاته السابقة التي قال فيها إن “ما تواجهه أوكرانيا حاليا يشبه ما تواجهه إسرائيل”، ما خلف استياء عربيا شعبيا لأنه حول الفلسطينيين من ضحايا إلى جناة.
الرئيس الأوكراني لمح إلى أن النفوذ الروسي في المنطقة يؤثر على مواقف الدول العربية من الحرب في بلاده، ودعاها ضمنيا لاتخاذ مواقف أكثر استقلالية عن موسكو.
وقال: “أنا هنا حتى يتمكن الجميع من معرفة ما يجري بنظرة صادقة”.
وفتح زيلينسكي نافذة نحو مستقبل متفائل عندما رحب بالاستثمارات العربية، معربا عن أمله في عوة السياح العرب لرؤية بلاده قريبا، وفق تعبيره.
بوتين يتجاهل الحرب في أوكرانيا
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في رسالته للقمة العربية، تجنب من ناحيته إثارة موضوع الحرب في أوكرانيا، ولم يطلب دعم العرب، ولم ينتقد حتى دعوتهم لزيلينسكي.
وعلى عكس تجاهل زيلينسكي للقضية الفلسطينية، ذكّر بوتين القادة العرب بدعم بلاده لحل عادل لها، قائلا: “سنواصل تقديم كل مساعدة ممكنة لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”.
وأبدى الرئيس الروسي حرص بلاده على دعم جهود حل الأزمات في السودان وليبيا واليمن، واعتزامه توسيع التعاون متعدد الأوجه مع الدول العربية.
وشجع ضمنيا الدول العربية على الانخراط في بناء عالم متعدد الأقطاب الذي تقوده روسيا والصين وحلفاؤهما بديلا عن نظام القطب الواحد الذي تقوده الولايات المتحدة.
وقال إن “مواصلة توسيع التعاون متعدد الأوجه بين روسيا والدول العربية سيلبي المصالح المشتركة بشكل كامل، وسيتماشى مع بناء نظام أكثر عدلا وديمقراطية للعلاقات الدولية، يقوم على مبادئ تعدد الأقطاب، والمساواة الحقيقية، واحترام المصالح المشروعة للجميع”.
والمفاجئ أن الرد على دعوة الرئيس الأوكراني إلى القمة العربية في جدة، لم يأت من الكرملين أو من الخارجية الروسية أو حتى من سفارتها لدى الرياض، بل جاء من سفارة موسكو بالقاهرة.
واستخدمت السفارة الروسية خطابا حادا في انتقاد مشاركة زيلينسكي في قمة جدة، ونشرته السبت في بيان على تويتر، وتداولته وسائل إعلام بينها “سي آن آن الأمريكية”.
واعتبر البيان أن هذه المحاولة فشلت في الضغط على الدول العربية (للتخلي عن حيادها) “وهو ما أعلنته بالفعل السعودية كدولة مضيفة للقمة في نهاية فعاليات القمة”.
ما المغزى؟
دعوة زيلينسكي للقمة جعل الجامعة العربية في قلب تجاذبات الحرب الروسية الأوكرانية، حيث تسعى كييف بدعم من واشنطن لإقناع الدول العربية بدعمها بكل السبل، بينما يناسب موسكو موقف الحياد الذي تتبناه دول المنطقة.
في أبريل/نيسان 2022، أرسلت الجامعة العربية وفدا يضم وزراء خارجية مصر والجزائر والأردن والسودان، إضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إلى كل من موسكو وكييف، لبحث سبل إنهاء الحرب، التي اندلعت في 24 فبراير/شباط من نفس العام.
السعودية وعلى لسان ولي العهد محمد بن سلمان، أبدت استعدادها “للاستمرار في بذل جهود الوساطة بين روسيا وأوكرانيا”.
وقال ابن سلمان في كلمته أمام القمة العربية: “نجدد تأكيد موقف المملكة الداعم لكل ما يساهم في خفض حدة الأزمة في أوكرانيا”.
وزير خارجية المملكة فيصل بن فرحان، من جهته، شدد على تمسك الجامعة بالحياد، وأوضح أن دعوة زيلينسكي لحضور قمة جدة كان من باب “سماع وجهات نظر جميع الأطراف” في الأزمة بين روسيا وأوكرانيا.
وأشار إلى رسالة الرئيس الروسي إلى القمة العربية، في محاولة لإبراز انفتاح الجامعة العربية على سماع وجهة نظر كل طرف.
وقال بن فرحان: “اتخذت الدول العربية منذ بداية الأزمة موقف الحياد، وليس الحياد السلبي، بل الحياد الإيجابي”، وأردف: “كنا منخرطين في فتح الحوار مع الطرفين أملا في أن نستطيع الوصول إلى سبيل يفتح الباب للحل من خلال الحوار”.
والبيان الختامي لم يتضمن أي إشارة للحرب في أوكرانيا، ما يعكس رغبة الدول العربية في التمسك بالحياد “الإيجابي”، وعدم التورط في تجاذبات وصراعات القوى الكبرى، خاصة وأن المنطقة العربية مثخنة بالأزمات.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات