القدس/ عبد الرؤوف أرناؤوط/ الأناضول
تحولت مسيرة الأعلام الإسرائيلية في مدينة القدس الشرقية إلى عنوان لصراع فلسطيني إسرائيلي على السيادة في مدينة القدس الشرقية.
والخميس، تنطلق المسيرة تزامنا مع ذكرى احتلال إسرائيل للقدس الشرقية (7 يونيو/ حزيران 1967)، لكن حسب التقويم العبري.
وتطلق عليها إسرائيل اسم “مسيرة الأعلام” أو “رقصة العلم”، حيث يحمل آلاف المشاركين الأعلام الإسرائيلية ويرقصون عند باب العامود، أحد أبواب البلدة القديمة، بينما يصفها الفلسطينيون أنها “مسيرة الأعلام الاستفزازية”.
ويصر الفلسطينيون على أن القدس الشرقية هي عاصمة لدولتهم المستقبلية، بينما تعتبر إسرائيل أن القدس بشطريها الشرقي والغربي عاصمة لها.
وفعليا، بدأت مسيرة الأعلام سبعينيات القرن الماضي، ولكنها لم تكن تمر من باب العامود، إذ كانت تعبر باب الخليل الأقرب لأبواب القدس القديمة، إلى القدس الغربية، ومنذ سنوات، بدأت أعداد المشاركين بالمسيرة المارين من خلال باب العامود، تزداد.
ولاحقا، أطيل مسار المسيرة لتمر من باب الأسباط، أحد أبواب البلدة القديمة، ولكن منعت الشرطة الإسرائيلية عامي 2010-2016 هذا المسار، بسبب تكرر المواجهات مع الفلسطينيين فتم إلغاء هذا المسار نهائيا.
** خطوة غير مسبوقة
وبرز اسم هذه المسيرة بشكل أكبر عام 2021، عندما هددت فصائل فلسطينية بإطلاق الصواريخ من غزة على القدس الغربية في حال السماح بالمسيرة، فتم تأجيلها عن موعدها لعدة أسابيع قبل أن تتم تحت إجراءات أمنية مشددة.
وفي 2022، أجلت إسرائيل منطقة باب العامود من الفلسطينيين وفرضت منطقة عازلة في المحيط موقعها لتمكين المسيرة بحراسة آلاف من عناصر الشرطة.
والإثنين، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن المسيرة ستقام بموعدها ومسارها رغم تحذيرات من إمكانية تفجر الأوضاع في الأراضي الفلسطينية مجددا بعد أن دعت فصائل فلسطينية إلى الغائها.
وفي خطوة غير مسبوقة، أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية أن 4 وزراء على الأقل سيشاركون بالمسيرة.
والأربعاء الماضي، نشرت الشرطة الإسرائيلية، في بيان، خارطة تشير إلى أن المسيرة ستتم بمسارين: الأول يبدأ من القدس الغربية مرورا بباب الخليل، أحد أبواب البلدة القديمة، ثم قُبالة الحي الأرمني، وصولا إلى حائط البراق، على أن يبدأ الثاني من القدس الغربية مرورا بباب العامود، ثم طريق الواد وصولا إلى حائط البراق.
ويعد المسار الثاني، إشكاليا بالنسبة للفلسطينيين الذين يعتبرون المسيرة “استفزازية”، كونها تمر من باب العامود وطريق الواد، بالبلدة القديمة.
وأشارت الشرطة الإسرائيلية إلى أنها ستنشر قوات معززة من عناصرها في المدينة أثناء المسيرة، في ساعات ما بعد الظهر، وستغلق العديد من الشوارع في محيطها.
** ما هي مسيرة الأعلام؟
وفق الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، فإنه “في يوم القدس، تقام الاحتفالات داخل القدس وخارجها”، وأن “الحدث الرئيسي لهذا اليوم، هو مسيرة الأعلام، أو رقصة الاعلام، والتي تُقام في ساعات بعد الظهر”.
ويذكر البرلمان الإسرائيلي في موقعه الإلكتروني: “يأتي إلى هذا الحدث آلاف الأشخاص إلى القدس، معظمهم من الشباب من الحركة الدينية الصهيونية، ويقوم المحتفلون بمسيرة كبيرة مصحوبة بالغناء والرقص والتلويح بالعلم، تبدأ من وسط المدينة وتدخل البلدة القديمة، وتنتهي عند الحائط الغربي (حائط البراق) في صلاة شكر جماعية”.
وتبدأ المسيرة من القدس الغربية، ولكن دخولها عبر البلدة القديمة للوصول إلى حائط البراق، اختلف على مدى السنوات في عدة مسارات.
ومنذ سنوات عديدة، أضافت جمعيات يمينية إسرائيلية، مسارا يمر من باب العامود، أحد أبواب البلدة القديمة، ثم في شارع الواد بالبلدة وصولا الى حائط البراق.
وكثيرا ما كان يتخلل هذه المسيرة مواجهات بين الفلسطينيين من جهة، والمستوطنين والشرطة الإسرائيلية من جهة أخرى.
** صراع على السيادة
وقال زياد الحمّوري، مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية (غير حكومي)، إن “إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال، تعتبر أن مسيرة الأعلام الاستفزازية هي مظهر من مظاهر ما تسميه توحيدها للقدس بشطريها وسيطرتها على القدس الشرقية”.
وأوضح الحموري للأناضول: “بالنسبة لنا كفلسطينيين، فإن هذا مظهر من مظاهر انتهاك قرارات الشرعية الدولية التي تؤكد على أن القدس الشرقية هي جزء لا يتجزأ من الأراضي المحتلة عام 1967، وهي بالنسبة لنا مدينة محتلة وعاصمة للدولة الفلسطينية”.
وتابع: “يريد اليمين الإسرائيلي أن يدعي من خلال هذه المسيرة أنه صاحب البلد والأرض وهذا بطبيعة الحال مرفوض من قبلنا كفلسطينيين”.
وأشار الحموري إلى أن “السلطات الإسرائيلية اعتادت أن تفرض على أصحاب المحال التجارية الفلسطينيين في المنطقة التي تمر من خلالها المسيرة، وخاصة البلدة القديمة، إغلاق محالهم التي غالبا ما تتعرض لاعتداءات وتخريب من قبل المتطرفين أثناء المسيرة”.
وأضاف: “ويتخلل المسيرة استفزازات بما فيها الرفيع الكثيف للأعلام الإسرائيلية وترديد الشعارات العنصرية والبغيضة والاعتداءات على السكان إضافة إلى إخلاء سكان القدس من منطقة باب العامود”.
ويلفت الحموري إلى أنه “منذ احتلال القدس الشرقية عام 1967، قامت إسرائيل بحملة محمومة لتهويدها وهو نلاحظه عاما بعد آخر في أنحاء المدينة من خلال الاستيطان وتغيير المعالم وأسماء الشوارع والاستيلاء على المنازل خاصة بالقدس القديمة ومحيطها”.
غير أنه استدرك: “ما تقوم به إسرائيل من إجراءات، خاصة خلال المناسبات اليهودية، يثبت أن القدس الشرقية مدينة محتلة وإلا فما معنى نشر آلاف عناصر الشرطة لتأمين هذه المسيرة؟”.
وختم بالقول: “تحويل القدس الشرقية إلى ثكنة عسكرية في كل مناسبة إسرائيلية يثبت أن المدينة محتلة وأن وجودهم فيها بقوة السلاح”.
** تحريض وعنف
وتقول مؤسسة “عير عميم”، وهي مؤسسة يسارية إسرائيلية تعنى بشؤون القدس، إن “موكب الأعلام، هو عرض من التحريض والعنصرية والعنف”.
المؤسسة التي يعني اسمها مدينة الشعوب باللغة العبرية، ذكرت في “ورقة موقف” أنه “كما هو موثق منذ سنوات عديدة، فإن المسيرة ليست احتفالاً بحرية التعبير، بل احتفالا بالتحريض والعنصرية والعنف وسحق حقوق السكان الفلسطينيين وأصحاب الأعمال على طول الطريق التي يمر بها”.
ولفتت إلى أنه تم توثيق عنف المتظاهرين في لقطات مصورة للمسيرات منذ عام 2010، وتتضمن عنفًا لفظيًا وهتافات مثل “الموت للعرب”، و”الموت لليسار”، و”سيقام المعبد” في إشارة الى الهيكل، و”ستحرق قريتكم” و”محمد مات”.
وقالت المؤسسة، إن “التحريض والعنصرية يتجسدان أيضًا في النقوش على القمصان، والنشرات الموزعة، والملصقات الملصقة في كل مكان”.
وأضافت: “تم أيضا توثيق العنف الجسدي، من بين أمور أخرى، من خلال البصق، والدفع، ورمي الأشياء، والاستخدام العنيف للأعلام”.
وأشارت الجمعية اليسارية الإسرائيلية، إلى أن المتظاهرين خلال المسيرة “يقرعون أبواب المنازل (الفلسطينية) بقوة، وتعرضت المتاجر في الشارع أكثر من مرة للتخريب، بما في ذلك وضع الغراء على أقفال المحلات، وإتلاف اللافتات، والمصابيح، وكتابة شعارات بغيضة”.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات