القدس/ عبد الرؤوف أرناؤوط/ الأناضول
– إسرائيل حددت 30 حالة تم فيها تقديم شكاوى أو بدأت إجراءات لملاحقة عسكريين شاركوا بحرب غزة وخططوا للسفر إلى الخارج
– الجيش طلب من الضباط والجنود عدم السفر للخارج والامتناع عن نشر صور ومقاطع فيديو لهم على وسائل التواصل الاجتماعي
– منظمات مؤيدة للفلسطينيين أعدت “قوائم سوداء” لعسكريين شاركوا بحرب الإبادة وإسرائيل جندت عشرات المحامين في الخارج
تحول إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت إلى كابوس يلاحق عسكريين شاركوا في حرب الإبادة المتواصلة بقطاع غزة منذ 14 شهرا، وفق إعلام عبري الأربعاء.
وفي 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أصدرت المحكمة المذكرتين بحق نتنياهو وغالانت، بتهمتي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة، التي تتعرض لحرب إبادة إسرائيلية بدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية الأربعاء إن الجيش الإسرائيلي يقدر أن إصدار المحكمة هاتين المذكرتين “سيعطي زخما لاعتقالات وإجراءات قضائية بأنحاء العالم ضد كبار ضباط الجيش وحتى الجنود النظاميين والاحتياط الذين شاركوا بالحرب في غزة”.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل بدعم أمريكي حرب إبادة جماعية على غزة، أسفرت عن نحو 150 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
ووفق الصحيفة، “اضطر بعض الضباط والجنود، في الأسابيع الأخيرة، على الفور إلى مغادرة دول كانوا يزورنها، خوفا من إجراءات قضائية بحقهم”.
وتابعت: “حدد الجيش الإسرائيلي مؤخرا نحو 30 حالة تم فيها تقديم شكاوى واتخاذ إجراءات قضائية ضد ضباط وجنود بالجيش شاركوا في الحرب بغزة، وكانوا يعتزمون السفر إلى الخارج، لكن تم تحذيرهم لتجنب السفر خشية اعتقالهم أو استجوابهم في الدولة التي يريدون زيارتها”.
وأضافت: “قيل لثمانية منهم على الأقل، بينهم جنود انطلقوا بالفعل في رحلة إلى قبرص (الرومية) وسلوفينيا وهولندا، أن يغادروا على الفور بسبب المخاطر”.
ولفتت إلى أنه “في الجيش الإسرائيلي لا يُمنع الجنود والضباط بشكل منتظم ودائم من السفر إلى الخارج حتى حاليا، لكنهم يقومون بصياغة تقييم المخاطر لكل جندي يقدم استمارة طلب سفر، مع التركيز على الجنود والقادة الذين شاركوا بحرب غزة”.
الصحيفة قالت إن “هذه السياسة تزايدت مؤخرا جراء الزخم العالمي ضد إسرائيل، في ظل إصدار مذكرتي الاعتقال غير المسبوقتين بحق نتنياهو وغالانت”.
ولا تملك المحكمة الجنائية الدولية عناصر شرطة لتنفيذ قرارها، لكن الدول الـ124 الأعضاء فيها أصبحت ملزمة قانونا باعتقال نتنياهو وغالانت إذا دخلا أراضيها، وتسليمهما إلى المحكمة لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقيهما.
“وعليه، كان مطلوبا من الجنود والضباط الامتناع عن نشر صور ومقاطع فيديو لهم وهم يشاركون بحرب غزة، حتى لا يتم استخدامها كدليل ضدهم في أي تحقيق جنائي، بزعم ارتكاب جرائم حرب”، حسب الصحيفة.
وأردفت: “بعد أن فعل الكثير منهم ذلك (نشر صور وفيديوهات)، تم إعداد “قوائم سوداء” بشأنهم من جانب نشطاء في عشرات المنظمات المناصرة للفلسطينيين تعمل بشكل رئيس من أوروبا ولكنها منتشرة ضمن شبكة من النشطاء بجميع أنحاء العالم”.
وفسرت الصحيفة الطريقة التي يعمل بها النشطاء الدوليون المؤيدون للفلسطينيين في ملاحقة الجنود والضباط الإسرائيليين.
وقالت: “إضافة إلى نشر أسماء وصور الجنود عبر الإنترنت، تراقب (هذه المنظمات) أيضا منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، على أمل أن ينشروا قصصا عن إجازتهم في بلجيكا أو زيارتهم إلى فرنسا أو رحلة إلى الولايات المتحدة أو الهند مثلا”.
واستطردت: “وفي تلك اللحظة يتم تقديم شكوى ضدهم إلى النيابة المحلية في الدولة التي يزورنها أو التماس إلى المحكمة للتحقيق معهم وتأخير مغادرتهم”.
وتابعت “ولهذا السبب، يُطلب من العسكريين الذين أبلغوا عن سفرهم إلى الخارج تجنب نشر مواقعهم في العالم، لكن رغم التحذيرات، إلا أن العديد من العسكريين لم يحذفوا منشورات حول مشاركتهم في حرب غزة”.
** ملاحقة كبار القادة
ووفق الصحيفة فإن “الإجراءات التي تهدد جنود الجيش وضباطه في ساحة القانون الدولي هي الإجراءات الجنائية المحلية، التي قد تبدأ بحقهم بعد وضع أسمائهم على “القوائم السوداء” للمنظمات المناصرة للفلسطينيين، أو المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي”.
وقالت: “يقدر مكتب المدعي العام العسكري أن المدعي العام في لاهاي (كريم خان) لن يتعامل مع الجنود أو القادة الصغار، لأنهم نفذوا تعليمات تلقوها في ساحة المعركة”.
واستدركت: “لكن ثمة مخاوف من أن تتخذ المحكمة الجنائية الدولية إجراءات ضد كبار الضباط الذين قادوا القوات، مثل قادة الفرق وقائد القيادة الجنوبية (غزة) أو قائد القوة الجوية، وبالتأكيد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي (هرتسي هاليفي)”.
الصحيفة نقلت عن الجيش الإسرائيلي تعليقه: “يمكن أن تستند الإجراءات الفردية ضد الجنود وصغار الضباط الذين يسافرون حول العالم إلى حكم المحكمة الجنائية الدولية، مع أسباب الحكم وما تُسمى الأدلة التي تم جمعها من الإنترنت ووسائل الإعلام”.
وأضاف الجيش: “إذا تم القبض على جندي أو ضابط بالخارج أو طُلب منه المثول للاستجواب أو شعر أنه ملاحق أو يتم تصويره، فستقدم إسرائيل المساعدة القانونية الفورية عبر السفارة المحلية أو غرفة العمليات بوزارة الخارجية”.
** جيش محامين
الصحيفة رجحت أنه “قد يصبح هذا الوضع أكثر تفجرا مع تراجع حدة القتال في غزة وفتح القطاع الفلسطيني بحرية أمام جولات منظمات حقوق الإنسان والصحفيين الأجانب”.
وقالت: “بناء على ذلك، تم تشكيل فريق موسع مشترك بين الوزارات، بقيادة وزارتي العدل والخارجية وإدارة القانون الدولي بمكتب المدعي العام العسكري”.
وأضافت: “كما استعانت إسرائيل بخدمات قانونية من محامين محليين في عشرات دول العالم، لرصد التغييرات في التشريعات والأحكام في هذه الدول فيما يتعلق بإسرائيل وقوانين الحرب المحلية”.
كما “سيراقبون (المحامون) النشاط المحلي الذي يتشكل ضد الجيش الإسرائيلي ومسؤولي الدولة، وإذا لزم الأمر، سيمثلون ويحمون الجنود والضباط في ذلك البلد”، وفق الصحيفة.
وذكرت أنه “يشارك في الفريق المشترك بين الوزارات ممثلون عن الموساد (المخابرات الخارجية) والشاباك (الأمن العام)”.
وأوضحت أن “الفريق سيصدر تقييمات دورية للوضع حسب تصنيفات المخاطر المنخفضة والمتوسطة والعالية، حيث يمكن اعتقال أو استجواب جندي في الجيش”.
ونقلت عن الجيش: “مثلا في دولة مثل جنوب إفريقيا (التي تقدمت أمام محكمة العدل الدولية بدعوى تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية بغزة)، صدرت مذكرات تحقيق بحق قادة وجنود إسرائيليين يحملون جنسية جنوب إفريقيا أيضا، وبينهم ضابط كبير”.
وأضاف الجيش: “في البلدان التي ليست أعضاء بالمحكمة الجنائية الدولية، مثل الولايات المتحدة والصين والهند، هناك تشريعات محلية بشأن قانون الحرب. من الجيد أنهم غير ملزمين بتنفيذ أوامر اعتقال صادرة عن المحكمة الدولية، ولكن قد يكون لديهم تشريعات محلية”.
ولفتت الصحيفة إلى أنه “في مقال موسع نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، نُشر ما لا يقل عن 11 وثيقة صورها جنود من الجيش الإسرائيلي خلال العام الماضي داخل غزة”.
وأوضحت أن “مقاطع الفيديو تتضمن، بين أمور أخرى، انفجارات وتدمير مبان وعمليات تهجير جماعي (لفلسطينيين) ومبان محترقة واعتقال فلسطينيين تم تجريدهم من معظم ملابسهم وتصريحات تفيد بأن مهمة الجنود في غزة هي الغزو والتهجير والاستيطان”.
وأضافت: “أسماء ووجوه جنود الجيش الذين يظهرون في المقال لم يتم التغطية عليها، لأنهم نشروا هذه المقاطع والصور على وسائل التواصل، مما يتسبب في أضرار جسيمة لإسرائيل وأضرار لأنفسهم، بينها خطر إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال”.
و”خلص خبراء قانونيون، فحصوا مقاطع الفيديو، إلى أنه في الحالات الأكثر خطورة، يوثق الجنود فعليا أدلة على ارتكابهم انتهاكات محتملة للقانون الإنساني الدولي”، وفق الصحيفة.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات