تشكل الغارات الإسرائيلية على مدينة صور جنوبي لبنان، منحى خطيرا وغير مسبوق في الحرب الدائرة منذ أكثر من عام، فهذه المدينة التاريخية تعد رابع كبرى المدن اللبنانية ومعروفة بآثارها وحضارتها ولها مكانة سياحية واقتصادية هامة.
والإثنين، نفذ الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات استهدفت أحياء في المدينة الواقعة على البحر الأبيض، عقب تهديدات أطلقها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، لإخلاء 4 شوارع رئيسية في مدينة صور.
** تنوع طائفي وسياسي
وهذه المرة الثانية التي تُستهدف فيها المدينة الجنوبية الواقعة على بعد 80 كيلومترا عن العاصمة بيروت، بعد أن ظلت المدينة بعيدة إلى حد كبير عن نيران الحرب المشتعلة بين “حزب الله” والجيش الإسرائيلي.
لكن المدينة التي يقطنها، حسب بعض التقديرات، أكثر من 150 ألف نسمة، لا تبعد عند الخط الأزرق الذي يفصل لبنان عن قواعد الجيش الإسرائيلي سوى بنحو 15 كلم.
ومع أن صور، تحظى بوجود قوي للشيعة ومؤيدي “حزب الله”، لكن تُعد موطنا أيضا للسنة والمسيحيين ومن كافة أطياف المجتمع اللبناني الذين لا تربطهم علاقة أيديولوجية أو سياسية مع الحزب، كما أن لـ”حركة امل” (الشيعية) التي يتزعمها رئيس مجلس النواب نبيه بري، نفوذ قوي فيها.
** ملكة البحار
وتعتبر صور، واحدة من أهم المدن في الحضارة الفينيقية على طول سواحل بحر البحر الأبيض المتوسط وتعرف باسم “ملكة البحار”.
فالمدينة القديمة تأسست حوالي عام 2750 قبل الميلاد، وتشكل شبه جزيرة تحيطها المياه من الجنوب والغرب والشمال.
وعلى مر التاريخ، اشتهرت مدينة صور بمصنوعاتها اليدوية، وبصناعة صبغة الأرجوان، والسفن، والزجاج الشفاف، وصيد الأسماك بطبيعة موقعها الجغرافي، إضافة الى شواطئها الصافية، ومرفئها القديم وأطلالها الرومانية، وأدرجت عام 1984 على لائحة التراث العالمي التابعة لليونسكو.
** حضارات متعاقبة
تاريخيا، خضعت المدينة لحكم الآشوريين والبابليين والفُرس، ثم احتلها الإسكندر الأكبر عام 332 قبل الميلاد، ثم تحت حكم الدولة الإسلامية في القرن السابع الميلادي، كما حكمها الصليبيون عام 1124 قبل أن تخضع للمماليك في عام 1291 ميلادي.
وفي عام 1516، دخلت صور تحت حكم الدولة العثمانية، وبعد الحرب العالمية الأولى، أصبحت صور جزءا من دولة لبنان عام 1920 عقب دخول المنطقة في حقبة “الانتداب” الفرنسي، ثم استقلال لبنان عام 1943.
والإثنين، زعم أدرعي، أن الجيش الإسرائيلي هاجم أهدافا لـ”حزب الله” في منطقة صور، منها مستودعات أسلحة وصواريخ مضادة للدروع، ومباني عسكرية، ومواقع استطلاع لوحدات عسكرية مختلفة”.
وبعد اشتباكات مع فصائل في لبنان، بينها “حزب الله”، بدأت عقب شن إسرائيل حرب إبادة جماعية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 أسفرت عن مقتل وإصابة أكثر من 143 ألف فلسطيني، وسعت تل أبيب منذ 23 سبتمبر/ أيلول الماضي نطاق الإبادة لتشمل معظم مناطق لبنان بما فيها العاصمة بيروت، عبر غارات جوية، كما بدأت غزوا بريا في جنوبه.
وأسفر العدوان على لبنان إجمالا عن ألفين و672 قتيلا و12 ألفا و468 جريحا، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، فضلا عن نحو مليون و200 ألف نازح، وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد 23 سبتمبر الماضي، وفق رصد الأناضول لبيانات رسمية لبنانية حتى مساء الأحد.
ويوميا يرد “حزب الله” بإطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة وقذائف مدفعية تستهدف مواقع عسكرية ومقار استخباراتية وتجمعات لعسكريين ومستوطنات، وبينما تعلن إسرائيل جانبا من خسائرها البشرية والمادية، تفرض الرقابة العسكرية تعتيما صارما على معظم الخسائر، حسب مراقبين.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات