غزة/ حسني نديم/ الأناضول
ـ إسلام العصار تقول للأناضول: مجزرة النصيرات التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي كأنها أهوال يوم القيامة، فالجميع يفر ممن حولهم، والجثث تملأ الشوارع والطرقات.
ـ أم إسلام العصار للأناضول عن مجزرة النصيرات: الانفجارات حولنا والغبار يملأ المكان والرؤية أصبحت معدومة.
“كأنها أهوال يوم القيامة، فالجميع يفر ممن حولهم، والجثث تملأ الشوارع والطرقات”، بهذه الكلمات بدأت الفلسطينية أم إسلام العصار، واحدة من شهود العيان، وصف مجزرة النصيرات التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي وسط قطاع غزة.
وتجلس العصار إلى جانب ابنة أخيها المصابة “بجراح خطيرة” في أحداث مجزرة النصيرات التي وقعت أمس السبت، وترقد في مستشفى شهداء الأقصى شرق دير البلح وسط قطاع غزة، لتلقي العلاج اللازم.
قصف في كل مكان
وتقول العصار لمراسل الأناضول: “ما حدث صعب للغاية ومفاجئ، كنا في منازلنا وشعرنا بحدث أربك المنطقة، فجأة سمعنا قصفًا في كل مكان، طائرات الكواد كابتر المسيرة أطلقت نيران أسلحتها الرشاشة تجاه الجميع”.
وتضيف وعلامات الذهول والحزن ظاهرة على وجهها الشاحب: “لم يكن هناك أي تنبيه أو انذار، فجأة بدأ الجيش الإسرائيلي القصف وإطلاق النار تجاه المنازل والمواطنين الآمنين، وكان منزل شقيقي أحد هذه المنازل، ودُمر على رؤوس زوجته وبناته الستة، والناس خرجت تركض في الشوارع هرباً دون أن تعرف ماذا يحدث وأين تتجه”.
خلال القصف الإسرائيلي، قتلت طفلتان من البنات الستة، وأصيبت الأربعة الأخريات ووالدتهن بجراح متفاوتة، وفقًا للعصار.
وتتابع القول: “لم يتمكّن البنات وأمهن من مغادرة المنزل بسبب شدة القصف وإطلاق النار بكثافة من الطائرات والقناصة، فدمرت منازل المنطقة على رؤوس ساكنيها ورؤوسهم، وكانت أحدى الفتيات مفقودة، وكنا نعتقد أنها استشهدت، لكن تم إبلاغنا في وقت متأخر من الليل أنها مصابة”.
وتبين العصار أن وضع شقيقتي رغد الأخريتين غير مستقر للغاية، حيث تعانيان من كسور في الجمجمة والقدم والفك، بينما تعاني شقيقتهما الكبيرة، الموجودة في مستشفى غزة الأوروبي، من حروق في الوجه، وإصابة بشظية في رأسها.
ما ذنب الأطفال؟
وتتساءل العصار: “ما ذنب هذه الطفلة وشقيقاتها ووالدتهن فيما حدث؟! ليس لهن ذنب بأي شيء، فلماذا يتم استهدافهن بهذه الطريقة المروعة؟”.
وبجانب العصار تقف شقيقتها “أم إسلام” بالقرب تقول عن مجزرة مخيم النصيرات: “حصار، انفجارات من حولنا، الغبار يملأ المكان، الرؤية أصبحت معدومة، الشهداء ملقون على الأرض، والدماء في كل مكان”.
وتضيف: “الجيش الإسرائيلي كان يقود عملية برية في البريج بالمنطقة الوسطى، فجأة تحولت إلى النصيرات وحاصروا المنطقتين وحاصروا المحافظة الوسطى بالكامل، وفجأة انقلبت الدنيا رأساً على عقب، وأصبح الشهداء ملقون على الأرض، حتى الأبرياء كبارًا أو صغارًا أصيبوا”.
وتتساءل أم بشار: “ما ذنب كل هؤلاء الشهداء والجرحى بهذه الحرب؟! وما ذنبهم لتُرتكب بحقهم مجزرة مروعة كهذه؟!”.
وتضيف العمة المكلومة: “انتشلنا طفلتان من بنات شقيقي الستة الشهيدات من تحت الركام، وتم اخراج الأم من تحت الركام مصابة بجراح خطيرة، وقد تم تشويه وجهها بشدة بسبب الشظايا الكبيرة، وشقيقتهن الثالثة مصابة بحروق شديدة وإصابة في عينيها ووجهها بالشظايا وحالتهم صعبة”.
ساحة معركة
فيما قال أحد شهود العيان الذي أصيب خلال العملية في فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي: “كنت أمشي في الشارع وجدت سيارة شحن متوقفة كانت تمتلئ بالأواني والأدوات، اعتقدنا أنها لنازحين قادمين من رفح”.
وأضاف: “لكن وجدنا تلك الشاحنة يخرج منها 10 من القوات الخاصة وتبدأ بإطلاق النار، وأصابتني بـ3 طلقات في صدري ويدي”.
وأوضح أن منطقة سوق النصيرات أصبحت مليئة بالانفجارات في كل مكان، مع شهداء ملقىً على الأرض ومصابين في كل مكان.
وأمس السبت، ذكرت مصادر محلية فلسطينية، أن القوة الإسرائيلية الخاصة التي حررت 4 أسرى من وسط قطاع غزة تسللت إلى مخيم النصيرات عبر شاحنة تستخدم مثيلاتها في نقل المساعدات الإنسانية.
وقالت المصادر للأناضول، إن “القوة الإسرائيلية الخاصة استخدمت في عملية التسلل إلى مخيم النصيرات، من أجل استعادة الأسرى، شاحنة نقل مغلقة ومركبة مدنية”.
وأضافت: “تنتشر مركبات النقل هذه في قطاع غزة، وتستخدم عادة في نقل البضائع والأثاث، لكنها باتت تستخدم بكثرة خلال الحرب الإسرائيلية في عمليات نقل المساعدات الإنسانية”.
وبعد ساعات من الحدث، ادعى متحدث الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر منصة “إكس” أن القوات الخاصة التي نفذت العملية “لم تدخل إلى منطقة النصيرات عبر شاحنة مساعدات كما لم تستخدم الرصيف الأمريكي العائم خلال العملية”، رغم تأكيد شبكة “سي إن إن” مساهمة خلية أمريكية في العملية.
وقبيل العملية العسكرية الإسرائيلية لتحرير الأسرى الإسرائيليين الأربعة، كان مخيم النصيرات يكتظ بالنازحين الذين نزحوا إليه من مناطق مختلفة جراء استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
تسلسل زمني للعملية الإسرائيلية
في تمام الساعة 11:30 بتوقيت فلسطين، تعرضت مناطق شرقي مدينة دير البلح ومخيمي البريج والمغازي لقصف مدفعي عنيف، وذلك بالتزامن مع تقدم الآليات العسكرية، بهدف تشتيت “المقاومة” عن مخيم النصيرات وسط قطاع غزة حيث كانت تجري العملية.
وفي نفس الوقت تقريبا، في تمام الساعة 11:30 أيضًا، وصلت القوة الإسرائيلية الخاصة إلى هدفها في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وبدأت بتنفيذ الهجوم.
في الساعة 11:35، اندلعت اشتباكات وسط مخيم النصيرات عقب اكتشاف القوة الخاصة الإسرائيلية، حيث تم رصد أعداد كبيرة من الطائرات المسيرة الإسرائيلية تحلق في سماء مخيم النصيرات، حيث قامت بإطلاق النار على كل من يتحرك في الشوارع.
وما أن انكشفت تلك القوة حتى بدأ الجيش في حدود الساعة 11:41، بشن قصفٍ مدفعي وجوي عنيف، استهدف مناطق شمال وغرب ووسط مخيم النصيرات، بهدف منع وصول أي تعزيزات للمقاومة الفلسطينية.
وفي ذلك الوقت، وصلت آليات عسكرية إسرائيلية عبر شارع الرشيد ودخلت المناطق الغربية لمخيم النصيرات لحماية القوات وتأمينها.
وبعد دقائق، في حوالي الساعة 11:42 هبطت مروحيات عسكرية إسرائيلية على شاطئ البحر بالقرب من الميناء الأمريكي وفي مناطق غرب مخيم النصيرات.
وفي تمام الساعة 11:55 تدخلت الزوارق الحربية الإسرائيلية في العملية وبدأت بقصف مناطق غربي مخيم النصيرات.
وبينما تستمر الغارات الإسرائيلية وإطلاق النار الكثيف، تدخلت آليات عسكرية من شارع صلاح الدين شرقي مخيم النصيرات، انطلاقا من محور نتساريم، في الساعة 11:56.
وبعد أكثر من ساعة من الغارات المكثفة وإطلاق النار، أطلق الجيش الإسرائيلي قنابل دخانية بشكل كثيف في كافة مناطق غرب مخيم النصيرات ومنطقة الزوايدة المحاذية لها من جهة الجنوب، للتغطية على عملية الانسحاب.
وفي حوالي الساعة 12:50، قامت الدبابات الإسرائيلية بانسحاب مع الأسرى بعد اشتباكات مع المقاومة الفلسطينية.
وبعد وقت قصير، وصلت القوات الإسرائيلية إلى الطائرات المروحية على شاطئ البحر في الميناء الأمريكي وسط قطاع غزة، حيث تم نقل الأسرى إلى إسرائيل.
وفي هذا السياق، توقف القصف على مخيم النصيرات بشكل تدريجي بعد وقوع مجزرة دامية نفذها الجيش الإسرائيلي.
والسبت، قتل 274 فلسطينيا بينهم 64 طفلا و57 امرأة وأصيب مئات المدنيين، في مجزرة ارتكبتها القوات الإسرائيلية بعد قصف مدفعي وجوي عنيف استهدف مخيم النصيرات بغزة، ما تسبب بموجة استنكار واسعة النطاق.
جاء ذلك أثناء تخليص الجيش الإسرائيلي 4 محتجزين مدنيين كانوا في قبضة حركة حماس، بينما أعلنت “كتائب القسام” الجناح العسكري للحركة، أن القصف الذي أسفر عن مقتل وإصابة مئات الفلسطينيين، أدى كذلك إلى مقتل 3 أسرى إسرائيليين لديها.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حربا على غزة خلفت أكثر من 121 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وتواصل إسرائيل حربها رغم قرار من مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح مدينة رفح جنوب القطاع، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال “إبادة جماعية”، وتحسين الوضع الإنساني المزري في غزة.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المصدر: وكالات